قوله: قالُوا يا شُعَيْبُ أَصَلاتُكَ تَأْمُرُكَ يعني: قال له قومه. قرأ حمزة والكسائي وعاصم في رواية حفص: أَصَلاتُكَ بلفظ الوحدان يعني: أقراءتك، ويقال: أدعاؤك يأمرك. وقرأ الباقون: أصلواتك بلفظ الجماعة، يعني: أكثرة صلواتك تأمرك أَنْ نَتْرُكَ ما يَعْبُدُ آباؤُنا وكان شعيب كثير الصلاة، أَوْ أَنْ نَفْعَلَ فِي أَمْوالِنا ما نَشؤُا من نقصان الكيل والوزن؟ إِنَّكَ لَأَنْتَ الْحَلِيمُ الرَّشِيدُ يعني: السفيه الضال استهزاء منهم به.
قالَ شعيب يا قَوْمِ أَرَأَيْتُمْ إِنْ كُنْتُ عَلى بَيِّنَةٍ مِنْ رَبِّي يعني: على دين وطاعة وبيان وأتاني رحمة من ربي، وَرَزَقَنِي مِنْهُ رِزْقاً حَسَناً يعني: بعثني بالرسالة فهداني لدينه، ووسع عليَّ من رزقه. وقال الزجاج: جواب الشرط هاهنا متروك، والمعنى: إن كنت على بينة من ربي، أتبع الضلال، فترك الجواب لعلم المخاطبين بالمعنى.
ثم قال: وَما أُرِيدُ أَنْ أُخالِفَكُمْ إِلى مَا أَنْهاكُمْ عَنْهُ يعني: لا أنهاكم عن شيء، وأعمل ذلك العمل، من نقصان الكيل والوزن. ويقال: ومعناه، أختار لكم ما أختار لنفسي نصيحة لكم وشفقة عليكم، إِنْ أُرِيدُ إِلَّا الْإِصْلاحَ يقول: ما أريد إلا العدل مَا اسْتَطَعْتُ يعني: ما قدرت، يعني: لا أترك جهدي في بيان ما فيه مصلحة لكم.
ثم قال: وَما تَوْفِيقِي إِلَّا بِاللَّهِ يعني: وما تركي هذه الأشياء ودعوتي لكم إِلَّا بِاللَّهِ أي إلا بتوفيق الله وبأمره، عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ يعني: وثقت به وَإِلَيْهِ أُنِيبُ أقبل إليه وأدعو الله بالطاعة.
ثم قال: وَيا قَوْمِ لاَ يَجْرِمَنَّكُمْ شِقاقِي يعني: لا يحملنكم بغضي وعداوتي، أن لا تتوبوا إلى ربكم، أَنْ يُصِيبَكُمْ يعني: يقع بكم العذاب، مِثْلُ ما أَصابَ قَوْمَ نُوحٍ يعني: مثل عذاب قوم نوح بالغرق، أَوْ قَوْمَ هُودٍ بالريح، أَوْ قَوْمَ صالِحٍ بالصيحة، فإن طال عهدكم بهم، فاعتبروا بمن أقرب منكم، وهم قوم لوط، فقال: وَما قَوْمُ لُوطٍ مِنْكُمْ بِبَعِيدٍ يعني: كان هلاكهم قريباً منكم، ولا يخفى عليكم أمرهم.
{"ayahs_start":87,"ayahs":["قَالُوا۟ یَـٰشُعَیۡبُ أَصَلَوٰتُكَ تَأۡمُرُكَ أَن نَّتۡرُكَ مَا یَعۡبُدُ ءَابَاۤؤُنَاۤ أَوۡ أَن نَّفۡعَلَ فِیۤ أَمۡوَ ٰلِنَا مَا نَشَـٰۤؤُا۟ۖ إِنَّكَ لَأَنتَ ٱلۡحَلِیمُ ٱلرَّشِیدُ","قَالَ یَـٰقَوۡمِ أَرَءَیۡتُمۡ إِن كُنتُ عَلَىٰ بَیِّنَةࣲ مِّن رَّبِّی وَرَزَقَنِی مِنۡهُ رِزۡقًا حَسَنࣰاۚ وَمَاۤ أُرِیدُ أَنۡ أُخَالِفَكُمۡ إِلَىٰ مَاۤ أَنۡهَىٰكُمۡ عَنۡهُۚ إِنۡ أُرِیدُ إِلَّا ٱلۡإِصۡلَـٰحَ مَا ٱسۡتَطَعۡتُۚ وَمَا تَوۡفِیقِیۤ إِلَّا بِٱللَّهِۚ عَلَیۡهِ تَوَكَّلۡتُ وَإِلَیۡهِ أُنِیبُ","وَیَـٰقَوۡمِ لَا یَجۡرِمَنَّكُمۡ شِقَاقِیۤ أَن یُصِیبَكُم مِّثۡلُ مَاۤ أَصَابَ قَوۡمَ نُوحٍ أَوۡ قَوۡمَ هُودٍ أَوۡ قَوۡمَ صَـٰلِحࣲۚ وَمَا قَوۡمُ لُوطࣲ مِّنكُم بِبَعِیدࣲ"],"ayah":"قَالُوا۟ یَـٰشُعَیۡبُ أَصَلَوٰتُكَ تَأۡمُرُكَ أَن نَّتۡرُكَ مَا یَعۡبُدُ ءَابَاۤؤُنَاۤ أَوۡ أَن نَّفۡعَلَ فِیۤ أَمۡوَ ٰلِنَا مَا نَشَـٰۤؤُا۟ۖ إِنَّكَ لَأَنتَ ٱلۡحَلِیمُ ٱلرَّشِیدُ"}