الباحث القرآني

قَوْله تَعَالَى: ﴿وَمِنْهُم من عَاهَدَ الله لَئِن آتَانَا من فَضله لنصدقن ولنكونن من الصَّالِحين﴾ أَي: لنتصدقن، وأدغمت التَّاء فِي الصَّاد وشددت، أَي: لنصدقن فِي وُجُوه الْخَيْر من الْجِهَاد وَغَيره، ولنكونن من الصَّالِحين. قيل: مثل عُثْمَان بن عَفَّان وَعبد الرَّحْمَن بن عَوْف وَغَيرهمَا فِي الْبَذْل وَالعطَاء. فِي الْآيَة قَولَانِ: أَحدهمَا: أَنَّهَا نزلت فِي رجل من الْأَنْصَار كَانَ لَهُ مَال غَائِب، فَقَالَ: إِن رد الله على مَالِي لَأَفْعَلَنَّ كَذَا وَكَذَا، فَرد الله عَلَيْهِ مَاله فَلم يفعل شَيْئا، فَأنْزل الله تَعَالَى فِيهِ هَذِه الْآيَة. وَالْقَوْل الثَّانِي: أَنَّهَا نزلت فِي ثَعْلَبَة بن حَاطِب. روى أَبُو أُمَامَة الْبَاهِلِيّ: " أَن ثَعْلَبَة ابْن حَاطِب جَاءَ إِلَى النَّبِي وَقَالَ: يَا رَسُول الله، ادْع الله أَن يَرْزُقنِي مَالا، فَقَالَ: قَلِيل يَكْفِيك خير من كثير لَا تقوم بِحقِّهِ فَقَالَ: يَا رَسُول الله، ادْع الله أَن يَرْزُقنِي مَالا، فَقَالَ: أما ترْضى أَن تكون مثل رَسُول الله، فوَاللَّه لَو أردْت أَن تسير معي الْجبَال ذَهَبا وَفِضة لَسَارَتْ، فَقَالَ: يَا رَسُول الله، ادْع الله أَن يَرْزُقنِي مَالا، فوَاللَّه لاؤدين إِلَى كل ذِي حق حَقه، فَدَعَا رَسُول الله وَقَالَ: اللَّهُمَّ ارْزُقْ ثَعْلَبَة مَالا، قَالَ: فَاتخذ غنما فَنمت كَمَا يَنْمُو الدُّود حَتَّى ضَاقَتْ بهَا أَزِقَّة الْمَدِينَة، فَخرج بهَا إِلَى الصَّحرَاء وَجعل يحضر الصَّلَوَات الْخمس، ثمَّ نمت حَتَّى ضَاقَتْ بهَا مرَاعِي الْمَدِينَة، فَقَالَ فَبعد بهَا وَجعل لَا يحضر إِلَّا الْجُمُعَة، ثمَّ ترك حُضُور الصَّلَوَات وَالْجُمُعَة جَمِيعًا. قَالَ: فَبعث رَسُول الله مصدقه ليَأْخُذ الزَّكَاة، فَمر عَلَيْهِ وطالبه بِالزَّكَاةِ، فَقَالَ: مَا أرى هَذَا إِلَّا أُخْت الْجِزْيَة، اذْهَبْ حَتَّى تعود إِلَيّ، فَلَمَّا عَاد إِلَيْهِ لم يُعْط شَيْئا، وَقَالَ: حَتَّى ألْقى رَسُول الله، فَرجع الْمُصدق وَأخْبر النَّبِي بأَمْره، فَأنْزل الله تَعَالَى هَذِه الْآيَة، فَروِيَ أَنه ذكر لَهُ أَنه نزلت فِيهِ هَذِه الْآيَة فَحَضَرَ الْمَدِينَة وَقَالَ: يَا رَسُول الله، خُذ مني الزَّكَاة، فَأبى أَن يَأْخُذ، فَلَمَّا توفّي رَسُول الله جَاءَ إِلَى أبي بكر وَطلب أَن يَأْخُذ مِنْهُ الزَّكَاة، فَقَالَ: مَا أَخذ رَسُول الله؛ فَلَا آخذ أَنا، وَهَكَذَا فِي زمَان عمر وزمان عُثْمَان، وَتُوفِّي فِي زمَان عُثْمَان ".
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب