الباحث القرآني

قَوْله تَعَالَى: ﴿لَو خَرجُوا فِيكُم مَا زادوكم إِلَّا خبالا﴾ هَذِه الْآيَة نزلت فِي شَأْن الْمُنَافِقين الَّذين تخلفوا عَن غَزْوَة تَبُوك، وَمعنى قَوْله: ﴿خبالا﴾ أَي: فَسَادًا وشرا، وَمعنى الْفساد: هُوَ إِيقَاع الْجُبْن والفشل بَين الْمُؤمنِينَ. وَقَوله ﴿ولأوضعوا خلالكم﴾ الإيضاع: هُوَ سرعَة السّير. قَالَ الراجز شعر: (يَا لَيْتَني فِيهَا جذع ... أخب فِيهَا وأضع) قَالَ الزّجاج: معنى الْآيَة: أَسْرعُوا فِيمَا يخل بكم. وَقَالَ غَيره: أَسْرعُوا بَيْنكُم بايقاع الْبغضَاء والعداوة بالنميمة، وَنقل الحَدِيث من بعض إِلَى بعض، وعَلى هَذَا قَوْله: ﴿خلالكم﴾ : وسطكم ﴿يبغونكم الْفِتْنَة﴾ يطْلبُونَ لكم الْفِتْنَة، وَفِي الْفِتْنَة مَعْنيانِ: أَحدهمَا: أَنَّهَا الشّرك، وَالْآخر: أَنَّهَا تَفْرِيق الْكَلِمَة. ﴿وَفِيكُمْ سماعون لَهُم﴾ فِيهِ قَولَانِ: أَحدهمَا: أَن فِيكُم جواسيس لَهُم ينقلون الحَدِيث إِلَيْهِم، وَسُئِلَ ابْن عُيَيْنَة: هَل فِي الْقُرْآن ذكر للجواسيس؟ قَالَ: نعم. وَذكر هَذِه الْآيَة. وَالْقَوْل الثَّانِي: ﴿وَفِيكُمْ سماعون لَهُم﴾ قَائِلُونَ لَهُم أَي: يقبل مَا يَقُولُونَ، وَمِنْه مَا ورد فِي الصَّلَاة: " سمع الله لمن حَمده " قبل الله لمن حَمده. وَعَن أبي عُبَيْدَة: وَفِيكُمْ سماعون لَهُم: مطيعون لَهُم. وَالْمعْنَى قريب من القَوْل الثَّانِي. ﴿وَالله عليم بالظالمين﴾ مَعْنَاهُ مَعْلُوم. فَإِن قَالَ قَائِل: قد قَالَ فِي أول الْآيَة: ﴿مازادوكم إِلَّا خبالا﴾ وَكَانَ النَّبِي وَأَصْحَابه فِي خبال حَتَّى يزِيدُوا؟ الْجَواب: إِن معنى الْآيَة: مازادوكم قُوَّة؛ بل طلبُوا لكم الخبال.
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب