الباحث القرآني

فَلَمَّا آتاهما صَالحا) أَي: سوى الْخلق ﴿جعلا لَهُ شُرَكَاء فِيمَا آتاهما﴾ يَعْنِي سمياه عبد الْحَارِث، فَإِن قَالَ قَائِل: كَيفَ يَقُول: ﴿جعلا لَهُ شُرَكَاء﴾ وآدَم كَانَ نَبيا مَعْصُوما عَن الْإِشْرَاك بِاللَّه؟ قيل: لم يكن هَذَا إشراكا فِي التَّوْحِيد، وَإِنَّمَا ذَلِك إشراك فِي الِاسْم، وَذَلِكَ لَا يقْدَح فِي التَّوْحِيد، وَهُوَ مثل تَسْمِيَة الرجل وَلَده عبد يَغُوث وَعبد زيد وَعبد عَمْرو، وَقَول الرجل لصَاحبه: أَنا عَبدك، وعَلى ذَلِك قَول يُوسُف - صلوَات الله عَلَيْهِ -: ﴿إِنَّه رَبِّي أحسن مثواي﴾ وَمثل هَذَا لَا يقْدَح، وَأما قَوْله: ﴿فتعالى الله عَمَّا يشركُونَ﴾ ابْتِدَاء كَلَام بعد الأول، وَأَرَادَ بِهِ: إشراك أهل مَكَّة، وَلَئِن أَرَادَ بِهِ الْإِشْرَاك الَّذِي سبق استقام الْكَلَام؛ لِأَنَّهُ كَانَ الأولى أَلا يفعل مَا أَتَى بِهِ من الْإِشْرَاك فِي الِاسْم، وَكَانَ ذَلِك زلَّة مِنْهُ، فَلذَلِك قَالَ: ﴿فتعالى الله عَمَّا يشركُونَ﴾ وَفِي الْآيَة قَول آخر: أَن هَذَا فِي جَمِيع بني آدم. قَالَ عِكْرِمَة: وَكَأن الله يُخَاطب بِهِ كل وَاحِد من الْخلق بقوله: ﴿هُوَ الَّذِي خَلقكُم من نفس وَاحِدَة﴾ يَعْنِي: خلق كل وَاحِد من أَبِيه ﴿وَجعل مِنْهَا زَوجهَا﴾ أَي: جعل من جِنْسهَا زَوجهَا ﴿ليسكن إِلَيْهَا﴾ يَعْنِي: كل زوج إِلَى زَوجته ﴿فَلَمَّا تغشاها﴾ أَي: وَطئهَا ﴿حملت حملا خَفِيفا فمرت بِهِ﴾ وَهَذَا قَول حسن فِي الْآيَة. وَقيل: إِنَّمَا عبر بِآدَم وحواء عَن جَمِيع أولادهما؛ لِأَنَّهُمَا أصل الْكل، وَالْأول أشهر وَأظْهر، وَهُوَ قَول ابْن عَبَّاس، وَمُجاهد، وَسَعِيد بن جُبَير. وَجَمَاعَة الْمُفَسّرين كلهم قَالُوا: إِن الْآيَة فِي آدم وحواء كَمَا بَينا.
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب