الباحث القرآني

قَوْله تَعَالَى: ﴿وَاتخذ قوم مُوسَى من بعده من حليهم﴾ وَيقْرَأ: " من حليهم " ﴿عجلا جسدا لَهُ خوار﴾ أَي: جَسَد لَهُ خوار، وَيقْرَأ فِي الشواذ: " لَهُ جؤار " وَهُوَ بِمَعْنى الخوار، وَفِي الْقِصَّة: أَن مُوسَى - صلوَات الله عَلَيْهِ - لما أَرَادَ الْخُرُوج إِلَى الطّور قَالَ لِقَوْمِهِ: أرجع إِلَيْكُم بعد ثَلَاثِينَ يَوْمًا، فَلَمَّا لم يرجع إِلَيْهِم بعد الثَّلَاثِينَ ظنُّوا أَنه مَاتَ، كَانَ السامري فِي بني إِسْرَائِيل مُطَاعًا بَينهم، وَكَانَ صائغا، فَقَالَ لَهُم: اجْمَعُوا لي مَا أَخَذْتُم من الْحلِيّ من آل فِرْعَوْن أصنع لكم شَيْئا، فدفعوا إِلَيْهِ مَا أخذُوا من الْحلِيّ فصاغ مِنْهُ الْعجل، قَالَ الْحسن: كَانَ السامري قد رأى جِبْرِيل يَوْم غرق فِرْعَوْن على فرس، فَأخذ قَبْضَة من أثر قدم فرسه. قَالَ عِكْرِمَة: ألقِي فِي روعه أَنه فِي أَي شَيْء ألْقى تِلْكَ القبضة من التُّرَاب يحيا بهَا ذَلِك الشَّيْء، وَذَلِكَ أَنه رأى مَوَاضِع قدم الْفرس تحضر فِي الْحَال وتنبت، فَلَمَّا صاغ الْعجل ألقِي فِي روعه أَن يلقِي تِلْكَ القبضة فِي فَمه فألقاها فِي فَم الْعجل فحيي، فَصَارَ لَحْمًا ودما من ذهب، وَله خوار فَإِنَّهُ خار، ثمَّ قَالَ السامري: ﴿هَذَا إِلَهكُم وإله مُوسَى فنسي﴾ على مَا سَيَأْتِي فِي قصَّته فِي سُورَة طه، وَقيل: إِنَّه مَا خار إِلَّا مرّة، وَقيل كَانَ يخور كثيرا، كَمَا تخور الْبَقَرَة، وَكَانَ كلما خار سجدوا لَهُ، وَكلما سكت رفعوا رُءُوسهم. وَقَالَ بعض الْمُفَسّرين: لم تنْبت فِيهِ حَيَاة أصلا، وَلم يكن لَهُ خوار حَقِيقَة، وَإِنَّمَا الَّذِي سمعُوا من الخوار كَانَ بحيلة، وَالصَّحِيح هُوَ الأول. ثمَّ اخْتلفُوا فِي عدد الَّذين عبدُوا الْعجل، قَالَ الْحسن: كلهم عبدوه إِلَّا هَارُون وَحده، وَقيل: - وَهُوَ الْأَصَح -: عَبده كلهم إِلَّا هَارُون وَاثنا عشر ألف رجل مِنْهُم. ﴿ألم يرَوا أَنه لَا يكلمهم وَلَا يهْدِيهم سَبِيلا﴾ وَهَذَا دَلِيل على أَن الله مُتَكَلم لم يزل وَلَا يزَال؛ لِأَنَّهُ اسْتدلَّ بِعَدَمِ الْكَلَام من الْعجل على نفي الإلهية. ﴿وَلَا يهْدِيهم سَبِيلا﴾ أَي: طَرِيقا ﴿اتخذوه وَكَانُوا ظالمين﴾ بِوَضْع الإلهية فِي غير موضعهَا.
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب