ثمّ قال: فَأَصابَهُمْ سَيِّئاتُ مَا عَمِلُوا أي: جزاء ما عملوا وَحاقَ بِهِمْ أي: نزل بهم مَّا كانُوا بِهِ يَسْتَهْزِؤُنَ من العذاب إنه غير نازل بهم.
قوله: وَقالَ الَّذِينَ أَشْرَكُوا أي: أهل مكة لَوْ شاءَ اللَّهُ مَا عَبَدْنا مِنْ دُونِهِ مِنْ شَيْءٍ قالوا ذلك على وجه الاستهزاء، يعني: أن الله قد شاء لنا ذلك الذي نَحْنُ فيه وَلا آباؤُنا ولكن شاء لنا ولآبائنا وَلا حَرَّمْنا مِنْ دُونِهِ مِنْ شَيْءٍ ولكن شاء لنا ولآبائنا من تحريم البحيرة والسائبة وأمرنا به، ولو لم يشأ، ما حَرَّمْنا مِنْ دُونِهِ مِنْ شَيْءٍ.
قال الله تعالى: كَذلِكَ فَعَلَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ يقول: هكذا كَذَّبَ الذين مِن قَبْلِهِمْ من الأمم فَهَلْ عَلَى الرُّسُلِ إِلَّا الْبَلاغُ أي: تبليغ الرسالة الْمُبِينُ أي: يبيّنوا لهم ما أمروا به.
قوله: وَلَقَدْ بَعَثْنا فِي كُلِّ أُمَّةٍ أي: في كل جماعة رَسُولًا كما بعثناك إلى أهل مكة أَنِ اعْبُدُوا اللَّهَ أي: وحدوا الله، وأطيعوه وَاجْتَنِبُوا الطَّاغُوتَ أي: اتركوا عبادة الطاغوت، وهو: الشيطان، والكاهن، والصنم، فَمِنْهُمْ مَنْ هَدَى اللَّهُ لدينه، وهم الذين أجابوا الرسل للإيمان وَمِنْهُمْ مَنْ حَقَّتْ عَلَيْهِ الضَّلالَةُ فلم يجب الرسل إلى الإيمان فَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ يقول: سافروا في الأرض فَانْظُرُوا كَيْفَ كانَ عاقِبَةُ الْمُكَذِّبِينَ يقول: اعتبروا كيف كان آخر أمر المكذبين.
فلما نزلت هذه الآية، قرأها ﷺ عليهم فلم يؤمنوا، فنزل: إِنْ تَحْرِصْ عَلى هُداهُمْ يعني: على إيمانهم فَإِنَّ اللَّهَ لاَ يَهْدِي مَنْ يُضِلُّ يقول: من يضلل الله وعلم أنه أهل لذلك، وقدر عليه ذلك. قال مقاتل: فَإِنَّ الله لاَ يَهْدِى مَن يُضِلُّ، يقول: مَنْ يُضْلِلِ اللَّهُ فَلا هادِيَ لَهُ [الأعراف: 186] قرأ أهل الكوفة: حمزة، وعاصم، والكسائي: لاَّ يَهْدِي بنصب الياء وكسر الدال، أي: لا يهدي من يضلله الله. وقرأ الباقون: لاَّ يَهِدِّى بضم الياء، ونصب الدال، على معنى فعل ما لم يسم فاعله. وقال إبراهيم بن الحكم: سألت أبي عن قوله تعالى: فَإِنَّ اللَّهَ لاَ يَهْدِي مَنْ يُضِلُّ فقال: قال عكرمة: قال ابن عباس: «من يضلله الله لا يهدى» وَما لَهُمْ مِنْ ناصِرِينَ أي: من مانعين من نزول العذاب.
{"ayahs_start":34,"ayahs":["فَأَصَابَهُمۡ سَیِّـَٔاتُ مَا عَمِلُوا۟ وَحَاقَ بِهِم مَّا كَانُوا۟ بِهِۦ یَسۡتَهۡزِءُونَ","وَقَالَ ٱلَّذِینَ أَشۡرَكُوا۟ لَوۡ شَاۤءَ ٱللَّهُ مَا عَبَدۡنَا مِن دُونِهِۦ مِن شَیۡءࣲ نَّحۡنُ وَلَاۤ ءَابَاۤؤُنَا وَلَا حَرَّمۡنَا مِن دُونِهِۦ مِن شَیۡءࣲۚ كَذَ ٰلِكَ فَعَلَ ٱلَّذِینَ مِن قَبۡلِهِمۡۚ فَهَلۡ عَلَى ٱلرُّسُلِ إِلَّا ٱلۡبَلَـٰغُ ٱلۡمُبِینُ","وَلَقَدۡ بَعَثۡنَا فِی كُلِّ أُمَّةࣲ رَّسُولًا أَنِ ٱعۡبُدُوا۟ ٱللَّهَ وَٱجۡتَنِبُوا۟ ٱلطَّـٰغُوتَۖ فَمِنۡهُم مَّنۡ هَدَى ٱللَّهُ وَمِنۡهُم مَّنۡ حَقَّتۡ عَلَیۡهِ ٱلضَّلَـٰلَةُۚ فَسِیرُوا۟ فِی ٱلۡأَرۡضِ فَٱنظُرُوا۟ كَیۡفَ كَانَ عَـٰقِبَةُ ٱلۡمُكَذِّبِینَ","إِن تَحۡرِصۡ عَلَىٰ هُدَىٰهُمۡ فَإِنَّ ٱللَّهَ لَا یَهۡدِی مَن یُضِلُّۖ وَمَا لَهُم مِّن نَّـٰصِرِینَ"],"ayah":"فَأَصَابَهُمۡ سَیِّـَٔاتُ مَا عَمِلُوا۟ وَحَاقَ بِهِم مَّا كَانُوا۟ بِهِۦ یَسۡتَهۡزِءُونَ"}