الباحث القرآني
قَوْله تَعَالَى: ﴿إِن رَبك يعلم أَنَّك تقوم أدنى من ثُلثي اللَّيْل وَنصفه﴾ وَقُرِئَ: " وَنصفه " فَمن قَرَأَ بِفَتْح الْفَاء نَصبه على تَفْسِير الْأَدْنَى، وَمن قَرَأَ بِكَسْر الْفَاء، أَي: أدنى من نصفه.
وَقَوله: ﴿وَثلثه﴾ مَعْطُوف [على] النّصْف فِي الْقِرَاءَتَيْن.
وَقَوله: ﴿وَطَائِفَة من الَّذين مَعَك﴾ قد بَينا أَن النَّبِي وَأَصْحَابه قَامُوا حولا حَتَّى تورمت أَقْدَامهم.
وَفِي التَّفْسِير: أَنهم كَانُوا يقومُونَ جَمِيع اللَّيْل مَخَافَة أَن ينقصوا من الْمِقْدَار الْمَفْرُوض.
وَاخْتلف القَوْل فِي أَنه كَانَ الْقيام مَفْرُوضًا على النَّبِي وَجَمِيع أَصْحَابه أَو على النَّبِي وَحده؟
فَفِي أحد الْقَوْلَيْنِ: أَنه كَانَ مَفْرُوضًا عَلَيْهِ وعَلى جَمِيع أَصْحَابه.
وَفِي قَول آخر: كَانَ مَفْرُوضًا عَلَيْهِ وَحده [ذكره] أَبُو الْحسن الْمَاوَرْدِيّ، وَذكر أَيْضا قَوْلَيْنِ فِي أَنه هَل بَقِي عَلَيْهِ قيام اللَّيْل بعد النّسخ؟ ﴿الَّذين مَعَك وَالله يقدر اللَّيْل وَالنَّهَار علم أَن لن تحصوه فَتَابَ عَلَيْكُم فاقرءوا مَا تيَسّر من الْقُرْآن﴾
فأحد الْقَوْلَيْنِ: أَن النّسخ كَانَ فِي حق الصَّحَابَة، وَأما فِي حَقه بَقِي إِلَى أَن توفاه الله تَعَالَى.
وَالْقَوْل الثَّانِي: أَنه صَار مَنْسُوخا فِي حَقه وَالصَّحَابَة جَمِيعًا، وَإِنَّمَا بقى التَّنَفُّل والتطوع بِهِ فَحسب.
وَقَوله: ﴿وَالله يقدر اللَّيْل وَالنَّهَار﴾ أَي: لَا يفوت عَن علمه سَاعَات اللَّيْل وَالنَّهَار، فَيعلم مَا يقومُونَ من ذَلِك وَمَا يتركون.
وَقَوله: ﴿علم أَن لن تحصوه﴾ أَي: لن [تطيقوه] .
وَالْمعْنَى: أَنه يشق عَلَيْكُم معرفَة مِقْدَار الْمَفْرُوض وَالْقِيَام بِالْأَمر، وَذَلِكَ لِأَن الْإِنْسَان إِذا نَام ثمَّ اسْتَيْقَظَ لَا يدْرِي وَكم نَام وَكم بَقِي من اللَّيْل، وَقد كَانَ الله تَعَالَى فرض قيام اللَّيْل على مِقْدَار مَعْلُوم، وَهُوَ لَا ينقص من الثُّلُث، ويبلغ الثُّلثَيْنِ إِن أَرَادَ.
وَقَوله: ﴿فَتَابَ عَلَيْكُم﴾ أَي: نُسْخَة عَلَيْكُم ورفضه، وَمعنى التَّوْبَة هُوَ الرّفْع وَالْعَفو هَاهُنَا.
وَقَوله: ﴿فاقرءوا مَا تيَسّر من الْقُرْآن﴾ فِيهِ قَولَانِ:
أَحدهمَا: صلوا مَا تيَسّر من (الصَّلَاة) ، وَهَذَا على طَرِيق النَّافِلَة والتطوع لَا على طَرِيق الْفَرْض.
وَقَالَ الْحسن وَقَتَادَة: يجب قيام اللَّيْل وَلَو حلب شَاة لهَذِهِ الْآيَة. وَالأَصَح هُوَ القَوْل الأول؛ " لِأَنَّهُ قد ثَبت أَن النَّبِي جَاءَهُ أَعْرَابِي ثَائِر الرَّأْس يسمع دوِي صَوته، وَلَا يفهم مَا يَقُول ... الْخَبَر إِلَى أَن قَالَ: هَل على غَيْرهنَّ؟ قَالَ: لَا، إِلَّا أَن ﴿علم أَن سَيكون مِنْكُم مرضى وَآخَرُونَ يضْربُونَ فِي الأَرْض يَبْتَغُونَ من فضل الله وَآخَرُونَ يُقَاتلُون فِي سَبِيل الله﴾
تطوع ".
فَدلَّ هَذَا الْخَبَر أَن قيام اللَّيْل لَيْسَ بمفروض، وَفِيه إِجْمَاع.
وَالْقَوْل الثَّانِي: [أَن] قَوْله: ﴿فاقرءوا مَا تيَسّر من الْقُرْآن﴾ أَي: فاقرءوا فِي الصَّلَاة مَا تيسير من الْقُرْآن من غير تَوْقِيف وَلَا تَقْدِير.
وَهَذَا على قَول الشَّافِعِي وَعَامة الْعلمَاء فِيمَا وَرَاء الْفَاتِحَة.
وَقد ذكر أَبُو [الْحسن] الدَّارَقُطْنِيّ فِي كِتَابه بِإِسْنَادِهِ عَن قيس بن أبي حَازِم أَنه قَالَ: صليت خلف ابْن عَبَّاس فَقَرَأَ الْفَاتِحَة فِي الرَّكْعَة الأولى، وَقَرَأَ الْآيَة الأولى من سُورَة الْبَقَرَة، ثمَّ قَامَ فِي الرَّكْعَة الثَّانِيَة وَقَرَأَ الْفَاتِحَة وَالْآيَة الثَّانِيَة من سُورَة الْبَقَرَة، فَلَمَّا فرغ قَرَأَ قَوْله تَعَالَى: ﴿فاقرءوا مَا تيَسّر من الْقُرْآن﴾ يَعْنِي: أَنه الَّذِي تيَسّر.
قَالَ عَليّ بن عمر وَهُوَ الدَّارَقُطْنِيّ: هُوَ دَلِيل على قَول من يَقُول أَن مَا تيسير هُوَ مَا وَرَاء الْفَاتِحَة.
وَقَوله: ﴿علم أَن سَيكون مِنْكُم مرضى﴾ أَي: (ذَوُو) مرض.
قَوْله: ﴿وَآخَرُونَ يضْربُونَ فِي الأَرْض يَبْتَغُونَ من فضل الله﴾ أَي: التُّجَّار وَسَائِر الْمُسَافِرين.
وَقَوله: ﴿وَآخَرُونَ يُقَاتلُون فِي سَبِيل الله﴾ أَي: الْغُزَاة.
وَالْكل بَيَان وُجُوه الْمَشَقَّة فِي قيام اللَّيْل.
.
وَقَوله: ﴿فاقرءوا مَا تيَسّر مِنْهُ﴾ مَعْنَاهُ على مَا بَينا.
وَقَوله: ﴿وَأقِيمُوا الصَّلَاة وَآتوا الزَّكَاة﴾ أَي: الصَّلَوَات الْخمس الْمَفْرُوضَة، وَالزَّكَاة الْمَفْرُوضَة.
وَقيل بِأَن الزَّكَاة هَاهُنَا: زَكَاة الرُّءُوس، وَهِي زَكَاة الْفطر.
وَقيل: ﴿وأقرضوا الله قرضا حسنا﴾ قد ذكرنَا من قبل.
وَقيل: هُوَ جَمِيع النَّوَافِل ووجوه الصَّلَاة.
وَقيل: هُوَ قَوْله: سُبْحَانَ الله وَالْحَمْد لله وَلَا إِلَه إِلَّا الله وَالله أكبر.
وَيُقَال: إِنَّه النَّفَقَة على الْأَهْل.
وَقَوله: ﴿وَمَا تقدمُوا لأنفسكم من خير تَجِدُوهُ عِنْد الله﴾ أَي: ثَوَابه عِنْد الله يَوْم الْقِيَامَة.
وَقَوله: ﴿هُوَ خيرا وَأعظم﴾ نَصبه على أَنه مفعول ثَان من تَجِدُوهُ.
وَقيل: هُوَ فصل كَلَام، ذكره الْأَزْهَرِي.
وَقَوله: ﴿وَأعظم أجرا﴾ مَعْطُوف على الأول.
وَقَوله: ﴿وَاسْتَغْفرُوا الله إِن الله غَفُور رَحِيم﴾ ظَاهر الْمَعْنى وَالله أعلم.
{"ayah":"۞ إِنَّ رَبَّكَ یَعۡلَمُ أَنَّكَ تَقُومُ أَدۡنَىٰ مِن ثُلُثَیِ ٱلَّیۡلِ وَنِصۡفَهُۥ وَثُلُثَهُۥ وَطَاۤىِٕفَةࣱ مِّنَ ٱلَّذِینَ مَعَكَۚ وَٱللَّهُ یُقَدِّرُ ٱلَّیۡلَ وَٱلنَّهَارَۚ عَلِمَ أَن لَّن تُحۡصُوهُ فَتَابَ عَلَیۡكُمۡۖ فَٱقۡرَءُوا۟ مَا تَیَسَّرَ مِنَ ٱلۡقُرۡءَانِۚ عَلِمَ أَن سَیَكُونُ مِنكُم مَّرۡضَىٰ وَءَاخَرُونَ یَضۡرِبُونَ فِی ٱلۡأَرۡضِ یَبۡتَغُونَ مِن فَضۡلِ ٱللَّهِ وَءَاخَرُونَ یُقَـٰتِلُونَ فِی سَبِیلِ ٱللَّهِۖ فَٱقۡرَءُوا۟ مَا تَیَسَّرَ مِنۡهُۚ وَأَقِیمُوا۟ ٱلصَّلَوٰةَ وَءَاتُوا۟ ٱلزَّكَوٰةَ وَأَقۡرِضُوا۟ ٱللَّهَ قَرۡضًا حَسَنࣰاۚ وَمَا تُقَدِّمُوا۟ لِأَنفُسِكُم مِّنۡ خَیۡرࣲ تَجِدُوهُ عِندَ ٱللَّهِ هُوَ خَیۡرࣰا وَأَعۡظَمَ أَجۡرࣰاۚ وَٱسۡتَغۡفِرُوا۟ ٱللَّهَۖ إِنَّ ٱللَّهَ غَفُورࣱ رَّحِیمُۢ"}
- أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.
أمّهات
جامع البيان
تفسير الطبري
نحو ٢٨ مجلدًا
تفسير القرآن العظيم
تفسير ابن كثير
نحو ١٩ مجلدًا
الجامع لأحكام القرآن
تفسير القرطبي
نحو ٢٤ مجلدًا
معالم التنزيل
تفسير البغوي
نحو ١١ مجلدًا
جمع الأقوال
منتقاة
عامّة
عامّة
فتح البيان
فتح البيان للقنوجي
نحو ١٢ مجلدًا
فتح القدير
فتح القدير للشوكاني
نحو ١١ مجلدًا
التسهيل لعلوم التنزيل
تفسير ابن جزي
نحو ٣ مجلدات
موسوعات
أخرى
لغة وبلاغة
معاصرة
الميسر
نحو مجلد
المختصر
المختصر في التفسير
نحو مجلد
تيسير الكريم الرحمن
تفسير السعدي
نحو ٤ مجلدات
أيسر التفاسير
نحو ٣ مجلدات
القرآن – تدبّر وعمل
القرآن – تدبر وعمل
نحو ٣ مجلدات
تفسير القرآن الكريم
تفسير ابن عثيمين
نحو ١٥ مجلدًا
مركَّزة العبارة
تفسير الجلالين
نحو مجلد
جامع البيان
جامع البيان للإيجي
نحو ٣ مجلدات
أنوار التنزيل
تفسير البيضاوي
نحو ٣ مجلدات
مدارك التنزيل
تفسير النسفي
نحو ٣ مجلدات
الوجيز
الوجيز للواحدي
نحو مجلد
تفسير القرآن العزيز
تفسير ابن أبي زمنين
نحو مجلدين
آثار
غريب ومعاني
السراج في بيان غريب القرآن
غريب القرآن للخضيري
نحو مجلد
الميسر في غريب القرآن الكريم
الميسر في الغريب
نحو مجلد
تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن قتيبة
نحو مجلد
التبيان في تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن الهائم
نحو مجلد
معاني القرآن وإعرابه
معاني الزجاج
نحو ٤ مجلدات
معاني القرآن
معاني القرآن للنحاس
نحو مجلدين
معاني القرآن
معاني القرآن للفراء
نحو مجلدين
مجاز القرآن
مجاز القرآن لمعمر بن المثنى
نحو مجلد
معاني القرآن
معاني القرآن للأخفش
نحو مجلد
أسباب النزول
إعراب ولغة
الإعراب الميسر
نحو ٣ مجلدات
إعراب القرآن
إعراب القرآن للدعاس
نحو ٤ مجلدات
الجدول في إعراب القرآن وصرفه وبيانه
الجدول في إعراب القرآن
نحو ٨ مجلدات
الدر المصون
الدر المصون للسمين الحلبي
نحو ١٠ مجلدات
اللباب
اللباب في علوم الكتاب
نحو ٢٤ مجلدًا
إعراب القرآن وبيانه
إعراب القرآن للدرويش
نحو ٩ مجلدات
المجتبى من مشكل إعراب القرآن
مجتبى مشكل إعراب القرآن
نحو مجلد
إعراب القرآن
إعراب القرآن للنحاس
نحو ٣ مجلدات
تحليل كلمات القرآن
نحو ٩ مجلدات
الإعراب المرسوم
نحو ٣ مجلدات
المجمّع
بالرسم الجديد
بالرسم القديم
حفص عن عاصم
شُعْبة عن عاصم
قالون عن نافع
ورش عن نافع
البَزِّي عن ابن كثير
قُنبُل عن ابن كثير
الدُّوري عن أبي عمرو
السُّوسِي عن أبي عمرو
نستعليق