الباحث القرآني

قال الله تعالى: وَأَوْحَيْنا إِلى مُوسى وَأَخِيهِ هارون، وذلك لما منعهم فرعون وقومه الصَّلاة علانية، وخرّبوا مساجدهم أَنْ تَبَوَّءا لِقَوْمِكُما بِمِصْرَ بُيُوتاً يعني: اتّخذوا لقومكما بمصر مساجد في جوف البيوت وَاجْعَلُوا بُيُوتَكُمْ قِبْلَةً يعني: مساجد فتصلون فيها. ويقال: وَاجْعَلُوا بُيُوتَكُمْ قِبْلَةً أي: حَوِّلُوا بيوتكم نحو القبلة. وقال مجاهد: كانوا يصلون في البِيَعِ، فأمرهم أن يصلوا في البيوت. وقال إبراهيم النخْعِيُّ: كانوا خائفين، فأمرهم بالصَّلاة في بيوتهم. وكان إبراهيم النخعِيِّ خائفاً من الحجَّاج، وكان يصلي في بيته. ثم قال تعالى: وَأَقِيمُوا الصَّلاةَ يعني: أتموها بركوعها وسجودها، ولم يأمرهم بالزكاة، لأن فرعون قد استعبدهم، وأخذ أموالهم، فلم يكن لهم مال يجب عليهم الزّكاة فيه. ثم قال للنبي ﷺ وَبَشِّرِ الْمُؤْمِنِينَ يعني: المصدقين بتوحيد الله تعالى بالجنة. قرأ عاصم في رواية حفص: أَنْ تَبَوَّءا بلا همز، لأنه كره همزة بين حرفين فجعلها ياء. وقرأ الباقون بغير ياء بالهمزة، إلا أنه روي عن حمزة أنه كان يهمز. قوله تعالى: وَقالَ مُوسى رَبَّنا إِنَّكَ آتَيْتَ فِرْعَوْنَ وَمَلَأَهُ، وذلك أن أهل مصر لما عُذِّبُوا بالطُّوفان والجراد والسنين، قالوا: لَئِنْ كَشَفْتَ عَنَّا الرِّجْزَ لَنُؤْمِنَنَّ لَكَ [الأعراف: 134] ، ثمّ نكثوا العهد ولم يؤمنوا، فغضب موسى عليهم، ودعا الله تعالى عليهم، وقال: رَبَّنا إِنَّكَ آتَيْتَ فِرْعَوْنَ وَمَلَأَهُ يعني: أعطيت فرعون وملأة زينة، يعني: الأشراف من قومه أعطيتهم زِينَةً وَأَمْوالًا فِي الْحَياةِ الدُّنْيا رَبَّنا لِيُضِلُّوا أي: ربنا أعطيتهم ليضلوا عَنْ سَبِيلِكَ يعني: عن دينك الإسلام. قرأ أهل الكوفة، وعاصم، وحمزة الكسائي: لِيُضِلُّوا بضم الياء. يعني: ليُضلُّوا النّاس ويصرفونهم عن دينك. وقرأ الباقون: لِيُضِلُّوا بنصب الياء. يعني: يرجعون عن دينك ويمتنعون عنه. رَبَّنَا اطْمِسْ عَلى أَمْوالِهِمْ يعني: غيِّر دراهمهم ودنانيرهم، وذلك حين وعد فرعون لموسى بأن يؤمن ويرسل معه بني إسرائيل، ثم نقض العهد، فدعا عليهم موسى عليه السلام. وروى معمر عن قتادة في قوله تعالى: رَبَّنَا اطْمِسْ عَلى أَمْوالِهِمْ قال: بلغنا أنَّ حروثاً لهم صارت حجارة. وعن السّدي أنه قال: صارت دراهمهم ودنانيرهم حجارة. وعن أبي العالية أنه قال: صارت أموالهم حجارة، وقال مجاهد، في قوله تعالى: رَبَّنَا اطْمِسْ عَلى أَمْوالِهِمْ يعني: أهلكها. وقال القتبي في قوله: رَبَّنَا اطْمِسْ يعني: أهلكها. وهو من قولك: طمس الطريق إذا عفى ودرس.. ثمّ قال تعالى: وَاشْدُدْ عَلى قُلُوبِهِمْ أي اقسها. ويقال: اطبع قلوبهم وأمتهم على الكفر، ولا توفقهم للإيمان يعني: لكي فَلا يُؤْمِنُوا حَتَّى يَرَوُا الْعَذابَ الْأَلِيمَ وهو الغرق. فدعا موسى عليه السلام وَأَمَّن هارون قال الله: قَدْ أُجِيبَتْ دَعْوَتُكُما قال ومحمد بن كعب القرظي: قد أجبت دعوتكما «دعا موسى، وأمَّن هارون» . وعن أبي العالية، وعكرمة وأبي صالح مثله. وعن أبي هريرة مثله. وعن أنس بن مالك أنه قال: كنا عند رسول الله ﷺ فقال: «إن الله تعالى أَعْطَانِي خِصَالاً ثَلاثاً: أَعْطَانِي صَلاةً بِالصُّفُوفِ، وَأعْطَانِي تَحِيَّةً إنها تِحَّيةُ أهْلِ الجَنَّةِ، وَأَعْطَانِي التَّأْمِينَ، وَلَمْ يُعْطِ أَحَداً مِنَ النَّبِيِّينَ قَبْلِي، إلاَّ أَنْ يَكُونَ الله تَعَالَى أعطاهُ لِهَارُونَ، يَدْعُو مُوسَى، وَيُؤَمِّنُ هَارُونُ» . قال مقاتل: فمكث موسى بعد هذه الدعوة أربعين سنة، وهكذا روى الضَّحَّاك: أن الإجابة ظهرت بعد أربعين سنة. وقال بعضهم: بعد أربعين يوما. وقال بعضهم: كان هذا الدعاء حين خرج موسى ببني إسرائيل، وأيس من إيمانهم. ثم قال الله تعالى: فَاسْتَقِيما أي: قال لموسى وهارون: فَاسْتَقِيما على الرّسالة والدّعوة واستقيما على ما أمرتكما وَلا تَتَّبِعانِّ سَبِيلَ الَّذِينَ لاَ يَعْلَمُونَ يعني: طريق فرعون وآله من أهل مصر. وروى ابن ذكوان، عن ابن عامر، أنه قرأ: تَتَّبِعانِّ بجزم التاء ونصب الباء. وقرأ الباقون: تَتَّبِعانِّ بنصب التاء، والتشديد، وكسر الباء. ومعناهما واحد، وهذه النون أدخلت مؤكدة.
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب