الباحث القرآني

قوله تعالى: وَلَوْ أَنَّ قُرْآناً سُيِّرَتْ بِهِ الْجِبالُ وذلك أن عبد الله بن أمية وغيره من كفار مكة قالوا للنبي ﷺ: سيّر لنا جبال مكة ذهباً وفضة حتى نعلم أنك صادق في مقالتك، أو قرب أسفارنا كما فعل سليمان بن داود بريحه، أو كلم موتانا كما فعل عيسى بدعائه، فنزل وَلَوْ أَنَّ قُرْآناً سُيِّرَتْ بِهِ الْجِبالُ عن أماكنها أَوْ قُطِّعَتْ بِهِ الْأَرْضُ غُدُوُّهَا شَهْرٌ، وَرَوَاحُهَا شَهْرٌ أَوْ كُلِّمَ بِهِ الْمَوْتى فلم يذكر جوابه، لأن في الكلام دليلاً عليه. يعني: لو فعلنا ذلك بقرآن قبل قرآن محمد ﷺ، لفعلنا ذلك بقرآن محمد ﷺ. ويقال: لو فعل أحد من الأنبياء ما سألتموني، لفعلت لكم، ولكن الأمر إلى الله تعالى، أن شاء فعل، وإن شاء لم يفعل، فذلك قوله تعالى: بَلْ لِلَّهِ الْأَمْرُ جَمِيعاً ويقال: معناه، ولو أن قرانا سيرت به الجبال عن أماكنها، أو قطعت به الأرض، أو كلم به الموتى، لم يؤمنوا به، وهذا كقوله: وَلَوْ أَنَّنا نَزَّلْنا إِلَيْهِمُ الْمَلائِكَةَ وَكَلَّمَهُمُ الْمَوْتى وَحَشَرْنا عَلَيْهِمْ كُلَّ شَيْءٍ قُبُلًا [الأنعام: 111] الآية إلى قوله: ما كانُوا لِيُؤْمِنُوا [الأنعام: 111] بَلْ لِلَّهِ الْأَمْرُ جَمِيعاً إن شاء هدى من كان أهلاً لذلك، وإن شاء لم يهد من لم يكن أهلاً لذلك. قوله تعالى: أَفَلَمْ يَيْأَسِ الَّذِينَ آمَنُوا قال الحسن وقتادة: أفلم يعلم الذين آمنوا وقال الفراء: لم أجد في العربية مثل هذا، ويقال: معناه أفلم يتبيّن للذين آمنوا. ويقال: هو من الإياس. ومعناه: أفلم ييأس الذين آمنوا من إيمان هؤلاء الذين وصفهم الله تعالى بأنهم لا يؤمنون أَنْ لَوْ يَشاءُ اللَّهُ لَهَدَى النَّاسَ جَمِيعاً يعني: إنهم لم يكونوا أهلاً لذلك، فلم يهدهم. وروى ابن أبان بإسناده عن عكرمة، عن ابن عباس، أنه كان يقرأ أَفَلَمْ يَتَبَيَّنَ للذين آمنوا فقيل له: إنها أَفَلَمْ يَيْأَسِ الَّذِينَ آمَنُوا فقال: «إني أرى الكاتب كتبها وهو ناعس» . وروي في خبر آخر: أن نافع بن الأزرق، سأل ابن عباس عن قوله: أَفَلَمْ يَيْأَسِ قال: أفلم يعلم الذين آمنوا. وقال ابن عباس: أما سمعت مالك بن عوف وهو يقول: قد يئس الأقوام أني أنا ابنه ... وإن كنت عن أرض العشيرة نائيا ثم قال: وَلا يَزالُ الَّذِينَ كَفَرُوا يعني: أهل مكة تُصِيبُهُمْ بِما صَنَعُوا قارِعَةٌ يعني: نكبة وشدة. ويقال: قارِعَةٌ داهية تقرع، ويقال: لكل مهلكة قارعة، ويقال: نازلة تنزل لأمر شديد. فالمراد هنا: سرية من سرايا رسول الله ﷺ تأتيهم، وتصيبهم من ذلك شدة أَوْ تَحُلُّ قَرِيباً مِنْ دارِهِمْ يعني: تنزل أنت يا محمد بجماعة أصحابك قريباً من دارهم، يعني: من مكة، وذلك أن النبيّ ﷺ سار بجنوده حتى أتى عسفان، ثم بعث مائتي راكب حتى انتهوا قريباً من مكة، ثم قال: حَتَّى يَأْتِيَ وَعْدُ اللَّهِ يعني: فتح مكة. قالوا: هذه الآية مدنية. ثم قال: إِنَّ اللَّهَ لا يُخْلِفُ الْمِيعادَ أي: بفتح مكة على النبيّ ﷺ.
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب