الباحث القرآني

قوله تعالى: أَفَمَنْ يَعْلَمُ أَنَّما أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ الْحَقُّ يعني: يعلم أن القرآن الذي أنزل من الله تعالى هو الحق كَمَنْ هُوَ أَعْمى يعني: كمن هو لا يعلم. ويقال: أَفَمَنْ يَعْلَمُ أن ما ذكر من المثل حق كمن لا يعلم. وهذا كقوله: فَأَمَّا الَّذِينَ آمَنُوا فَيَعْلَمُونَ أَنَّهُ الْحَقُّ مِنْ رَبِّهِمْ [البقرة: 26] يعني: المثل. ويقال: أَفَمَنْ يَعْلَمُ يقول: أفمن يرغب في الحق أي يعلم، أن ما أنزل إليك من ربك هو الحق كَمَنْ هُوَ أَعْمى يعني: كمن لا يرغب فيه ثم قال: إِنَّما يَتَذَكَّرُ أُولُوا الْأَلْبابِ يعني: يتعظ بما أنزل إليك من القرآن ذوو العقول من الناس، وهم المؤمنون. ثم وصفهم فقال تعالى: الَّذِينَ يُوفُونَ بِعَهْدِ اللَّهِ يعني: العهد الذي بينهم وبين الله تعالى، والعهد الذي بينهم وبين الناس وَلا يَنْقُضُونَ الْمِيثاقَ يعني: الميثاق الذي أخذ عليهم يوم الميثاق. ويقال: يعني: الميثاق الذي أخذ على أهل الكتاب في كتابهم. قوله: وَالَّذِينَ يَصِلُونَ مَا أَمَرَ اللَّهُ بِهِ أَنْ يُوصَلَ يعني: يصلون الأرحام ولا يقطعونها، وقال: يعني: الإيمان بجميع الأنبياء وَيَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ يعني: يمتنعون عما نهاهم الله تعالى عنه، والخشية من الله: الامتناع عن المحرمات والمعاصي وَيَخافُونَ سُوءَ الْحِسابِ يعني: شدّة الحساب. قوله: وَالَّذِينَ صَبَرُوا يعني: صبروا عن المعاصي، وصبروا عن أداء الفرائض، وصبروا على المصائب والشدائد، وصبروا على أذى الكفار والمنافقين ابْتِغاءَ وَجْهِ رَبِّهِمْ يعني: صبروا على ما ذكر ابتغاء مرضاة الله تعالى وَأَقامُوا الصَّلاةَ يعني: أتموها بركوعها وسجودها في مواقيتها وَأَنْفَقُوا مِمَّا رَزَقْناهُمْ يعني: من الأموال سِرًّا وَعَلانِيَةً يعني: يتصدقون في الأحوال كلها، ظاهراً وباطناً. ويقال: مرة يتصدقون سراً مخافة الرياء، ومرة يتصدقون علانية لكي يقتدى بهم. ويقال: يتصدقون صدقة التطوع في السر، ويتصدّقون صدقة الفريضة في العلانية وَيَدْرَؤُنَ بِالْحَسَنَةِ السَّيِّئَةَ يقول: يدفعون بالكلام الحسن السيئة. يعني: الكلام القبيح، فهذا كله صفة ذوي الألباب، وهم الذين استجابوا لربهم. ثم بيّن ثوابهم ومرجعهم في الآخرة فقال: أُولئِكَ لَهُمْ عُقْبَى الدَّارِ يعني: هؤلاء لهم الجنة، وهم المهاجرون والأنصار، ومن كان في مثل حالهم إلى يوم القيامة. ثم قال تعالى: جَنَّاتُ عَدْنٍ يَدْخُلُونَها وَمَنْ صَلَحَ يعني: ومن آمن وأطاع الله تعالى مِنْ آبائِهِمْ وَأَزْواجِهِمْ وَذُرِّيَّاتِهِمْ يدخلون أيضاً جنات عدن وهذا كقوله: أَلْحَقْنا بِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ [الطور: 21] وَالْمَلائِكَةُ يَدْخُلُونَ عَلَيْهِمْ مِنْ كُلِّ بابٍ ويسلمون عليهم، ويقولون لهم: سَلامٌ عَلَيْكُمْ بِما صَبَرْتُمْ على أمر الله تعالى وطاعته فَنِعْمَ عُقْبَى الدَّارِ يعني: نعم العاقبة الجنة. فقد بيّن حال الذين استجابوا لربهم، والذين يعلمون أن الذى أُنزِلَ إليك هو الحق. ثم بيّن حال الذين لم يستجيبوا له، وهم الذين ينقضون الميثاق، فقال تعالى: وَالَّذِينَ يَنْقُضُونَ عَهْدَ اللَّهِ مِنْ بَعْدِ مِيثاقِهِ يعني: من بعد تأكيده وتغليظه، يعني: بعد إقرارهم بالتوحيد يوم الميثاق وَيَقْطَعُونَ مَا أَمَرَ اللَّهُ بِهِ أَنْ يُوصَلَ يعني: الأرحام. ويقال: الإيمان بالنبيّين وَيُفْسِدُونَ فِي الْأَرْضِ بالدعاء إلى عِبادة غير الله تعالى أي عبادة الأوثان م أُوْلَئِكَ لَهُمُ اللعنة يعني: يلعنهم في الدنيا والآخرة وَلَهُمْ سُوءُ الدَّارِ يعني: سوء المرجع. ويقال: لَهُمُ اللَّعْنَةُ. يعني: هم مطرودون من رحمة الله تعالى في الدنيا والآخرة، وَلَهُمْ سُوءُ الدَّارِ يعني: عذاب النار في الآخرة.
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب