الباحث القرآني

قوله تعالى: وَتَرَى الشَّمْسَ إِذا طَلَعَتْ تَتَزاوَرُ عَنْ كَهْفِهِمْ، أي تميل وتنحرف عن كهفهم. ذاتَ الْيَمِينِ، وَإِذا غَرَبَتْ تَقْرِضُهُمْ، أي تجاوزهم. ويقال: تتركهم وتمر بهم، وأصل القرض: القطع، ومنه سمي المقراض. ذاتَ الشِّمالِ، أي شمال الكهف. وَهُمْ فِي فَجْوَةٍ مِنْهُ، أي في ناحية من الغار، ويقال: في متسع منه. فأخبر أنه بوأهم كهفاً مستقبلاً بنات نعش، والشمس تميل عنه وتستدير طالعة وغاربة، ولا تدخل عليهم فتؤذيهم بحرّها، ولا يحلفهم سمومها فيغير ألوانهم وتبلى أبدانهم، وكانوا في متسع منه ينالهم نسيم الريح، وينفي عنهم غمة الغار، والغمة: الهواء العفن، ويجوز الرفع النصب فِي فَجْوَةٍ مِنْهُ الغار وكربه. قوله: ذلِكَ مِنْ آياتِ اللَّهِ، أي: ذلك الخبر والذكر، ويقال: ذلك الذي فعل بهم واختار لهم المكان الموافق من عجائب الله ولطفه وكرمه. مَنْ يَهْدِ اللَّهُ فَهُوَ الْمُهْتَدِ، أي من يوفقه الله للهدى فهو المهتدي. وَمَنْ يُضْلِلْ فَلَنْ تَجِدَ لَهُ وَلِيًّا مُرْشِداً، أي موفقاً يرشده إلى التوحيد. قرأ نافع وابن عامر وعاصم في رواية أبي بكر: مِنْ أَمْرِكُمْ مِرفَقاً بنصب الميم وكسر الفاء، والباقون بكسر الميم ونصب الفاء ومعناهما واحد، وهو ما يرتفق به. وقرأ ابن كثير ونافع وأبو عمرو: تَتَزاوَرُ بتشديد الزاي مع الألف، لأن أصله: تتزاور أي: تميل، فأدغم وشدد الزاي. وقرأ ابن عامر تَزْورُّ بجزم الزاي وتشديد الراء، ومعنى ذلك كله واحد وهو الميل. قال الله تعالى: وَتَحْسَبُهُمْ أَيْقاظاً وَهُمْ رُقُودٌ، لأن عيونهم كانت مفتحة، ويقال: من كثرة تقلبهم ذات اليمين وذات الشمال. وَنُقَلِّبُهُمْ ذاتَ الْيَمِينِ وَذاتَ الشِّمالِ وذلك أن جبريل عليه السلام كان يقلبهم في كل سنة مرة لكيلا تأكل الأرض لحومهم، وهو قول ابن عباس. وقال مجاهد: مكثوا ثلاثمائة عام على شق واحد، وقلبوا في التسع سنين. وَكَلْبُهُمْ باسِطٌ ذِراعَيْهِ بِالْوَصِيدِ، أي مَاداً ذراعيه بفناء الباب. لَوِ اطَّلَعْتَ عَلَيْهِمْ لَوَلَّيْتَ مِنْهُمْ فِراراً، أي لو هجمت عليهم اليوم، لأدبرت فراراً من هيئتهم. وروى سعيد بن جابر، عن ابن عباس أنه قال: «غزا معاوية غزوة نحو الروم، فمروا بالكهف الذي فيه أصحاب الكهف، فقال معاوية: لو كشفنا عن هؤلاء فنظرنا إليهم، فقال ابن عباس: قد منع الله ذلك عمن هو خير منك، يعني: قال للنبي ﷺ لَوِ اطَّلَعْتَ عَلَيْهِمْ لَوَلَّيْتَ مِنْهُمْ فِراراً وَلَمُلِئْتَ مِنْهُمْ رُعْباً فقال معاوية: «لا أنتهي حتى أعلم علمهم، فبعث أناسا، فقال: اذهبوا فادخلوا الكهف، فلما ذهبوا ودخلوا، بعث الله تعالى ريحاً فأخرجتهم» .
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب