الباحث القرآني

قوله: أَوَلَمْ يَرَوْا قرأ حمزة والكسائي تَرَوْاْ بالتاء على معنى المخاطبة وقرأ الباقون: بالياء على معنى المغايبة يعني: أو لم يعتبروا إِلى مَا خَلَقَ اللَّهُ مِنْ شَيْءٍ عند طلوع الشمس وعند غروبها يَتَفَيَّؤُا ظِلالُهُ يعني: يدور ظلاله عَنِ الْيَمِينِ وَالشَّمائِلِ قال القتبي: أصل الفيء الرجوع، وتفيؤ الظلال: رجوعها من جانب إلى جانب سُجَّداً لِلَّهِ وَهُمْ داخِرُونَ أي: صاغرون ويقال: وهم مطيعون. وأصل السجود التطأطؤ والميل. يقال: سجد البعير إذا تطأطأ، وسجدت النخلة إذا مالت، ثم قد يستعار السجود ويوضع موضع الاستسلام والطاعة، ودوران الظل من جانب إلى جانب هو سجوده لأنه مستسلم، منقاد، مطيع. فذلك قوله: سُجَّداً لِلَّهِ وَهُمْ داخِرُونَ. ثم قال تعالى: وَلِلَّهِ يَسْجُدُ أي: يستسلم مَا فِي السَّماواتِ من الملائكة، والشمس، والقمر، والنجوم، وَما فِي الْأَرْضِ مِنْ دابَّةٍ أي: يسجد لله جميع ما في الارض من دآبة وَالْمَلائِكَةُ يعني: وما على الأرض من الملائكة. ويقال: فيه تقديم وتأخير، ومعناه: ما في السموات من الملائكة، وَمَا فِى الارض من دابة. ويقال: معناه يسجد له جميع ما في السَّموات وما في الارض يعني: الدواب، والملائكة يعني: الذين هم في السموات والأرض. وَهُمْ لاَ يَسْتَكْبِرُونَ أي: لا يتعظمون عن السجود لله تعالى يَخافُونَ رَبَّهُمْ مِنْ فَوْقِهِمْ أي: يخافون الله تعالى. وروي عن النبيّ ﷺ أنه قال: «إن لله تَعَالَى مَلائِكَةً فِي السَّمَاءِ السّابعة سجودا مُذْ خَلَقَهُمُ الله تَعَالَى إلَى يَوْمِ القِيَامَةِ، تُرْعَدُ فَرَائِصُهُمْ مِنْ مَخَافَةِ الله تَعَالَى، فَإِذا كَانَ يَوْمُ القِيَامَةِ رَفَعُوا رُؤُوسَهُمْ فَقَالُوا: ما عَبَدْنَاكَ حَقَّ عِبَادَتِكَ، فَذَلِكَ قَوْلُهُ: يَخافُونَ رَبَّهُمْ مِنْ فَوْقِهِمْ أي: يخافون خوفا، معظمين، مجلّين. ويقال: خوفهم بالقهر والغلبة والسلطان. ويقال: معناه يخافون ربهم الذي على العرش كما وصف نفسه، والطريق الأول أصحّ كقوله: يَدُ اللَّهِ فَوْقَ أَيْدِيهِمْ [الفتح: 10] أي: بالقهر والغلبة والسلطان وَيَفْعَلُونَ ما يُؤْمَرُونَ أي: لا يعصون الله تعالى طرفة عين. قرأ أبو عمرو: يَتَفَيَّؤُا بالتاء بلفظ التأنيث، وقرأ الباقون: بالياء لأن تأنيثه ليس بحقيقي ولأن الفعل مقدم فيجوز أن يذكر ويؤنث.
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب