الباحث القرآني
قَوْله تَعَالَى: ﴿فَإِن من الْعسر يسرا﴾ أَي: مَعَ الْعسر يسرا.
فِي التَّفْسِير أَن الْمُشْركين عيروا النَّبِي وَأَصْحَابه، وَقَالُوا: لَو شِئْت جَمعنَا لَك شَيْئا من المَال لترجع عَن هَذَا القَوْل، فأكربه ذَلِك، فَأنْزل الله تَعَالَى هَذِه الْآيَة.
وَالْمعْنَى: إِن مَعَ الْفقر غنى، وَمَعَ الضّيق سَعَة، وَإِن مَعَ الحزونة سهولة، وَمَعَ الشدَّة رخاء.
وَقد حقق الله ذَلِك فِي الدُّنْيَا بِمَا فتح على النَّبِي - عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام - وعَلى أَصْحَابه، فَإِن الله تَعَالَى فتح للنَّبِي الْحجاز، وتهامة، وَمَا والاها، وَعَامة بِلَاد الْيمن، وَكَثِيرًا من الْبَوَادِي إِلَى [قريب] من الْعرَاق وَالشَّام، وَفتح على أَصْحَابه مَا فتح وأغنمهم كنوز كسْرَى وَقَيْصَر، وَقد صَار حَال النَّبِي فِي آخر أمره أَنه كَانَ يهب المائين من الْإِبِل، والألوف من الْغنم، ويدخر لِعِيَالِهِ قوت سنة، فَهَذَا الَّذِي ذَكرْنَاهُ هُوَ معنى الْآيَة.
وَقد روى معمر (عَن أَيُّوب) عَن الْحسن " أَن النَّبِي خرج يَوْمًا مَسْرُورا إِلَى أَصْحَابه وَقَالَ: أَبْشِرُوا لن يغلب عسر يسرين، ثمَّ قَرَأَ قَوْله تَعَالَى: ﴿فَإِن مَعَ الْعسر يسرا إِن مَعَ الْعسر يسرا﴾ قَالَ رَضِي الله عَنهُ: أخبرنَا بِهَذَا الحَدِيث أَبُو مُحَمَّد عبد الله بن مُحَمَّد بن أَحْمد، أخبرنَا سهل بن عبد الصَّمد بن عبد الرَّحْمَن البرَاز أخبرنَا العذافري، أخبرنَا الدبرِي، عَن عبد الرَّزَّاق، عَن معمر ... الحَدِيث.
فَإِن قَالَ قَائِل: مَا معنى قَوْله: لن يغلب عسر يسرين، وَقد كرر كِلَاهُمَا؟
وَالْجَوَاب عَنهُ: أَن الْفراء ذكر أَن النكرَة إِذا كررت نكرَة، فَالثَّانِي غير الأول، والنكرة إِذا أُعِيدَت معرفَة فَالثَّانِي هُوَ الأول تَقول الْعَرَب: كسبت الْيَوْم درهما، وأنفقت الدِّرْهَم.
فَالثَّانِي هُوَ الأول.
ونقول: وعَلى معنى هَذَا ورد قَوْله تَعَالَى: ﴿كَمَا أرسلنَا إِلَى فِرْعَوْن رَسُولا فعصى فِرْعَوْن الرَّسُول﴾ وَعَن ابْن مَسْعُود قَالَ: لَو دخل الْعسر فِي جُحر لتَبعه الْيُسْر حَتَّى يَسْتَخْرِجهُ.
وَفِي معنى اليسرين قَولَانِ: أَحدهمَا: يسر الدُّنْيَا، وَالْآخر يسر الْآخِرَة، فعلى هَذَا معنى الْخَبَر، إِن غلب الْعسر يسر الدُّنْيَا، فَلَا يغلب يسر الْآخِرَة.
وَالْقَوْل الثَّانِي: أَن الْيُسْر الأول هُوَ للرسول، واليسر الثَّانِي لأَصْحَابه.
قَالَ رَضِي الله عَنهُ: أخبرنَا أَبُو بكر مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن عبد الْعَزِيز الجنوجردي قَالَ: أخبرنَا أَبُو إِسْحَاق الثَّعْلَبِيّ الْحسن بن مُحَمَّد النَّيْسَابُورِي قَالَ: سَمِعت مُحَمَّد بن عَامر الْبَغْدَادِيّ قَالَ سَمِعت عبد الْعَزِيز بن يحيى قَالَ: سَمِعت عمر قَالَ الْعُتْبِي يَقُول: كنت ذَات لَيْلَة فِي الْبَادِيَة، فَألْقى فِي روعي بَيت من شعر، فَقلت:
(أرى الْمَوْت لمن أصبح ... مغموما أروح)
فَلَمَّا جن اللَّيْل سَمِعت هاتفا يَهْتِف من الْهَوَاء:
(أَلا أَيهَا الْمَرْء الَّذِي ... الْهم بِهِ يبرح)
(وَقد أنْشد بَيْتا ... لم يزل فِي فكره يسنح)
(إِذا اشتدت بك العسرى ... ففكر فِي ألم نشرح)
(فعسر بَين يسرين ... إِذا أبصرته فافرح)
قَالَ: فَحفِظت الأبيات، وَفرج الله غمي.
قَالَ رَضِي الله عَنهُ: وأنشدنا أَبُو بكر قَالَ: أنشدنا أَبُو إِسْحَاق قَالَ أنشدنا الْحسن بن مُحَمَّد بن الْحسن قَالَ: أنشدنا أَحْمد بن مُحَمَّد بن إِسْحَاق الْحِيرِي قَالَ: أنشدنا إِسْحَاق بن بهْلُول القَاضِي:
(فَلَا تيأس وَإِن أعسرت يَوْمًا ... فقد أَيسَرت فِي دهر طَوِيل)
(وَلَا تَظنن بِرَبِّك ظن سوء ... فَإِن الله أولى بالجميل)
(وَإِن الْعسر يتبعهُ يسَار ... وَقَول الله أصدق كل قيل)
قَالَ رَضِي الله عَنهُ: وأنشدنا أَبُو بكر قَالَ: أنشدنا أَبُو إِسْحَاق قَالَ: أنشدنا الْحسن قَالَ: أنشدنا الْحسن بن مُحَمَّد قَالَ: أَنْشدني مُحَمَّد بن سُلَيْمَان بن معَاذ (الْكَرْخِي) قَالَ أنشدنا أَبُو بكر بن الْأَنْبَارِي:
(إِذا بلغ الْعسر مجهوده ... فثق عِنْد ذَاك بيسر سريع)
(ألم تَرَ نحس الشتَاء النطيع ... يتلوه سعد الرّبيع البديع)
قَالَ رَضِي الله عَنهُ: وأنشدنا أَبُو بكر، أنشدنا أَبُو إِسْحَاق، أَنْشدني عِيسَى بن زيد الطفيلي أَنْشدني سُلَيْمَان بن أَحْمد الرقي:
(توقع إِذا مَا عدتك الخطوب ... سُرُورًا يسردها عنْدك فسرا)
(ترى الله يخلف ميعاده ... وَقد قَالَ إِن مَعَ الْعسر يسرا)
{"ayahs_start":5,"ayahs":["فَإِنَّ مَعَ ٱلۡعُسۡرِ یُسۡرًا","إِنَّ مَعَ ٱلۡعُسۡرِ یُسۡرࣰا"],"ayah":"فَإِنَّ مَعَ ٱلۡعُسۡرِ یُسۡرًا"}
- أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.
أمّهات
جامع البيان
تفسير الطبري
نحو ٢٨ مجلدًا
تفسير القرآن العظيم
تفسير ابن كثير
نحو ١٩ مجلدًا
الجامع لأحكام القرآن
تفسير القرطبي
نحو ٢٤ مجلدًا
معالم التنزيل
تفسير البغوي
نحو ١١ مجلدًا
جمع الأقوال
منتقاة
عامّة
عامّة
فتح البيان
فتح البيان للقنوجي
نحو ١٢ مجلدًا
فتح القدير
فتح القدير للشوكاني
نحو ١١ مجلدًا
التسهيل لعلوم التنزيل
تفسير ابن جزي
نحو ٣ مجلدات
موسوعات
أخرى
لغة وبلاغة
معاصرة
الميسر
نحو مجلد
المختصر
المختصر في التفسير
نحو مجلد
تيسير الكريم الرحمن
تفسير السعدي
نحو ٤ مجلدات
أيسر التفاسير
نحو ٣ مجلدات
القرآن – تدبّر وعمل
القرآن – تدبر وعمل
نحو ٣ مجلدات
تفسير القرآن الكريم
تفسير ابن عثيمين
نحو ١٥ مجلدًا
مركَّزة العبارة
تفسير الجلالين
نحو مجلد
جامع البيان
جامع البيان للإيجي
نحو ٣ مجلدات
أنوار التنزيل
تفسير البيضاوي
نحو ٣ مجلدات
مدارك التنزيل
تفسير النسفي
نحو ٣ مجلدات
الوجيز
الوجيز للواحدي
نحو مجلد
تفسير القرآن العزيز
تفسير ابن أبي زمنين
نحو مجلدين
آثار
غريب ومعاني
السراج في بيان غريب القرآن
غريب القرآن للخضيري
نحو مجلد
الميسر في غريب القرآن الكريم
الميسر في الغريب
نحو مجلد
تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن قتيبة
نحو مجلد
التبيان في تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن الهائم
نحو مجلد
معاني القرآن وإعرابه
معاني الزجاج
نحو ٤ مجلدات
معاني القرآن
معاني القرآن للنحاس
نحو مجلدين
معاني القرآن
معاني القرآن للفراء
نحو مجلدين
مجاز القرآن
مجاز القرآن لمعمر بن المثنى
نحو مجلد
معاني القرآن
معاني القرآن للأخفش
نحو مجلد
أسباب النزول
إعراب ولغة
الإعراب الميسر
نحو ٣ مجلدات
إعراب القرآن
إعراب القرآن للدعاس
نحو ٤ مجلدات
الجدول في إعراب القرآن وصرفه وبيانه
الجدول في إعراب القرآن
نحو ٨ مجلدات
الدر المصون
الدر المصون للسمين الحلبي
نحو ١٠ مجلدات
اللباب
اللباب في علوم الكتاب
نحو ٢٤ مجلدًا
إعراب القرآن وبيانه
إعراب القرآن للدرويش
نحو ٩ مجلدات
المجتبى من مشكل إعراب القرآن
مجتبى مشكل إعراب القرآن
نحو مجلد
إعراب القرآن
إعراب القرآن للنحاس
نحو ٣ مجلدات
تحليل كلمات القرآن
نحو ٩ مجلدات
الإعراب المرسوم
نحو ٣ مجلدات
المجمّع
بالرسم الجديد
بالرسم القديم
حفص عن عاصم
شُعْبة عن عاصم
قالون عن نافع
ورش عن نافع
البَزِّي عن ابن كثير
قُنبُل عن ابن كثير
الدُّوري عن أبي عمرو
السُّوسِي عن أبي عمرو
نستعليق