الباحث القرآني

قَوْله تَعَالَى: ﴿خُذ الْعَفو وَأمر بِالْعرْفِ وَأعْرض عَن الْجَاهِلين﴾ روى: " أَن جِبْرِيل - صلوَات الله عَلَيْهِ - لما نزل بِهَذِهِ الْآيَة، قَالَ: يَا رَسُول الله، أَتَيْتُك بمكارم الْأَخْلَاق، فروى أَن النَّبِي سَأَلَ جِبْرِيل عَن معنى هَذِه الْآيَة، فَقَالَ لَهُ: حَتَّى أسأَل رَبِّي، ثمَّ رَجَعَ وَقَالَ: صل من قَطعك، وَأعْطِ من حَرمك واعف عَن من ظلمك ". ثمَّ اخْتلفُوا فِي معنى هَذَا الْعَفو، فَقَالَ عَطاء: هُوَ الْفضل من أَمْوَال النَّاس. وَكَانَ فِي الِابْتِدَاء يجب التَّصَدُّق بِمَا فضل من الْحَاجَات، ثمَّ صَار مَنْسُوخا بِآيَة الزَّكَاة، وَهَذَا معنى قَوْله تَعَالَى: ﴿ويسألونك مَاذَا يُنْفقُونَ قل الْعَفو﴾ وَقَالَ ابْن الزبير: الْعَفو: مَا تيَسّر من أَخْلَاق النَّاس، أَي: خُذ الميسور من أَخْلَاق النَّاس مثل: قبُول الِاعْتِذَار، وَالْعَفو والمساهلة فِي الْأُمُور، وَترك الْبَحْث عَن الْأَشْيَاء وَنَحْو ذَلِك. وَقَوله: ﴿وَأمر بِالْعرْفِ﴾ هُوَ الْأَمر بِالْمَعْرُوفِ، وَهُوَ مَا يعرفهُ الشَّرْع. وَقَوله: ﴿وَأعْرض عَن الْجَاهِلين﴾ يَعْنِي: إِذا سفه عَلَيْك الْجَاهِل فَلَا تكافئه وَلَا تقابله بالسفه، وَذَلِكَ مثل قَوْله: ﴿وَإِذا خاطبهم الجاهلون قَالُوا سَلاما﴾ وَذَلِكَ سَلام الْمُنَازعَة، قَالَ: ﴿وَإِذا مروا بِاللَّغْوِ مروا كراما﴾ يَعْنِي: أكْرمُوا أنفسهم عَن الْخَوْض فِيهِ. وروى أَن عُيَيْنَة بن حصن - وَكَانَ سيد غطفان - لما قدم الْمَدِينَة قَالَ للْحرّ بن قيس: لَك وَجه عِنْد أَمِير الْمُؤمنِينَ؛ فَاسْتَأْذن لي عَلَيْهِ، فَاسْتَأْذن لَهُ فَدخل على عمر - رَضِي الله عَنهُ - فَقَالَ لَهُ: إِنَّك لَا تقضي فِينَا بِالْحَقِّ، وَلَا تقسم فِينَا بِالْعَدْلِ، فَغَضب عمر وهم أَن يُؤَدِّيه، فَقَالَ الْحر بن قيس: إِن الله تَعَالَى يَقُول: ﴿وَأعْرض عَن الْجَاهِلين﴾ وَهَذَا من الْجَاهِلين، فَسكت عمر - رَضِي الله عَنهُ -.
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب