الباحث القرآني
ثم قال الله تعالى: وَآتَيْنا مُوسَى الْكِتابَ أي التوراة جملةً واحدةً وَجَعَلْناهُ أي:
الكتاب هُدىً لِبَنِي إِسْرائِيلَ أي: بياناً لهم من الضلالة، أي: دللناهم به على الهدى أَلَّا تَتَّخِذُوا مِنْ دُونِي وَكِيلًا يعني: ألاَّ تعبدوا من دوني ربّاً.
قوله: ذُرِّيَّةَ يعني: بالذرية مَنْ حَمَلْنا مَعَ نُوحٍ في السفينة في أصلاب الرجال وأرحام النساء. ويقال: معناه ألاّ تعبدوا ذُريةً من حملنا مع نوح مثل عيسى وعزيز. قرأ أبو عمرو أَن لا يَتَّخِذُواْ بالياء على معنى المغايبة، والخبر عنهم. أي: أعطيناك الكتاب لكيلا يتخذوا إلها غيري، وقرأ الباقون: بالتاء على معنى المخاطبة، أي: قل لهم لا تتخذوا إلها غيري.
ثم أثنى على نوح فقال تعالى: إِنَّهُ كانَ عَبْداً شَكُوراً أي: كان يحمد الله إذا أكل وشرب، واكتسى. ويقال: الشكور هو المبالغ في الشكر، أي: كان شاكراً في الأحوال كلها.
قوله: وَقَضَيْنا إِلى بَنِي إِسْرائِيلَ يقول: أعلمنا وبينّا كقوله: وَقَضَيْنا إِلَيْهِ ذلِكَ الْأَمْرَ [الحجر: 60] أي: أعلمناه، وبينّاه فِي الْكِتابِ أي: أخبرناهم في التوراة لَتُفْسِدُنَّ فِي الْأَرْضِ مَرَّتَيْنِ أي لتعصن فِى الارض، ولتهلكنّ فيها مرتين وَلَتَعْلُنَّ عُلُوًّا كَبِيراً أي: لتقهرن قهراً شديداً.
وروى عبد الرزاق، عن معمر، عن قتادة أنه قال: أما المرة الأولى فسلط الله عليهم جالوت، حتى بعث الله طالوت ومعه داود، فقتله داود، ثم رُدَّت الكرة لبني إسرائيل. ثم جاء وعد الآخرة من المرتين لِيَسُوؤُا وُجُوهَكُمْ [الإسراء: 7] أي: يقبحوا وجوهكم، وليدمروا تدميراً، وهو بُخْتَنَصَّر. وإن عدتم عدنا، فعادوا، فبعث الله عليهم محمداً ﷺ، فهم يعطون الجزية عن يدٍ وهم صاغرون. وروى ابن أبي نجيح عن مجاهد قال: وَعْدُ أُولاهُمَا: جاءتهم فارس معهم بختنصر، ثم رجعت فارس أي: أهل فارس معهم ولم يكن قتال، ونصرت بنو إسرائيل عليهم. فذلك وعد الأولى. فإذا كان وَعْدُ الآخرة، جاءهم بختنصر، ودمر عليهم.
وروى أسباط عن السدي: أن وعد الأولى كان ملك النبط، فجاسوا خلال الديار. ثم إن بني إسرائيل تجهزوا وغزوا النبط، فأصابوا منهم، واستنقذوا ما في أيديهم، فردت الكرة عليهم.
وكان بختنصر في ذلك الوقت يتيماً في ذلك العسكر، وخرج ليسأل شيئاً، فلما كبر وجمع الجيوش، وجاءهم، وخوفهم، وخرب البلدة.
قال القتبي: إن بختنصر غزاهم فرغبوا إلى الله وتابوا، فردَّ الله عنهم بعد أن فتحوا المدينة، وجالوا في أسواقهم. ثم أحدثوا، فبعث الله إليهم أرميا النبي عليه السلام فقام فيهم بوحي الله، فضربوه وقيدوه وحبسوه، فبعث الله تعالى إليهم عند ذلك بختنصر، ففعل ما فعل.
وقال الكلبي: لما عصوا الله تعالى، وهو أول الفسادين، سلط الله عليهم بختنصر، خرج من بابل فأتاهم بالشام، وظهر على بيت المقدس، فقتل منهم أربعين ألفاً ممن كان يقرأ التوراة، وأدخل بقيتهم أرضه. فمكثوا كذلك سبعين سنة حتى مات، ثم إن رجلاً من همدان يقال له:
كورش غزا أهل بابل فظهر عليهم وسكن الدار، وتزوج امرأة من بني إسرائيل، وطلبت إلى زوجها أن يرد قومها إلى أرضهم، ففعل، فردهم إلى أرض بيت المقدس، فمكثوا فيها، فرجعوا إلى أحسن ما كانوا عليه. ثم عادوا فعصوا المرة الثانية، فسلط الله عليهم ملكاً من ملوك الروم يقال له: إسبسيانوس، فحاصرهم سنين ثم مات. فبعث الله عليهم ابنه ططيوس بن إسبسيانوس الرومي، فحاصرهم، ثم بعد ذلك ملكهم، فقتل منهم مائة ألف، وثمانين ألفاً حتى قتل يحيى بن زكريا وسبى منهم مثل ذلك، وخرب بيت المقدس فلم يزل خراباً حتى بناه المؤمنون في زمن عمر رضي الله عنه. فذلك قوله: فَإِذا جاءَ وَعْدُ أُولاهُما يقول: أول الفسادين بَعَثْنا عَلَيْكُمْ
أي: سلطنا عليكم عِباداً لَنا أُولِي بَأْسٍ شَدِيدٍ يعني: ذوي قتال شديد فَجاسُوا خِلالَ الدِّيارِ يقول: قتلوكم وسط الأزقة. وقال القتبي فَجاسُوا أي: عاثوا، وأفسدوا.
ويكون فَجاسُوا بمعنى دخلوا بالفساد وَكانَ وَعْداً مَفْعُولًا أي: كائناً لئن فعلتم، لأفعلن بكم.
{"ayahs_start":2,"ayahs":["وَءَاتَیۡنَا مُوسَى ٱلۡكِتَـٰبَ وَجَعَلۡنَـٰهُ هُدࣰى لِّبَنِیۤ إِسۡرَ ٰۤءِیلَ أَلَّا تَتَّخِذُوا۟ مِن دُونِی وَكِیلࣰا","ذُرِّیَّةَ مَنۡ حَمَلۡنَا مَعَ نُوحٍۚ إِنَّهُۥ كَانَ عَبۡدࣰا شَكُورࣰا","وَقَضَیۡنَاۤ إِلَىٰ بَنِیۤ إِسۡرَ ٰۤءِیلَ فِی ٱلۡكِتَـٰبِ لَتُفۡسِدُنَّ فِی ٱلۡأَرۡضِ مَرَّتَیۡنِ وَلَتَعۡلُنَّ عُلُوࣰّا كَبِیرࣰا","فَإِذَا جَاۤءَ وَعۡدُ أُولَىٰهُمَا بَعَثۡنَا عَلَیۡكُمۡ عِبَادࣰا لَّنَاۤ أُو۟لِی بَأۡسࣲ شَدِیدࣲ فَجَاسُوا۟ خِلَـٰلَ ٱلدِّیَارِۚ وَكَانَ وَعۡدࣰا مَّفۡعُولࣰا"],"ayah":"ذُرِّیَّةَ مَنۡ حَمَلۡنَا مَعَ نُوحٍۚ إِنَّهُۥ كَانَ عَبۡدࣰا شَكُورࣰا"}
- أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.
أمّهات
جامع البيان
تفسير الطبري
نحو ٢٨ مجلدًا
تفسير القرآن العظيم
تفسير ابن كثير
نحو ١٩ مجلدًا
الجامع لأحكام القرآن
تفسير القرطبي
نحو ٢٤ مجلدًا
معالم التنزيل
تفسير البغوي
نحو ١١ مجلدًا
جمع الأقوال
منتقاة
عامّة
عامّة
فتح البيان
فتح البيان للقنوجي
نحو ١٢ مجلدًا
فتح القدير
فتح القدير للشوكاني
نحو ١١ مجلدًا
التسهيل لعلوم التنزيل
تفسير ابن جزي
نحو ٣ مجلدات
موسوعات
أخرى
لغة وبلاغة
معاصرة
الميسر
نحو مجلد
المختصر
المختصر في التفسير
نحو مجلد
تيسير الكريم الرحمن
تفسير السعدي
نحو ٤ مجلدات
أيسر التفاسير
نحو ٣ مجلدات
القرآن – تدبّر وعمل
القرآن – تدبر وعمل
نحو ٣ مجلدات
تفسير القرآن الكريم
تفسير ابن عثيمين
نحو ١٥ مجلدًا
مركَّزة العبارة
تفسير الجلالين
نحو مجلد
جامع البيان
جامع البيان للإيجي
نحو ٣ مجلدات
أنوار التنزيل
تفسير البيضاوي
نحو ٣ مجلدات
مدارك التنزيل
تفسير النسفي
نحو ٣ مجلدات
الوجيز
الوجيز للواحدي
نحو مجلد
تفسير القرآن العزيز
تفسير ابن أبي زمنين
نحو مجلدين
آثار
غريب ومعاني
السراج في بيان غريب القرآن
غريب القرآن للخضيري
نحو مجلد
الميسر في غريب القرآن الكريم
الميسر في الغريب
نحو مجلد
تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن قتيبة
نحو مجلد
التبيان في تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن الهائم
نحو مجلد
معاني القرآن وإعرابه
معاني الزجاج
نحو ٤ مجلدات
معاني القرآن
معاني القرآن للنحاس
نحو مجلدين
معاني القرآن
معاني القرآن للفراء
نحو مجلدين
مجاز القرآن
مجاز القرآن لمعمر بن المثنى
نحو مجلد
معاني القرآن
معاني القرآن للأخفش
نحو مجلد
أسباب النزول
إعراب ولغة
الإعراب الميسر
نحو ٣ مجلدات
إعراب القرآن
إعراب القرآن للدعاس
نحو ٤ مجلدات
الجدول في إعراب القرآن وصرفه وبيانه
الجدول في إعراب القرآن
نحو ٨ مجلدات
الدر المصون
الدر المصون للسمين الحلبي
نحو ١٠ مجلدات
اللباب
اللباب في علوم الكتاب
نحو ٢٤ مجلدًا
إعراب القرآن وبيانه
إعراب القرآن للدرويش
نحو ٩ مجلدات
المجتبى من مشكل إعراب القرآن
مجتبى مشكل إعراب القرآن
نحو مجلد
إعراب القرآن
إعراب القرآن للنحاس
نحو ٣ مجلدات
تحليل كلمات القرآن
نحو ٩ مجلدات
الإعراب المرسوم
نحو ٣ مجلدات
المجمّع
بالرسم الجديد
بالرسم القديم
حفص عن عاصم
شُعْبة عن عاصم
قالون عن نافع
ورش عن نافع
البَزِّي عن ابن كثير
قُنبُل عن ابن كثير
الدُّوري عن أبي عمرو
السُّوسِي عن أبي عمرو
نستعليق