الباحث القرآني

ثم قال تعالى: وَيَسْئَلُونَكَ عَنْ ذِي الْقَرْنَيْنِ، وكان اسمه اسكندر. وروي عن وهب بن منبه أنه قيل له: لم سمي ذا القرنين؟ فقال: «اختلف فيه أهل الكتاب، فقال بعضهم: لأنه ملك الروم وفارس، وقال بعضهم: لأنه كان في رأسه شبه القرنين، وقال بعضهم: لأنه بلغ قرني الشمس مشرقها ومغربها، فسماه الملك الذي عند قاف ذا القرنين، ويقال: رأى في المنام أنه دنا من الشمس وأخذ منها، فقصَّ رؤياه على قومه فسموه ذا القرنين» ، وقال الزجاج: «سمي ذا القرنين لأنه كان له ضفيرتان» . وعن علي بن أبي طالب كرم الله وجهه أنه قال: «ضرب على قرني رأسه، وقيل: لأنه بلغ قطر الأرض» وقال عكرمة: «كان ذو القرنين نبياً، ولقمان نبياً» ، والخضر نبياً، وروى مجاهد، عن عبد الله بن عمرو بن العاص: «كان ذو القرنين نبياً» ، وروي عن علي بن أبي طالب أنه سئل عن ذي القرنين، فقال: كان رجلا صالحا، وهكذا قال ابن عباس وجمعة من الصحابة: «أن ذا القرنين كان رجلاً صالحاً، ولقمان كان رجلا حكيما» ، وروي عن رسول الله ﷺ أنه سئل عن ذي القرنين فقال: «هو ملك يسيح في الأرض» وقال مجاهد: ملك الأرض أربعة، اثنان مؤمنان واثنان كافران. أما المؤمنان فسليمان بن داود وذو القرنين، وأما الكافران فالنمرود بن كنعان وبختنصر. قال تعالى: قُلْ سَأَتْلُوا عَلَيْكُمْ مِنْهُ ذِكْراً، أي: خبراً وعلماً من الله تعالى. إِنَّا مَكَّنَّا لَهُ فِي الْأَرْضِ، أي ملكناه وأعطيناه وَآتَيْناهُ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ سَبَباً، أي علماً. ويقال: أعطيناه علم الوصول إلى كل شيء يحتاج إليه من الحروف وغيرها، ويقال: علماً بالطريق فَأَتْبَعَ سَبَباً، أي أخذ طريقاً فسار إلى المغرب، حَتَّى إِذا بَلَغَ مَغْرِبَ الشَّمْسِ وَجَدَها تَغْرُبُ فِي عَيْنٍ حَمِئَةٍ قرأ ابن عامر وحمزة والكسائي وعاصم في رواية أبي بكر حَامِئَةٍ بالألف، وقرأ الباقون حَمِئَةٍ بغير ألف. فمن قرأ حَامِئَةٍ يعني: جائرة، ومن قرأ بغير ألف يعني: من طينة سوداء منتنة. وروي أن معاوية قرأ في عين حامة فقال ابن عباس: ما نقرؤها إلا حمئة، فسأل معاوية عبد الله بن عمرو: كيف تقرؤها؟ فقال: كما قرأتها. قال ابن عباس: «في بيتي نزل القرآن» ، فبعث معاوية إلى كعب يسأله: أين تجد الشمس تغرب في التوراة؟ قال: «في ماء وطين وقال: في مدرة سوداء» . قال القتبي حَمِئَةٍ ذات حمات، والحامية حارّة. وقرأ ابن كثير وأبو عمرو ونافع فَأَتْبَعَ بتشديد التاء وكذلك ما بعده، وقرأ الباقون فأتبع بنصب الألف وجزم التاء بغير تشديد. وَوَجَدَ عِنْدَها قَوْماً، أي عند العين التي تغرب فيها الشمس مؤمنين وكافرين، فظهر عليهم. قُلْنا يا ذَا الْقَرْنَيْنِ قال مقاتل: أوصى الله تعالى إليه، وقال ابن عباس: ألهمه الله تعالى. إِمَّا أَنْ تُعَذِّبَ، يعني: أن تقتل من كان كافراً وَإِمَّا أَنْ تَتَّخِذَ فِيهِمْ حُسْناً، يعني: تنعم عليهم وتغفر لمن كان مؤمناً. وقال بعضهم: كانوا كلهم كفاراً، قيل له: إما أن تعذب من لم يؤمن، وإما أن تتخذ فيهم حسنا لمن آمن.
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب