الباحث القرآني
قوله تعالى: وَيَصْنَعُ الْفُلْكَ يعني: ينحت السفينة. ويقال: إن الله تعالى أمره بأن يغرس الأشجار، فغرسها حتى أدركت، وقطعها حتى يبست، ثم اتخذ منها السفينة، فاستأجر أجراء ينحتون معه. وَكُلَّما مَرَّ عَلَيْهِ مَلَأٌ مِنْ قَوْمِهِ يعني: الأشراف من قومه سَخِرُوا مِنْهُ يعني:
استهزءوا به، وكانوا يقولون: إن الذي يزعم أنه نبي صار نجاراً، ومرة كانوا يقولون: أتجعل للماء إكافاً فأين الماء. قالَ لهم نوح إِنْ تَسْخَرُوا مِنَّا فَإِنَّا نَسْخَرُ مِنْكُمْ يعني: إن تسخروا منا اليوم، فإنا نسخر منكم بعد الهلاك، يعني: يصيبكم جزاء السخرية، كَما تَسْخَرُونَ منا، يعني: بما تسخرون ويقال إن تستجهلوا بنا بهذا الفعل، فإنا نستجهلكم بترك الإيمان، كما تستجهلوننا فَسَوْفَ تَعْلَمُونَ يعني: تعرفون بعد هذا من أحق بالسخرية، وهذا وعيد لهم، فَسَوْفَ تَعْلَمُونَ يعني: تعرفون مَنْ يَأْتِيهِ عَذابٌ يُخْزِيهِ يعني: يهلكه ويذله وَيَحِلُّ عَلَيْهِ عَذابٌ مُقِيمٌ يعني: ينزل عليه عذاب دائم، لا ينقطع عنه أبدا.
قوله تعالى: حَتَّى إِذا جاءَ أَمْرُنا يعني: قولنا بالعذاب، ويقال: حتما إذا جاء عذابنا، وهو الغرق وَفارَ التَّنُّورُ يعني: نبع الماء من أسفل التنور. وقال مقاتل: التنور الذي يخبز فيه في أقصى ديار بالشام- وقال ابن عباس: وَفارَ التَّنُّورُ يعني: نبع الماء من وجه الأرض [[ما بين معقوفتين ساقط من النسخة: «ب» .]] - وقال علي بن أبي طالب: وَفارَ التَّنُّورُ «يعني: طلوع الفجر، أي تنوّر الصبح» ، يعني: إذا طلع الفجر، كان وقت الهلاك. وروي عن عليّ رضي الله عنه أيضاً أنه قال: فار منه التنور وجرت منه السفينة، إلى مسجد بالكوفة قُلْنَا احْمِلْ فِيها يعني: في السفينة مِنْ كُلٍّ زَوْجَيْنِ اثْنَيْنِ يعني: من كل صنفين وَأَهْلَكَ يعني: واحمل أهلك فيها معك إِلَّا مَنْ سَبَقَ عَلَيْهِ الْقَوْلُ بالغرق، يعني: سوى من قدرت عليه الشقاوة والكفر، فلا تحمله، يعني: امرأته الكافرة، وابنه كنعان، وَمَنْ آمَنَ يعني: واحمل في السفينة من آمن معك.
قال الفقيه: أخبرني الثقة، بإسناده عن وهب بن منبه، قال: «أمر نوح بأن يحمل مِن كُلّ زَوْجَيْنِ اثنين، فقال: رب كيف أصنع بالأسد والبقرة؟ وكيف أصنع بالذئب والعناق؟ وكيف أصنع بالحمام والهرة؟ قال: يا نوح من ألقى بينهم العداوة؟ قال: أنت يا رب، قال: فإني أؤلف بينهم حتى يتراضوا» .
قال الفقيه: حدثنا الخليل بن أحمد، قال: حدثنا الماسرخسي، قال: حدثنا إسحاق، قال: حدثنا قبيصة بن عقبة، قال: حدّثنا سفيان، عن علي بن زيد، عن يوسف بن مهران، عن ابن عباس، قال: «كثر الفأر في السفينة، حتى خافوا على حبال السفينة، فأوحى الله تعالى إلى نوح، أن امسح عن جبهة الأسد فمسحها، فعطس، فخرج منها سنوران، فأكلا الفئران. وكثرت العذرة في السفينة، فشكوا إلى نوح، فأوحى الله تعالى إلى نوح: أن امسح ذنب الفيل، فمسحه فخرج خنزير، فأكل العذرة» . وفي خبر آخر: «فخرج منه خنزيران فأكلا العذرة» . قال الفقيه، أبو الليث رحمه الله: وفي خبر وهب بن منبه دليل أن الهرة كانت من قبل. وفي هذا الخبر أن الهرة لم تكن من قبل، والله أعلم بالصواب منهما.
وروي عن ابن عباس أنه قال: «لما فار الماء من التنور، فأرسل الله تعالى من السماء مطرا شديدا، فأقبلت الوحوش حين أصابتها المطر إلى نوح، وسخرت له، فحمل في السفينة مِن كُلّ طير زوجين، ومن كل دابة زوجين، ومن كل بهيمة زوجين، ومن كل سبع زوجين، يعني:
الذكر والأنثى. فقال نوح: رب هذه الحية والعقرب، كيف أصنع بهما؟ فبعث الله تعالى جبريل، فقطع فقار العقرب، وضرب فم الحية. وكان نوح عليه السلام جعل للسفينة ثلاثة أبواب، بعضها أسفل من بعض، فجعل في الباب الأسفل: السباع والهوام، وجعل في الباب الأوسط:
البهائم والوحوش، وجعل في الباب الأعلى: بني آدم من ذكر منهم» ، فذلك قوله تعالى: وَما آمَنَ مَعَهُ إِلَّا قَلِيلٌ قال ابن عباس: «هم ثمانون إنساناً» ، وقال الأعمش في قوله: وَما آمَنَ مَعَهُ إِلَّا قَلِيلٌ قال: كان نوح، وثلاثة بنين، ونساؤهم. وقال مقاتل: كانوا أربعين رجلاً، وأربعين امرأة. قرأ عاصم في رواية حفص: مِنْ كُلٍّ بالتنوين، يعني: من كل شيء، ثُمَّ قال زَوْجَيْنِ على وجه التفسير للكل، وقرأ الباقون: مِنْ كُلٍّ زَوْجَيْنِ بغير تنوين، على معنى الإضافة.
{"ayahs_start":38,"ayahs":["وَیَصۡنَعُ ٱلۡفُلۡكَ وَكُلَّمَا مَرَّ عَلَیۡهِ مَلَأࣱ مِّن قَوۡمِهِۦ سَخِرُوا۟ مِنۡهُۚ قَالَ إِن تَسۡخَرُوا۟ مِنَّا فَإِنَّا نَسۡخَرُ مِنكُمۡ كَمَا تَسۡخَرُونَ","فَسَوۡفَ تَعۡلَمُونَ مَن یَأۡتِیهِ عَذَابࣱ یُخۡزِیهِ وَیَحِلُّ عَلَیۡهِ عَذَابࣱ مُّقِیمٌ","حَتَّىٰۤ إِذَا جَاۤءَ أَمۡرُنَا وَفَارَ ٱلتَّنُّورُ قُلۡنَا ٱحۡمِلۡ فِیهَا مِن كُلࣲّ زَوۡجَیۡنِ ٱثۡنَیۡنِ وَأَهۡلَكَ إِلَّا مَن سَبَقَ عَلَیۡهِ ٱلۡقَوۡلُ وَمَنۡ ءَامَنَۚ وَمَاۤ ءَامَنَ مَعَهُۥۤ إِلَّا قَلِیلࣱ"],"ayah":"فَسَوۡفَ تَعۡلَمُونَ مَن یَأۡتِیهِ عَذَابࣱ یُخۡزِیهِ وَیَحِلُّ عَلَیۡهِ عَذَابࣱ مُّقِیمٌ"}
- أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.
أمّهات
جامع البيان
تفسير الطبري
نحو ٢٨ مجلدًا
تفسير القرآن العظيم
تفسير ابن كثير
نحو ١٩ مجلدًا
الجامع لأحكام القرآن
تفسير القرطبي
نحو ٢٤ مجلدًا
معالم التنزيل
تفسير البغوي
نحو ١١ مجلدًا
جمع الأقوال
منتقاة
عامّة
عامّة
فتح البيان
فتح البيان للقنوجي
نحو ١٢ مجلدًا
فتح القدير
فتح القدير للشوكاني
نحو ١١ مجلدًا
التسهيل لعلوم التنزيل
تفسير ابن جزي
نحو ٣ مجلدات
موسوعات
أخرى
لغة وبلاغة
معاصرة
الميسر
نحو مجلد
المختصر
المختصر في التفسير
نحو مجلد
تيسير الكريم الرحمن
تفسير السعدي
نحو ٤ مجلدات
أيسر التفاسير
نحو ٣ مجلدات
القرآن – تدبّر وعمل
القرآن – تدبر وعمل
نحو ٣ مجلدات
تفسير القرآن الكريم
تفسير ابن عثيمين
نحو ١٥ مجلدًا
مركَّزة العبارة
تفسير الجلالين
نحو مجلد
جامع البيان
جامع البيان للإيجي
نحو ٣ مجلدات
أنوار التنزيل
تفسير البيضاوي
نحو ٣ مجلدات
مدارك التنزيل
تفسير النسفي
نحو ٣ مجلدات
الوجيز
الوجيز للواحدي
نحو مجلد
تفسير القرآن العزيز
تفسير ابن أبي زمنين
نحو مجلدين
آثار
غريب ومعاني
السراج في بيان غريب القرآن
غريب القرآن للخضيري
نحو مجلد
الميسر في غريب القرآن الكريم
الميسر في الغريب
نحو مجلد
تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن قتيبة
نحو مجلد
التبيان في تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن الهائم
نحو مجلد
معاني القرآن وإعرابه
معاني الزجاج
نحو ٤ مجلدات
معاني القرآن
معاني القرآن للنحاس
نحو مجلدين
معاني القرآن
معاني القرآن للفراء
نحو مجلدين
مجاز القرآن
مجاز القرآن لمعمر بن المثنى
نحو مجلد
معاني القرآن
معاني القرآن للأخفش
نحو مجلد
أسباب النزول
إعراب ولغة
الإعراب الميسر
نحو ٣ مجلدات
إعراب القرآن
إعراب القرآن للدعاس
نحو ٤ مجلدات
الجدول في إعراب القرآن وصرفه وبيانه
الجدول في إعراب القرآن
نحو ٨ مجلدات
الدر المصون
الدر المصون للسمين الحلبي
نحو ١٠ مجلدات
اللباب
اللباب في علوم الكتاب
نحو ٢٤ مجلدًا
إعراب القرآن وبيانه
إعراب القرآن للدرويش
نحو ٩ مجلدات
المجتبى من مشكل إعراب القرآن
مجتبى مشكل إعراب القرآن
نحو مجلد
إعراب القرآن
إعراب القرآن للنحاس
نحو ٣ مجلدات
تحليل كلمات القرآن
نحو ٩ مجلدات
الإعراب المرسوم
نحو ٣ مجلدات
المجمّع
بالرسم الجديد
بالرسم القديم
حفص عن عاصم
شُعْبة عن عاصم
قالون عن نافع
ورش عن نافع
البَزِّي عن ابن كثير
قُنبُل عن ابن كثير
الدُّوري عن أبي عمرو
السُّوسِي عن أبي عمرو
نستعليق