الباحث القرآني

قَوْله تَعَالَى: ﴿واتل عَلَيْهِم نبأ الَّذِي آتيناه آيَاتنَا فانسلخ مِنْهَا﴾ قَالَ ابْن عَبَّاس وَابْن مَسْعُود: فِي بلعم بن باعور، وَيُقَال: بلعام بن باعر، كَانَ فِي مَدِينَة الجبارين، وَكَانَ مَعَه الِاسْم الْأَعْظَم، فَلَمَّا قصدهم مُوسَى بجنده، قَالُوا لبلعم: إِن مُوسَى رجل فِيهِ حِدة، فَادع الله حَتَّى يرد عَنَّا مُوسَى، وَقيل: إِن ملكهم دَعَاهُ إِلَى نَفسه وَقَالَ لَهُ ذَلِك، فَقَالَ بلعم: لَو فعلت ذَلِك ذهب ديني ودنياي، فألحوا عَلَيْهِ حَتَّى دَعَا الله - تَعَالَى - فاستجيبت دَعوته، ورد عَنْهُم مُوسَى، وأوقعهم فِي التيه، فَلَمَّا وَقَعُوا فِي التيه، قَالَ مُوسَى: يَا رب بِمَ حبستنا فِي التيه؟ قَالَ: بِدُعَاء بلعم. قَالَ مُوسَى: اللَّهُمَّ فَكَمَا استجبت دَعوته فِينَا فاستجب دَعْوَتِي فِيهِ، ثمَّ دَعَا الله - تَعَالَى - حَتَّى ينْزع عَنهُ اسْمه الْأَعْظَم وَالْإِيمَان، فَفعل، وَقيل: نزع الله عَنهُ الِاسْم الْأَعْظَم وَالْإِيمَان، معاقبة لَهُ على مَا دَعَا، وَلم يكن ذَلِك بدعوة مُوسَى؛ فَهَذَا معنى قَوْله تَعَالَى: ﴿فانسلخ مِنْهَا﴾ . وَقَالَ عبد الله بن عَمْرو بن الْعَاصِ: الْآيَة فِي أُميَّة بن أبي الصَّلْت الثَّقَفِيّ كَانَ يطْلب الدّين قبل مبعث النَّبِي، وَكَانَ يطْمع أَن يكون نَبيا، فَلَمَّا بعث النَّبِي حسده وَكفر بِهِ، وَكَانَ أُميَّة صَاحب حِكْمَة وموعظة حَسَنَة. وَقَالَ الْحسن: الْآيَة فِي منافقي الْيَهُود. وَقَالَ مُجَاهِد: الْآيَة فِي نَبِي من الْأَنْبِيَاء بَعثه الله - تَعَالَى - إِلَى قومه، فرشاه قومه. وَهَذَا أَضْعَف الْأَقْوَال؛ لِأَن الله تَعَالَى يعْصم أنبياءه عَن مثل ذَلِك، وَعَن ابْن عَبَّاس - فِي رِوَايَة أُخْرَى - أَن الْآيَة فِي رجل من بني إِسْرَائِيل كَانَت لَهُ ثَلَاث دعوات مستجابة أعطَاهُ الله تَعَالَى ذَلِك، وَكَانَت لَهُ امْرَأَة دَمِيمَة؛ فَقَالَت لَهُ: ادْع الله أَن يَجْعَلنِي من أجمل نسَاء الْعَالم، فَدَعَا الله تَعَالَى فَاسْتَجَاب دَعوته؛ فتمردت واستعصت عَلَيْهِ؛ فَدَعَا الله تَعَالَى أَن يَجْعَلهَا كلبة؛ فَجعلت، فَقَالَ لَهُ بنوها: ادْع الله أَن يردهَا، فَدَعَا الله تَعَالَى فَعَادَت كَمَا كَانَت، فَذَهَبت فِيهَا دعواته الثَّلَاثَة، وَالْقَوْلَان الْأَوَّلَانِ أظهر. وَقَوله: ﴿فَأتبعهُ الشَّيْطَان﴾ أَي: أدْركهُ الشَّيْطَان، يُقَال: تبعه إِذا سَار فِي أَثَره، وَاتبعهُ إِذا أدْركهُ ﴿فَكَانَ من الغاوين﴾ أَي: من الضَّالّين.
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب