الباحث القرآني
قَوْله تَعَالَى: ﴿قتل أَصْحَاب الْأُخْدُود﴾ وَالْأُخْدُود جمع خد، وَهُوَ شقّ فِي الأَرْض، وَاخْتلفُوا فِيمَن نزلت هَذِه الْآيَة؟ .
قَالَ عَليّ: فِي قوم من الْحَبَشَة، وَعَن مُجَاهِد: فِي قوم من نَجْرَان، وَعَن ابْن عَبَّاس: فِي قوم من الْيمن، وَعَن بَعضهم قوم بالروم، وَقيل غير ذَلِك.
وَفِي التَّفْسِير: أَنه كَانَ بِنَجْرَان قوم على شَرِيعَة عِيسَى بن مَرْيَم - صلوَات الله عَلَيْهِ - يدينون بِالتَّوْحِيدِ، فَجَاءَهُمْ ذُو نواس وأحضرهم - وَهُوَ ملك من مُلُوك الْيمن - وَخَيرهمْ بَين الْيَهُودِيَّة والإحراق بالنَّار، فَاخْتَارُوا الإحراق بالنَّار، فَخدَّ لَهُم أُخْدُودًا، وأضرم فِيهَا النَّار، وَأمرهمْ بالتهود أَو يلْقوا أنفسهم فِيهَا، فَألْقوا أنفسهم فِيهَا حَتَّى احترقوا.
وَفِي بعض التفاسير: أَنه كَانَ فِي آخِرهم امْرَأَة وَمَعَهَا صبي رَضِيع، فَلَمَّا بلغت النَّار توقفت فَتكلم الصَّبِي وَقَالَ: يَا أُمَّاهُ، سيري وَلَا تُنَافِقِي، فَإِنَّمَا هِيَ غُمَيْضَة.
وَقد ذكر مُسلم فِي الصَّحِيح فِي هَذَا قصَّة طَوِيلَة، وَكَذَلِكَ أَبُو عِيسَى على غير هَذَا الْوَجْه الَّذِي ذكرنَا، وذكرا فِيهِ حَدِيث الْملك والراهب والساحر، وَهُوَ مَا روى عَن ثَابت الْبنانِيّ، عَن عبد الرَّحْمَن بن أبي ليلى، عَن صُهَيْب قَالَ: " كَانَ رَسُول الله إِذا صلى الْعَصْر هَمس، والهمس فِي بعض قَوْلهم تحرّك شَفَتَيْه كَأَنَّهُ يتَكَلَّم، فَقيل لَهُ: إِنَّك يَا رَسُول الله إِذا صليت الْعَصْر همست قَالَ: إِن نَبيا من الْأَنْبِيَاء كَانَ أعجب بأمته، من يقوم لهَؤُلَاء؟ فَأوحى الله إِلَيْهِ أَن خَيرهمْ بَين أَن أنتقم مِنْهُم وَبَين أَن أسلط عَلَيْهِم عدوهم، فَاخْتَارُوا النقمَة، فَسلط عَلَيْهِم الْمَوْت فَمَاتَ مِنْهُم فِي يَوْم سَبْعُونَ ألفا قَالَ: وَكَانَ إِذا حدث بِهَذَا الحَدِيث حدث بِهَذَا الحَدِيث الآخر، قَالَ: كَانَ ملك من الْمُلُوك، وَكَانَ لذَلِك الْملك كَاهِن يكهن لَهُ، فَقَالَ (الكاهن) : انْظُرُوا لي غُلَاما (فهما) - أَو قَالَ فطنا لقفا - فَأعلمهُ علمي هَذَا، فَإِنِّي أَخَاف أَن أَمُوت فَيَنْقَطِع مِنْكُم هَذَا الْعلم، وَلَا يكون فِيكُم من يُعلمهُ.
قَالَ: فنظروا لَهُ على مَا وصف، وأمروه أَن يحضر ذَلِك الكاهن وَأَن يخْتَلف إِلَيْهِ.
قَالَ: فَجعل يخْتَلف إِلَيْهِ، وَكَانَ على طَرِيق الْغُلَام رَاهِب فِي صومعة - قَالَ معمر: أَحسب أَن أَصْحَاب الصوامع كَانُوا يَوْمئِذٍ مُسلمين - قَالَ: فَجعل الْغُلَام يسْأَل ذَلِك الراهب كلما مر بِهِ، فَلم يزل بِهِ حَتَّى أخبرهُ، فَقَالَ: إِنَّمَا أعبد الله. قَالَ: فَجعل الْغُلَام يمْكث عِنْد الراهب، ويبطئ عَن الكاهن، فَأرْسل الكاهن إِلَى أهل الْغُلَام إِنَّه لَا يكَاد يحضرني، فَأخْبر الْغُلَام الراهب بذلك، فَقَالَ لَهُ الراهب: إِذا قَالَ لَك الكاهن: أَيْن كنت؟ فَقل: عِنْد أَهلِي، فَإِذا قَالَ لَك أهلك: أَيْن كنت؟ (فَأخْبرهُم أَنَّك) كنت عِنْد الكاهن.
قَالَ فَبَيْنَمَا الْغُلَام على ذَلِك إِذْ مر بِجَمَاعَة من النَّاس كثير قد حبستهم دَابَّة - وَقَالَ بَعضهم: إِن الدَّابَّة كَانَت أسدا - قَالَ: فَأخذ الْغُلَام صخرا وَقَالَ: اللَّهُمَّ إِن كَانَ مَا يَقُول الراهب حَقًا فأسألك أَن أَقتلهُ، ثمَّ رمى فَقتل الدَّابَّة.
فَقَالَ النَّاس: من قَتلهَا؟ فَقَالُوا: الْغُلَام، فَفَزعَ النَّاس وَقَالُوا: قد علم هَذَا الْغُلَام علما لم يُعلمهُ أحد.
قَالَ: فَسمع بِهِ أعمى، وَقَالَ لَهُ: إِن أَنْت رددت بَصرِي فلك كَذَا كَذَا.
فَقَالَ لَهُ: لَا أُرِيد مِنْك هَذَا، وَلَكِن إِن أَنْت شرطت إِن رَجَعَ إِلَيْك بَصرك أَن تؤمن بِالَّذِي رده عَلَيْك فعلت؟ قَالَ: فَدَعَا الله فَرد عَلَيْهِ بَصَره، فَآمن الْأَعْمَى، فَبلغ الْملك أَمرهم، فَبعث إِلَيْهِم، فَأتي بهم فَقَالَ: لأقتلن كل وَاحِد مِنْكُم قتلة لَا أقتل [بهَا] صَاحبه، فَأمر بِالرَّاهِبِ وَالرجل الَّذِي كَانَ أعمى فَوضع الْمِنْشَار على مفرق أَحدهمَا فَقتله، وَقتل الآخر بقتلة أُخْرَى، ثمَّ أَمر بالغلام فَقَالَ: انْطَلقُوا بِهِ إِلَى جبل كَذَا وَكَذَا فألقوه من رَأسه، فَلَمَّا انْتَهوا إِلَى ذَلِك الْمَكَان الَّذِي أَرَادوا أَن يلقوه مِنْهُ جعلُوا يتهافتون من ذَلِك الْجَبَل ويتردون، حَتَّى لم يبْق مِنْهُم إِلَّا الْغُلَام.
قَالَ: ثمَّ رَجَعَ، فَأمر بِهِ الْملك أَن ينطلقوا بِهِ إِلَى الْبَحْر فَيُلْقُوهُ فِيهِ، فَانْطَلقُوا إِلَى الْبَحْر، فغرق الله الَّذين كَانُوا مَعَه وأنجاه، فَقَالَ الْغُلَام: إِنَّك لَا تقتلني حَتَّى تصلبني وترميني، وَتقول إِذا رميتني: باسم الله رب هَذَا الْغُلَام.
قَالَ: فَأمر بِهِ فصلب ثمَّ رَمَاه، وَقَالَ: باسم الله رب هَذَا الْغُلَام.
قَالَ: فَوضع الْغُلَام يَده على صُدْغه حِين رمى بِهِ ثمَّ مَاتَ، فَقَالَ النَّاس: لقد علم هَذَا الْغُلَام علما مَا علمه أحد، فَإنَّا نؤمن بِرَبّ الْغُلَام.
قَالَ: فَقيل للْملك: [أجزعت] إِن خالفك ثَلَاثَة، فَهَذَا الْعَالم كلهم قد خالفوك.
قَالَ: فَخدَّ أُخْدُودًا، ثمَّ ألْقى فِيهَا الْحَطب وَالنَّار، ثمَّ جمع النَّاس.
فَقَالَ: من رَجَعَ عَن دينه تَرَكْنَاهُ، وَمن لم يرجع ألقيناه فِي هَذِه النَّار، فَجعل يُلقيهِمْ فِي تِلْكَ الْأُخْدُود.
قَالَ: يَقُول الله تَعَالَى: ﴿قتل أَصْحَاب الْأُخْدُود النَّار ذَات الْوقُود﴾ حَتَّى بلغ ﴿ذُو الْعَرْش الْمجِيد﴾ قَالَ: فَأَما الْغُلَام فَإِنَّهُ دفن.
قَالَ: فَذكر أَنه أخرج فِي زمن عمر بن الْخطاب، وأصبعه على صُدْغه كَمَا وَضعهَا حِين قتل ".
قَالَ أَبُو عِيسَى: حَدِيث حسن غَرِيب (صَحِيح) .
قَالَ رَضِي الله عَنهُ: أخبرنَا بِهَذَا الحَدِيث أَبُو عبد الرَّحْمَن ابْن عبد الله بن أَحْمد، أخبرنَا أَبُو الْعَبَّاس بن سراج، أخبرنَا أَبُو الْعَبَّاس [المحبوبي] ، أخبرنَا عبد الرَّزَّاق، عَن معمر ... الْخَبَر.
وَذكر مُسلم هَذَا الْخَبَر فِي كِتَابه، وَخَالف فِي مَوَاضِع أخر مِنْهُ.
وَفِي بعض الرِّوَايَات: أَن اسْم ذَلِك الْغُلَام كَانَ عبد الله بن التامر.
قَالَ مُحَمَّد بن إِسْحَاق: حفر فِي زمن عمر - رَضِي الله عَنهُ - حفيرة، فوجدوا عبد الله بن التامر، وَيَده على صُدْغه فَكَانَ كلما أخروا يَده عَن ذَلِك الْموضع (انثعب) دَمًا، وَإِذا تركُوا . الْيَد ارْتَدَّت إِلَى مَكَانهَا، وَكَانَ فِي أُصْبُعه خَاتم حَدِيد مَكْتُوب عَلَيْهِ: رَبِّي الله، فَأمر عمر أَن يرد إِلَى ذَلِك الْموضع كَمَا وجد.
وَعَن الْحسن الْبَصْرِيّ أَن النَّبِي كَانَ إِذا ذكر هَذِه الْقِصَّة قَالَ: " اللَّهُمَّ إِنِّي أعوذ بك من جهد الْبلَاء ".
وَقد ذكر بعض أهل الْمعَانِي أَن قَوْله: ﴿قتل أَصْحَاب الْأُخْدُود﴾ هُوَ جَوَاب الْقسم.
{"ayah":"قُتِلَ أَصۡحَـٰبُ ٱلۡأُخۡدُودِ"}
- أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.
أمّهات
جامع البيان
تفسير الطبري
نحو ٢٨ مجلدًا
تفسير القرآن العظيم
تفسير ابن كثير
نحو ١٩ مجلدًا
الجامع لأحكام القرآن
تفسير القرطبي
نحو ٢٤ مجلدًا
معالم التنزيل
تفسير البغوي
نحو ١١ مجلدًا
جمع الأقوال
منتقاة
عامّة
عامّة
فتح البيان
فتح البيان للقنوجي
نحو ١٢ مجلدًا
فتح القدير
فتح القدير للشوكاني
نحو ١١ مجلدًا
التسهيل لعلوم التنزيل
تفسير ابن جزي
نحو ٣ مجلدات
موسوعات
أخرى
لغة وبلاغة
معاصرة
الميسر
نحو مجلد
المختصر
المختصر في التفسير
نحو مجلد
تيسير الكريم الرحمن
تفسير السعدي
نحو ٤ مجلدات
أيسر التفاسير
نحو ٣ مجلدات
القرآن – تدبّر وعمل
القرآن – تدبر وعمل
نحو ٣ مجلدات
تفسير القرآن الكريم
تفسير ابن عثيمين
نحو ١٥ مجلدًا
مركَّزة العبارة
تفسير الجلالين
نحو مجلد
جامع البيان
جامع البيان للإيجي
نحو ٣ مجلدات
أنوار التنزيل
تفسير البيضاوي
نحو ٣ مجلدات
مدارك التنزيل
تفسير النسفي
نحو ٣ مجلدات
الوجيز
الوجيز للواحدي
نحو مجلد
تفسير القرآن العزيز
تفسير ابن أبي زمنين
نحو مجلدين
آثار
غريب ومعاني
السراج في بيان غريب القرآن
غريب القرآن للخضيري
نحو مجلد
الميسر في غريب القرآن الكريم
الميسر في الغريب
نحو مجلد
تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن قتيبة
نحو مجلد
التبيان في تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن الهائم
نحو مجلد
معاني القرآن وإعرابه
معاني الزجاج
نحو ٤ مجلدات
معاني القرآن
معاني القرآن للنحاس
نحو مجلدين
معاني القرآن
معاني القرآن للفراء
نحو مجلدين
مجاز القرآن
مجاز القرآن لمعمر بن المثنى
نحو مجلد
معاني القرآن
معاني القرآن للأخفش
نحو مجلد
أسباب النزول
إعراب ولغة
الإعراب الميسر
نحو ٣ مجلدات
إعراب القرآن
إعراب القرآن للدعاس
نحو ٤ مجلدات
الجدول في إعراب القرآن وصرفه وبيانه
الجدول في إعراب القرآن
نحو ٨ مجلدات
الدر المصون
الدر المصون للسمين الحلبي
نحو ١٠ مجلدات
اللباب
اللباب في علوم الكتاب
نحو ٢٤ مجلدًا
إعراب القرآن وبيانه
إعراب القرآن للدرويش
نحو ٩ مجلدات
المجتبى من مشكل إعراب القرآن
مجتبى مشكل إعراب القرآن
نحو مجلد
إعراب القرآن
إعراب القرآن للنحاس
نحو ٣ مجلدات
تحليل كلمات القرآن
نحو ٩ مجلدات
الإعراب المرسوم
نحو ٣ مجلدات
المجمّع
بالرسم الجديد
بالرسم القديم
حفص عن عاصم
شُعْبة عن عاصم
قالون عن نافع
ورش عن نافع
البَزِّي عن ابن كثير
قُنبُل عن ابن كثير
الدُّوري عن أبي عمرو
السُّوسِي عن أبي عمرو
نستعليق