قوله تعالى: وَإِذا تُتْلى عَلَيْهِمْ يعني: تعرض عليهم آياتُنا بَيِّناتٍ يعني: واضحات، قد بين فيها الحلال والحرام قالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لِلَّذِينَ آمَنُوا يعني: النضر بن الحارث قال لأصحاب النبيّ ﷺ ويقال: أهل مكة قالوا لأصحاب النبيّ ﷺ أَيُّ الْفَرِيقَيْنِ يعني أيّ دينين خَيْرٌ مَقاماً، يعني: منزلاً. قرأ ابن كثير مَقاماً بضم الميم، وقرأ الباقون بالنصب، فمن قرأ بالضم فهو الإقامة، يقال: أقمت إقامة ومقاماً، ومن قرأ بالنصب فهو المكان الذي يقام فيه وَأَحْسَنُ نَدِيًّا يعني: مجلساً، وذلك أنهم لبسوا الثياب، وادّهنوا الرؤوس، ثم قالوا للمؤمنين: أيُّ الفريقين خير منزلةً: المسلمون أو المشركون؟ وأرادوا أن يصرفوهم عن دينهم.
قوله عز وجل: وَكَمْ أَهْلَكْنا قَبْلَهُمْ مِنْ قَرْنٍ هُمْ أَحْسَنُ أَثاثاً يعني: أكثر أموالا وَرِءْياً يعني: منظراً حسناً، فلم يُغن عنهم ذلك من عذاب الله شيئا. قرأ نافع وابن عامر وريّاً بتشديد الياء بغير همز، يعني: النعمة، وقرأ الباقون ورئياً بالهمز بغير تشديد، يعني:
المنظر. قال أبو عبيد: وهكذا تقرأ مهموزة لأنه من رؤية العين، وإنما هي المنظر.
ثم قال عز وجل: قُلْ مَنْ كانَ فِي الضَّلالَةِ يعني: قل يا محمد، من كان في الكفر والشرك فَلْيَمْدُدْ لَهُ الرَّحْمنُ مَدًّا يعني: يزيد له مالاً وولداً. قوله: فَلْيَمْدُدْ هذا لفظ الأمر، ومعناه الخبر، وتأويله: أن الله عز وجل جعل جزاء ضلالته أن يتركه فيها، ويمده فيها، كما قال وَيَمُدُّهُمْ فِي طُغْيانِهِمْ يَعْمَهُونَ [البقرة: 15] .
ثم قال تعالى: حَتَّى إِذا رَأَوْا ما يُوعَدُونَ يعني: في الآخرة من العذاب والثواب إِمَّا الْعَذابَ في الدنيا وَإِمَّا السَّاعَةَ يعني: قيام الساعة فَسَيَعْلَمُونَ يعني: فسيعرفون يوم القيامة مَنْ هُوَ شَرٌّ مَكاناً يعني: صنيعاً في الدنيا، ومنزلاً في الآخرة وَأَضْعَفُ جُنْداً يعني:
أقل عدداً وقوة ومنعة، أهم أم المؤمنون.
قوله عز وجل: وَيَزِيدُ اللَّهُ الَّذِينَ اهْتَدَوْا هُدىً يعني: يزيد الله عز وجل الذين آمنوا بالمنسوخ هدى بالناسخ، ليعملوا بالناسخ دون المنسوخ، ويقال: جعل جزاءهم أن يزيدهم في يقينهم، ويزيدهم بصيرة وَالْباقِياتُ الصَّالِحاتُ خَيْرٌ عِنْدَ رَبِّكَ ثَواباً وقد ذكرناه وَخَيْرٌ مَرَدًّا يعني: وأفضل مرجعاً في الآخرة.
{"ayahs_start":73,"ayahs":["وَإِذَا تُتۡلَىٰ عَلَیۡهِمۡ ءَایَـٰتُنَا بَیِّنَـٰتࣲ قَالَ ٱلَّذِینَ كَفَرُوا۟ لِلَّذِینَ ءَامَنُوۤا۟ أَیُّ ٱلۡفَرِیقَیۡنِ خَیۡرࣱ مَّقَامࣰا وَأَحۡسَنُ نَدِیࣰّا","وَكَمۡ أَهۡلَكۡنَا قَبۡلَهُم مِّن قَرۡنٍ هُمۡ أَحۡسَنُ أَثَـٰثࣰا وَرِءۡیࣰا","قُلۡ مَن كَانَ فِی ٱلضَّلَـٰلَةِ فَلۡیَمۡدُدۡ لَهُ ٱلرَّحۡمَـٰنُ مَدًّاۚ حَتَّىٰۤ إِذَا رَأَوۡا۟ مَا یُوعَدُونَ إِمَّا ٱلۡعَذَابَ وَإِمَّا ٱلسَّاعَةَ فَسَیَعۡلَمُونَ مَنۡ هُوَ شَرࣱّ مَّكَانࣰا وَأَضۡعَفُ جُندࣰا","وَیَزِیدُ ٱللَّهُ ٱلَّذِینَ ٱهۡتَدَوۡا۟ هُدࣰىۗ وَٱلۡبَـٰقِیَـٰتُ ٱلصَّـٰلِحَـٰتُ خَیۡرٌ عِندَ رَبِّكَ ثَوَابࣰا وَخَیۡرࣱ مَّرَدًّا"],"ayah":"وَإِذَا تُتۡلَىٰ عَلَیۡهِمۡ ءَایَـٰتُنَا بَیِّنَـٰتࣲ قَالَ ٱلَّذِینَ كَفَرُوا۟ لِلَّذِینَ ءَامَنُوۤا۟ أَیُّ ٱلۡفَرِیقَیۡنِ خَیۡرࣱ مَّقَامࣰا وَأَحۡسَنُ نَدِیࣰّا"}