الباحث القرآني

قَوْله تَعَالَى: ﴿وَإِذا رَأَيْتهمْ تعجبك أجسامهم﴾ فِي التَّفْسِير: أَن عبد الله بن أبي بن سلول كَانَ رجلا جسيما فصيحا صبيحا ذلق اللِّسَان. قَالَ الزّجاج: أخبر الله تَعَالَى بِصِحَّة أجسامهم وَحسن مناظرهم وفصاحة ألسنتهم. وَهُوَ فِي قَوْله: ﴿وَإِن يَقُولُوا تسمع لقَولهم﴾ أَي: للسان الَّذِي لَهُم، ثمَّ قَالَ فِي شَأْنهمْ: ﴿كَأَنَّهُمْ خشب مُسندَة﴾ أَي: هم مناظر بِلَا مخابر، وصور بِلَا مَعَاني، وَإِنَّمَا مثلهم بالخشب؛ لِأَن الْخشب لَا قلب لَهُ وَلَا عقل، وَلَا يعي خَبرا وَلَا يفهمهُ. وَيُقَال فِي الْعَادة: فلَان خشب أَي: لَيْسَ لَهُ عقل وَلَا فهم. وَقُرِئَ: " خشب " بِسُكُون الشين، وَكِلَاهُمَا بِمَعْنى وَاحِد، يُقَال: بدن وبدنة وثمر وَثَمَرَة، فالخشب والخشب جمع، والواحدة خَشَبَة، ومثاله مَا ذكرنَا. وَقَوله تَعَالَى: ﴿مُسندَة﴾ أَي: ممالة إِلَى الْجِدَار. قَالَ عَليّ بن عِيسَى: جعلهم كخشب نخرة، متآكلة فِي الْبَاطِن، صَحِيحَة فِي الظَّاهِر. وَقَوله: ﴿يحسبون كل صَيْحَة عَلَيْهِم﴾ يَعْنِي: إِذا سمعُوا نِدَاء أَو سمعُوا من ينشد ضَالَّة أَو أَي صَوت كَانَ، ظنُّوا أَنهم المقصودون بذلك الصَّوْت، وَأَن سرائرهم قد ظَهرت للْمُسلمين، وَهُوَ وصف لجبنهم وخوفهم من الْمُسلمين. وَفِي بعض التفاسير أَن مَعْنَاهُ: هُوَ أَن كل من سَار النَّبِي بِشَيْء كَانُوا يظنون أَن ذَلِك فِي أَمرهم وشأنهم. وَقيل: كَانَ كلما نزلت لآيَة أَو سُورَة ظنُّوا من الْخَوْف أَنَّهَا نزلت فيهم، قَالَه ابْن جريح. وأنشدوا لجرير فِي الْجُبْن: (مَا زلت تحسب كل شَيْء بعدهمْ ... خيلا تكر عَلَيْهِم ورجالا) وَقَالَ غَيره: (لقد خفت حَتَّى لَو تمر كمامة ... لَقلت عدوا وطليعة معشر) وَقَوله: ﴿هم الْعَدو﴾ أَي: الْأَعْدَاء. وَقَوله: ﴿فَاحْذَرْهُمْ﴾ قَالَ ذَلِك لأَنهم يطلعون الْمُشْركين على أسرار الْمُسلمين، ويجبنون ضعفاء الْمُسلمين. قَوْله: ﴿قَاتلهم الله﴾ أَي: أخزاهم وأهلكهم. وَقيل: نزلهم منزلَة من يقاتله عَدو قاهر لَهُ. وَقَوله: ﴿أَنى يؤفكون﴾ أَي: كَيفَ يصرفون عَن الْحق مَعَ ظُهُوره؟ وَهُوَ يتَضَمَّن تقبيح فعلهم وتعجيب رَسُول الله مِنْهُم.
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب