الباحث القرآني
قوله عز وجل: إِنَّما جُعِلَ السَّبْتُ عَلَى الَّذِينَ اخْتَلَفُوا فِيهِ يقول: إنما أمروا في السبت بالقعود عن العمل عَلَى الَّذِينَ اخْتَلَفُوا فِيهِ أي: في يوم الجمعة. وذلك أن موسى عليه السلام أمرهم أن يتفرغوا لله تعالى في كل سبعة أيام يوماً واحداً، فيعبدوه ولا يعملوا فيه شيئاً من أمر الدنيا، وستة أيام لصناعتهم ومعايشهم، ويتفرغوا في يوم الجمعة. فأبوا أن يقبلوا ذلك اليوم، وقالوا: إنَّما نختار السبت، اليوم الذي فرغ الله فيه من أمر الخلق. فجعل ذلك عليهم، وشدد عليهم، ثم جاءهم عيسى بالجمعة، فاختاروا يوم الأحد. وقال مجاهد: إِنَّما جُعِلَ السَّبْتُ عَلَى الَّذِينَ اخْتَلَفُوا فِيهِ أي: في السبت اتَّبعوه، وتركوا الجمعة. وروى همام عن أبي هريرة أنه قال:
قال النبي ﷺ: «نَحْنُ الآخِرُونَ السَّابِقُونَ يَوْمَ القِيَامَةِ وَأوتِينَاهُ مِنْ بَعْدِهِمْ يوم الجمعة، فهذا يومهم الذي اختلفوا فيه، فهدانا الله له، فهم لنا فيه تبع، واليهود غداً، والنصارى بعد غد» [[حديث أبي هريرة: أخرجه البخاري (876) و (2956) (6624) (7036) ومسلم (855) والنسائي 3/ 85- 87 وأحمد 2/ 243، 249، 273.]] .
ثم قال: وَإِنَّ رَبَّكَ لَيَحْكُمُ بَيْنَهُمْ أي: يقضي بينهم يَوْمَ الْقِيامَةِ فِيما كانُوا فِيهِ يَخْتَلِفُونَ من الدين، فبيّن لهم الحق معاينة.
ثم قال عز وجل: ادْعُ إِلى سَبِيلِ رَبِّكَ أي: إلى دين ربك، وإلى طاعة ربك بِالْحِكْمَةِ أي: بالنبوة والقرآن وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ أي: عظهم بالقرآن وَجادِلْهُمْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ أي: حاججهم، وناظرهم بالحجة والبيان. ويقال: باللين. وفي الآية دليل أن المناظرة والمجادلة في العلم جائزة، إذا قصد بها إظهار الحق. وهذا مثل قوله: وَلا تُجادِلُوا أَهْلَ الْكِتابِ إِلَّا بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ [العنكبوت: 46] وقوله: فَلا تُمارِ فِيهِمْ إِلَّا مِراءً ظاهِراً [الكهف:
22] .
ثم قال: إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ بِمَنْ ضَلَّ عَنْ سَبِيلِهِ أي: عن دينه وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ لدينه.
قوله عز وجل: وَإِنْ عاقَبْتُمْ فَعاقِبُوا بِمِثْلِ مَا عُوقِبْتُمْ بِهِ قال ابن عباس: «وذلك حين قتل المشركون حمزة بن عبد المطلب عم رسول الله ﷺ يوم أحد ومثلوا به، فقال النبيّ ﷺ: «لَئِنْ أمْكَنَنَا اللَّهُ لَنُمَثِّلَنَّ بِالأحْيَاءِ فَضْلاً عَنِ الأمْوَاتِ» . فنزل وَإِنْ عاقَبْتُمْ فَعاقِبُوا بِمِثْلِ مَا عُوقِبْتُمْ بِهِ الآية، وقال محمد بن كعب القرظي: «لما رأى رسول الله ﷺ حمزة بالحال التي هو بها حين مثل به، فقال النبي ﷺ: «لَئِنْ ظَفِرْتُ بِقُرَيْشٍ لأمَثِّلَنَّ بِثَلاثِينَ مِنْهُمْ» . فلما رأى أصحاب رسول الله ﷺ ما به من الوجع. قالوا: لئن ظفرنا بهم لنمثلن بهم مثلة لم يمثلها أحد من العرب بأحد [[عزاه السيوطي: 5/ 179 إلى ابن المنذر والطبراني وابن مردويه والبيهقي في الدلائل عن ابن عباس.]] . فنزل وَإِنْ عاقَبْتُمْ أي فَعَاقِبُواْ بِمِثْلِ مَا عُوقِبْتُمْ به وَلَئِنْ صَبَرْتُمْ فلم تعاقبوا ولم تمثلوا لَهُوَ خَيْرٌ لِلصَّابِرِينَ من المثلة أي: ثواب الصبر خير من المكافأة، ثم صارت الآية عامة في وجوب القصاص: أنه لا يجوز إلا مثلاً بمثل، والعفو أفضل.
{"ayahs_start":124,"ayahs":["إِنَّمَا جُعِلَ ٱلسَّبۡتُ عَلَى ٱلَّذِینَ ٱخۡتَلَفُوا۟ فِیهِۚ وَإِنَّ رَبَّكَ لَیَحۡكُمُ بَیۡنَهُمۡ یَوۡمَ ٱلۡقِیَـٰمَةِ فِیمَا كَانُوا۟ فِیهِ یَخۡتَلِفُونَ","ٱدۡعُ إِلَىٰ سَبِیلِ رَبِّكَ بِٱلۡحِكۡمَةِ وَٱلۡمَوۡعِظَةِ ٱلۡحَسَنَةِۖ وَجَـٰدِلۡهُم بِٱلَّتِی هِیَ أَحۡسَنُۚ إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعۡلَمُ بِمَن ضَلَّ عَن سَبِیلِهِۦ وَهُوَ أَعۡلَمُ بِٱلۡمُهۡتَدِینَ","وَإِنۡ عَاقَبۡتُمۡ فَعَاقِبُوا۟ بِمِثۡلِ مَا عُوقِبۡتُم بِهِۦۖ وَلَىِٕن صَبَرۡتُمۡ لَهُوَ خَیۡرࣱ لِّلصَّـٰبِرِینَ"],"ayah":"وَإِنۡ عَاقَبۡتُمۡ فَعَاقِبُوا۟ بِمِثۡلِ مَا عُوقِبۡتُم بِهِۦۖ وَلَىِٕن صَبَرۡتُمۡ لَهُوَ خَیۡرࣱ لِّلصَّـٰبِرِینَ"}
- أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.
أمّهات
جامع البيان
تفسير الطبري
نحو ٢٨ مجلدًا
تفسير القرآن العظيم
تفسير ابن كثير
نحو ١٩ مجلدًا
الجامع لأحكام القرآن
تفسير القرطبي
نحو ٢٤ مجلدًا
معالم التنزيل
تفسير البغوي
نحو ١١ مجلدًا
جمع الأقوال
منتقاة
عامّة
عامّة
فتح البيان
فتح البيان للقنوجي
نحو ١٢ مجلدًا
فتح القدير
فتح القدير للشوكاني
نحو ١١ مجلدًا
التسهيل لعلوم التنزيل
تفسير ابن جزي
نحو ٣ مجلدات
موسوعات
أخرى
لغة وبلاغة
معاصرة
الميسر
نحو مجلد
المختصر
المختصر في التفسير
نحو مجلد
تيسير الكريم الرحمن
تفسير السعدي
نحو ٤ مجلدات
أيسر التفاسير
نحو ٣ مجلدات
القرآن – تدبّر وعمل
القرآن – تدبر وعمل
نحو ٣ مجلدات
تفسير القرآن الكريم
تفسير ابن عثيمين
نحو ١٥ مجلدًا
مركَّزة العبارة
تفسير الجلالين
نحو مجلد
جامع البيان
جامع البيان للإيجي
نحو ٣ مجلدات
أنوار التنزيل
تفسير البيضاوي
نحو ٣ مجلدات
مدارك التنزيل
تفسير النسفي
نحو ٣ مجلدات
الوجيز
الوجيز للواحدي
نحو مجلد
تفسير القرآن العزيز
تفسير ابن أبي زمنين
نحو مجلدين
آثار
غريب ومعاني
السراج في بيان غريب القرآن
غريب القرآن للخضيري
نحو مجلد
الميسر في غريب القرآن الكريم
الميسر في الغريب
نحو مجلد
تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن قتيبة
نحو مجلد
التبيان في تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن الهائم
نحو مجلد
معاني القرآن وإعرابه
معاني الزجاج
نحو ٤ مجلدات
معاني القرآن
معاني القرآن للنحاس
نحو مجلدين
معاني القرآن
معاني القرآن للفراء
نحو مجلدين
مجاز القرآن
مجاز القرآن لمعمر بن المثنى
نحو مجلد
معاني القرآن
معاني القرآن للأخفش
نحو مجلد
أسباب النزول
إعراب ولغة
الإعراب الميسر
نحو ٣ مجلدات
إعراب القرآن
إعراب القرآن للدعاس
نحو ٤ مجلدات
الجدول في إعراب القرآن وصرفه وبيانه
الجدول في إعراب القرآن
نحو ٨ مجلدات
الدر المصون
الدر المصون للسمين الحلبي
نحو ١٠ مجلدات
اللباب
اللباب في علوم الكتاب
نحو ٢٤ مجلدًا
إعراب القرآن وبيانه
إعراب القرآن للدرويش
نحو ٩ مجلدات
المجتبى من مشكل إعراب القرآن
مجتبى مشكل إعراب القرآن
نحو مجلد
إعراب القرآن
إعراب القرآن للنحاس
نحو ٣ مجلدات
تحليل كلمات القرآن
نحو ٩ مجلدات
الإعراب المرسوم
نحو ٣ مجلدات
المجمّع
بالرسم الجديد
بالرسم القديم
حفص عن عاصم
شُعْبة عن عاصم
قالون عن نافع
ورش عن نافع
البَزِّي عن ابن كثير
قُنبُل عن ابن كثير
الدُّوري عن أبي عمرو
السُّوسِي عن أبي عمرو
نستعليق