الباحث القرآني

تَفْسِير سُورَة التَّوْبَة اعْلَم أَن هَذِه السُّورَة مَدَنِيَّة، وَقد صَحَّ عَن النَّبِي بِرِوَايَة الْبَراء بن عَازِب: " أَنَّهَا آخر سُورَة أنزلت كَامِلَة " وَلها أَسمَاء كَثِيرَة. وَرُوِيَ عَن ابْن عَبَّاس أَنه سُئِلَ عَن هَذِه السُّورَة، فَقَالَ: هِيَ الفاضحة؛ مازال ينزل قَوْله [تَعَالَى] : وَمِنْهُم، وَمِنْهُم، حَتَّى طننا أَنه لَا يتْرك منا أحدا. وَقَالَ حُذَيْفَة بن الْيَمَان: هِيَ سُورَة الْعَذَاب. وَمن الْمَعْرُوف أَنَّهَا تسمى سُورَة البحوث، وَمن أسمائها: المبعثرة، وَمن أسمائها: المنيرة، وَمن أسمائها: الحافرة، لِأَنَّهَا حفرت عَن قُلُوب الْمُنَافِقين. وروى النقاش عَن ابْن عمر أَنَّهَا تسمى المقشقشة. وَعَن عمرَان بن حدير أَنه قَالَ: قَرَأت هَذِه السُّورَة على أَعْرَابِي، فَقَالَ: هَذِه السُّورَة أظنها آخر مَا أنزلت، فَقلت لَهُ: وَلم؟ فَقَالَ: أرى عهودا تنبذ، وعقودا تنقض. وَعَن سعيد بن جُبَير: أَن هَذِه السُّورَة كَانَت تعدل سُورَة الْبَقَرَة فِي الطول. وَأما الْكَلَام فِي حذف التَّسْمِيَة: رُوِيَ عَن ابْن عَبَّاس أَنه قَالَ: " قلت لعُثْمَان - رَضِي الله عَنهُ -: مَا بالكم عمدتم إِلَى سُورَة التَّوْبَة وَهِي من المئين، وَإِلَى سُورَة الْأَنْفَال وَهِي من المثاني، فقرنتم بَينهمَا وَلم تكْتبُوا سطر ﴿بِسم الله الرَّحْمَن الرَّحِيم﴾ ؟ فَقَالَ: " كَانَ إِذا أنزل على رَسُول الله الشَّيْء من الْقُرْآن دَعَا بعض من يكْتب، فَيَقُول لَهُ: ضَعْهُ فِي سُورَة كَذَا، ضَعْهُ فِي سُورَة كَذَا، وَكَانَت الْأَنْفَال من أول مَا أنزلت بِالْمَدِينَةِ، وَالتَّوْبَة من آخر مَا أنزلت، وَكَانَ قصتيهما شَبيهَة بَعْضهَا بِبَعْض، وَخرج رَسُول الله من الدُّنْيَا وَلم يبين لنا شَيْئا فظننا أَنَّهُمَا سُورَة وَاحِدَة؛ فَلذَلِك قرنا بَينهمَا وَلم نكتب ﴿بِسم الله الرَّحْمَن الرَّحِيم﴾ . وَهَذَا خبر فِي " الصَّحِيح " أوردهُ مُسلم، وروى أَن الصَّحَابَة اخْتلفُوا، فَقَالَ بَعضهم: هما سورتان، وَقَالَ بَعضهم: هما سُورَة وَاحِدَة؛ فاتفقوا أَن يفصلوا ببياض بَين السورتين، وَلَا يكتبوا: " بِسم الله الرَّحْمَن الرَّحِيم ". وَالْقَوْل الثَّالِث: مَا حكى عَن سُفْيَان بن عُيَيْنَة من الْمُتَقَدِّمين، والمبرد من الْمُتَأَخِّرين: أَن السُّورَة سُورَة نقض الْعَهْد والبراءة من الْمُشْركين؛ وَالتَّسْمِيَة أَمَان وافتتاح خير؛ فَلهَذَا لم يكتبوا " بِسم الله الرَّحْمَن الرَّحِيم ". قَوْله تَعَالَى: ﴿برآءة من الله وَرَسُوله﴾ قَوْله: ﴿بَرَاءَة﴾ هَذِه بَرَاءَة، والبراءة: نقض الْعِصْمَة، وَمعنى الْآيَة: تبرؤ من الله وَرَسُوله. ﴿إِلَى الَّذين عاهدتم من الْمُشْركين﴾ وَقَالَ بَعضهم: برىء الله وَرَسُوله من الْمُشْركين.
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب