قوله عز وجل: وَأَلْقَوْا إِلَى اللَّهِ يَوْمَئِذٍ السَّلَمَ أي: استسلموا وخضعوا وانقادوا. العابد والمعبود، والتابع والمتبوع، خضعوا كلهم يومئذ لله تعالى وَضَلَّ عَنْهُمْ أي: اشتغل عنهم آلهتهم بأنفسهم مَّا كانُوا يَفْتَرُونَ أي: يختلفون، ويقال: بطل عنهم مَّا كَانُواْ يقولون من الكذب في الدنيا.
ثم بين عذابهم فقال: الَّذِينَ كَفَرُوا وَصَدُّوا عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ أي: صرفوا الناس عن دين الإسلام زِدْناهُمْ عَذاباً فَوْقَ الْعَذابِ فوق عذاب السفلة. ويقال: التابع والمتبوع زدناهم في كل وقت عذاباً مع العذاب. وقال مقاتل: يجري الله عليهم خمسة أنهار من نحاس ذائب، ثلاثة أنهار في وقت الليل، واثنان في وقت النهار بِما كانُوا يُفْسِدُونَ في الدنيا. وقال الكلبي نحو هذا.
قال الفقيه أبو الليث: حدثنا محمد بن الفضل. قال: حدثنا محمد بن جعفر. قال: حدثنا إبراهيم بن يوسف، عن عبيد الله، عن إسرائيل، عن السدي، عن مرة، عن عبد الله بن مسعود في قوله: زِدْناهُمْ عَذاباً فَوْقَ الْعَذابِ قال: «أفاعي في النار» . وعن ابن مسعود قال: «زيدوا عقارب في النار، أنيابها كالنخل الطوال» . وعن مجاهد قال: «في النار عقارب كالبغال، أنيابهن كالرماح، تضرب إحداهن على رأسه فيسقط لحمه على قدميه» . ويقال: يسألون الله تعالى المطر في ألف سنة ليسكن ما بهم من شدة الحر والغم، فتظهر لهم سحابة فيظنون أنها تمطر عليهم الغيث، فإذا هي تمطر عليهم الحيات والعقارب. ويقال: يسلط عليهم الجوع. ويقال: الجرب.
قوله عز وجل: وَيَوْمَ نَبْعَثُ فِي كُلِّ أُمَّةٍ شَهِيداً عَلَيْهِمْ مِنْ أَنْفُسِهِمْ أي: رسولاً من الآدميين وَجِئْنا بِكَ يا محمد شَهِيداً عَلى هؤُلاءِ أي: على أمتك وَنَزَّلْنا عَلَيْكَ الْكِتابَ أي: القرآن تِبْياناً لِكُلِّ شَيْءٍ من الأمر والنهي. إلا أن بعضه مفسر، وبعضه مجمل يحتاج إلى الاستخراج والاستنباط. وقال مجاهد: ما يسأل الناس عن شيء إلا في كتاب الله تبيانه، ثم قرأ:
تِبْياناً لِكُلِّ شَيْءٍ وقال علي بن أبي طالب: «كل شيء علمه في الكتاب إلا أن آراء الرجال تعجز عنه» .
ثم قال: وَهُدىً وَرَحْمَةً أي هُدىً من الضلالة وَرَحْمَةً أي: نعمة من العذاب لمن آمن به وعمل بما فيه وَبُشْرى لِلْمُسْلِمِينَ بالجنة.
{"ayahs_start":87,"ayahs":["وَأَلۡقَوۡا۟ إِلَى ٱللَّهِ یَوۡمَىِٕذٍ ٱلسَّلَمَۖ وَضَلَّ عَنۡهُم مَّا كَانُوا۟ یَفۡتَرُونَ","ٱلَّذِینَ كَفَرُوا۟ وَصَدُّوا۟ عَن سَبِیلِ ٱللَّهِ زِدۡنَـٰهُمۡ عَذَابࣰا فَوۡقَ ٱلۡعَذَابِ بِمَا كَانُوا۟ یُفۡسِدُونَ","وَیَوۡمَ نَبۡعَثُ فِی كُلِّ أُمَّةࣲ شَهِیدًا عَلَیۡهِم مِّنۡ أَنفُسِهِمۡۖ وَجِئۡنَا بِكَ شَهِیدًا عَلَىٰ هَـٰۤؤُلَاۤءِۚ وَنَزَّلۡنَا عَلَیۡكَ ٱلۡكِتَـٰبَ تِبۡیَـٰنࣰا لِّكُلِّ شَیۡءࣲ وَهُدࣰى وَرَحۡمَةࣰ وَبُشۡرَىٰ لِلۡمُسۡلِمِینَ"],"ayah":"وَأَلۡقَوۡا۟ إِلَى ٱللَّهِ یَوۡمَىِٕذٍ ٱلسَّلَمَۖ وَضَلَّ عَنۡهُم مَّا كَانُوا۟ یَفۡتَرُونَ"}