الباحث القرآني

قَوْله تَعَالَى: ﴿وَلما رَجَعَ مُوسَى إِلَى قومه غَضْبَان أسفا﴾ قَالَ أَبُو الدَّرْدَاء: الأسف: شَدِيد الْغَضَب، وَقيل: الأسف: أَشد الْحزن، وَكَأن مُوسَى رَجَعَ نَادِما حَزينًا يَقُول: لَيْتَني كنت فيهم فَلم يَقع لَهُم مَا وَقع. ﴿قَالَ بئْسَمَا خلفتموني من بعدِي﴾ أَي: (بئْسَمَا فَعلْتُمْ خَلْفي) ﴿أعجلتم أَمر ربكُم﴾ مَعْنَاهُ: أسبقتم أمرربكم، يَعْنِي: بفعلكم الَّذِي فَعلْتُمْ من غير أَمر ربكُم، وَقيل مَعْنَاهُ: استعجلتم وعد ربكُم. ﴿وَألقى الألواح﴾ وَكَانَ حَامِلا لَهَا، فألقاها على الأَرْض من شدَّة الْغَضَب، وَفِي التَّفْسِير: أَنه لما أَلْقَاهَا رَجَعَ بَعْضهَا إِلَى السَّمَاء وَبَقِي مِنْهَا لوحان، فَرجع مَا كَانَ فِيهِ أَخْبَار الْغَيْب، وَبَقِي مَا كَانَ فِيهِ الموعظة وَالْأَحْكَام من الْحَلَال وَالْحرَام، وَقيل: لما ألْقى الألواح انْكَسَرَ بَعْضهَا، فشدها مُوسَى بِالذَّهَب ﴿وَأخذ بِرَأْس أَخِيه﴾ يَعْنِي: هَارُون، وَفِيه حذف، وَتَقْدِيره: وَأخذ بِشعر رَأس أَخِيه ﴿يجره إِلَيْهِ قَالَ ابْن أم﴾ يَعْنِي هَارُون قَالَ لمُوسَى: ابْن ام، وَيقْرَأ بِكَسْر الْمِيم ونصبها، فَأَما بِكَسْر الْمِيم مَعْنَاهُ يَا ابْن أُمِّي، قَالَ الشَّاعِر: (يَا ابْن امي وَيَا شَقِيق نَفسِي ... أَنْت خلفتني لأمر كؤود) واما بِنصب الْمِيم، فَوجه النصب فِيهِ أَن قَوْله: " ابْن ام " كلمتان، لكنهما ككلمة وَاحِدَة، مثل قَوْلهم: " حَضرمَوْت " و " بعلبك " ركب أحد الاسمين فِي الآخر، فَبَقيَ على النصب تبيينا. ﴿إِن الْقَوْم استضعفوني وكادوا يقتلونني﴾ وَفِي الْقِصَّة: أَن هَارُون كَانَ لما مضى مِيقَات الثَّلَاثِينَ يقوم بَينهم خَطِيبًا، فيخطب كل يَوْم ويبكي، وَيَقُول: أنْشدكُمْ بِاللَّه لَا تعبدوا الْعجل، فَإِن مُوسَى رَاجع غَدا - إِن شَاءَ الله - فَهَكَذَا كَانَ يفعل ثَلَاثَة أَيَّام، فَلَمَّا لم يرجع بعد الثَّلَاث قَالُوا: إِنَّه قد مَاتَ، فخلوه، وَأَقْبلُوا على عبَادَة الْعجل، فَهَذَا معنى قَوْله: ﴿إِن الْقَوْم استضعفوني وكادوا يقتلونني فَلَا تشمت بِي الْأَعْدَاء﴾ والشماتة فعل مَا يسر بِهِ الْعَدو ﴿وَلَا تجعلني مَعَ الْقَوْم الظَّالِمين﴾ أَي: لَا تجعلني مَعَ الْكَافرين وَمن جُمْلَتهمْ.
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب