الباحث القرآني

قَوْله تَعَالَى: ﴿لقد تَابَ الله على النَّبِي والمهاجرين وَالْأَنْصَار﴾ معنى قَوْله: ﴿لقد تَابَ الله﴾ لقد تجَاوز الله. وَقيل: لقد صفح الله. وَقَوله ﴿الَّذين اتَّبعُوهُ فِي سَاعَة الْعسرَة﴾ مَعْنَاهُ: فِي وَقت الْعسرَة، وَكَانَت غَزْوَة تَبُوك تسمى غَزْوَة الْعسرَة، وَكَذَلِكَ ذَلِك الْجَيْش يُسمى جَيش الْعسرَة؛ والعسرة: الشدَّة، وَكَانَت عَلَيْهِم عسرة فِي الظّهْر والزاد وَالْمَاء، فَروِيَ أَن الِاثْنَيْنِ وَالثَّلَاثَة فَمَا زَاد كَانُوا يعتقبون الْبَعِير الْوَاحِد. وَرُوِيَ أَنهم كَانُوا فني زادهم حَتَّى كَانَ الرّجلَانِ يقتسمان التمرة بَينهمَا. هَكَذَا حُكيَ عَن ابْن عَبَّاس. وَرُوِيَ: " أَنهم عطشوا عطشا شَدِيدا حَتَّى نحرُوا الْإِبِل وعصروا كرشها وَشَرِبُوا مَا فِيهَا، ثمَّ إِن النَّبِي استسقى الله تَعَالَى فسقوا. هَكَذَا رَوَاهُ عمر - رَضِي الله عَنهُ - فَهَذَا هُوَ معنى الْعسرَة. وَقَوله: ﴿من بعد مَا كَاد يزِيغ﴾ قرئَ: " تزِيغ ويزيغ " فَقَوله: " تزِيغ " منصرف إِلَى الْقُلُوب، وَقَوله: يزِيغ منصرف إِلَى الْفِعْل؛ كَأَنَّهُ قَالَ: يزِيغ الْفِعْل ﴿قُلُوب فريق مِنْهُم﴾ . وَأما الزيغ فِي اللُّغَة: هُوَ الْميل، وَلَيْسَ المُرَاد من الْميل هُنَا هُوَ الْميل عَن الدّين، إِنَّمَا المُرَاد من الْميل هُوَ الْميل عَن مُتَابعَة رَسُول الله ونصرته فِي الْغَزْو، وَاخْتِيَار التَّخَلُّف من شدَّة الْعسرَة. ﴿ثمَّ تَابَ عَلَيْهِم﴾ فَإِن قَالَ قَائِل: مَا هَذَا التّكْرَار، فقد قَالَ فِي أول الْآيَة: ﴿لقد تَابَ الله على النَّبِي﴾ ؟ . الْجَواب عَنهُ: أَنه ذكر التَّوْبَة فِي أول الْآيَة قبل ذكر الذَّنب - وَهُوَ مَحْض [تفضل] من الله، فَلَمَّا ذكر الذَّنب أعَاد ذكر التَّوْبَة، وَالْمرَاد مِنْهُ: الْقبُول. ﴿إِنَّه بهم رءوف رَحِيم﴾ مَعْلُوم الْمَعْنى.
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب