الباحث القرآني
قَوْله تَعَالَى: ﴿هُوَ الَّذِي أخرج الَّذين كفرُوا من أهل الْكتاب من دِيَارهمْ﴾ قَالَ جمَاعَة الْمُفَسّرين: هم بَنو النَّضِير من الْيَهُود، وَكَانَ رَسُول الله وادعهم وَشرط عَلَيْهِم أَن لَا ينصرُوا مُشْركي قُرَيْش، فنقضوا الْعَهْد. وَرُوِيَ أَن نقضهم الْعَهْد كَانَ هُوَ أَن النَّبِي أَتَاهُم يَسْتَعِين بهم فِي دِيَة التلاديين وَقيل الْعَامِرِيين قَتْلَى عَمْرو بن أُميَّة الضمرِي، فجَاء وَقعد فِي أصل حصنهمْ فَقَالُوا: مَا جَاءَ بك يَا مُحَمَّد؟ ! فَذكر لَهُم مَا جَاءَ فِيهِ، واستعان بهم، فدبروا ليلقوا عَلَيْهِ صَخْرَة ويقتلوه؛ فجَاء جِبْرِيل عَلَيْهِ السَّلَام وَأخْبرهُ، فَرجع إِلَى الْمَدِينَة ثمَّ حَاصَرَهُمْ وأجلاهم ".
وَقَوله: ﴿لأوّل الْحَشْر﴾ قَالَ الْحسن: معنى أول الْحَشْر: هُوَ أَن الشَّام أَرض الْحَشْر والمنشر، وَكَانَ رَسُول الله أجلاهم إِلَى الشَّام، فإجلاءه إيَّاهُم كَانَ هُوَ الْحَشْر الأول، والحشر الثَّانِي يَوْم الْقِيَامَة، وَهُوَ قَول عِكْرِمَة أَيْضا. وَقَالَ عِكْرِمَة: من شكّ أَن الشَّام أَرض الْمَحْشَر فليقرأ قَوْله تَعَالَى: ﴿لأوّل الْحَشْر﴾ . وَقيل: إِن بني النَّضِير كَانُوا أول من أجلوا عَن بِلَادهمْ من الْيَهُود فَقَالَ: ﴿لأوّل الْحَشْر﴾ بِهَذَا الْمَعْنى. ثمَّ إِن عمر رَضِي الله عَنهُ أجلى بَاقِي الْيَهُود عَن جَزِيرَة الْعَرَب اسْتِدْلَالا بقوله عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام: " لَا يجْتَمع دينان فِي جَزِيرَة الْعَرَب " قَالَ أَبُو عُبَيْدَة: وجزيرة الْعَرَب من حفر أبي مُوسَى إِلَى أقْصَى حجر بِالْيمن طولا، وَمن رمل يبرين إِلَى مُنْقَطع السماوة عرضا. وَالْقَوْل الثَّانِي قَول مُجَاهِد وَغَيره.
وَقَوله: ﴿مَا ظننتم أَن يخرجُوا﴾ مَعْنَاهُ: مَا ظننتم أَيهَا الْمُؤْمِنُونَ أَن يخرجُوا؛ لأَنهم كَانُوا أعز الْيَهُود بِأَرْض الْحجاز وأمنعهم جانبا.
قَوْله: ﴿وظنوا أَنهم مانعتهم حصونهم من الله﴾ أَي: من عَذَاب الله.
وَقَوله: ﴿فَأَتَاهُم الله من حَيْثُ لم يحتسبوا﴾ قَالَ السدى: هُوَ بقتل كَعْب بن الْأَشْرَف، قَتله مُحَمَّد بن مسلمة الْأنْصَارِيّ حِين بَعثه رَسُول الله وَكَانَ صديقا لكعب فِي الْجَاهِلِيَّة فَجَاءَهُ لَيْلًا ودق عَلَيْهِ بَاب الْحصن، فَنزل وفاغتاله وَقَتله، وَرُوِيَ أَن مُحَمَّد بن مسلمة قَالَ لكعب: أَلَسْت كنت تعدنا خُرُوج هَذَا النَّبِي؟ وَتقول: هُوَ الضحوك الْقِتَال يركب الْبَعِير، ويلبس الشملة، يجترئ بالكسرة، سَيْفه على عَاتِقه، لَهُ ملاحم وملاحم. فَقَالَ: نعم، وَلَكِن لَيْسَ هُوَ بِذَاكَ. فَقَالَ كذبت يَا عَدو الله، بل حسدتموه.
وَقَوله: ﴿وَقذف فِي قُلُوبهم الرعب﴾ أَي: الْخَوْف، وَقد ثَبت أَن النَّبِي قَالَ: " نصرت بِالرُّعْبِ مسيرَة شهر ".
وَقَوله: ﴿يخربون بُيُوتهم بِأَيْدِيهِم وأيدي الْمُؤمنِينَ﴾ وَقُرِئَ: " يخربون " من الإخراب، فَمنهمْ من قَالَ: هما وَاحِد، وَالتَّشْدِيد للتكثير. وَقَالَ أَبُو عَمْرو: يخربون من فعل التخريب، ويخربون بِالتَّخْفِيفِ أَي: يتركوها خرابا. فَإِن قيل: كَيفَ قَالَ: ﴿يخربون بُيُوتهم بِأَيْدِيهِم وأيدي الْمُؤمنِينَ﴾ وَلَا يتَصَوَّر أَن يخربوا بُيُوتهم بأيدي الْمُؤمنِينَ؟ وَالْجَوَاب: إِنَّمَا أضَاف إِلَيْهِم؛ لأَنهم هم الَّذين ألجأوا الْمُؤمنِينَ إِلَى التخريب، وحملوهم على ذَلِك بامتناعهم عَن الْإِيمَان. فَإِن قَالَ قَائِل: لم يخربوا بُيُوتهم؟ قُلْنَا: طلبُوا من ذَلِك توسيع مَوضِع الْقِتَال. وَعَن الزُّهْرِيّ: أَن الْمُسلمين كَانُوا يخربون من خَارج الْحصن، وَالْيَهُود كَانُوا يخربون من دَاخل الْحصن، وَكَانَ تخريبهم ذَلِك ليحملوا مَا استحسنوه من سقوف بُيُوتهم مَعَ أنفسهم. وَقيل: لِئَلَّا تبقى للْمُؤْمِنين.
وَقَوله: ﴿فاعتبروا يَا أولي الْأَبْصَار﴾ وَالِاعْتِبَار هُوَ النّظر فِي الشَّيْء ليعرف بِهِ جنسه وَمثله. وَقيل مَعْنَاهُ: فانظروا وتدبروا يَا ذَوي الْعُقُول والفهوم، كَيفَ سلط الله الْمُؤمنِينَ عَلَيْهِم، وسلطهم على أنفسهم؟ وَقد اسْتدلَّ بِهَذِهِ الْآيَة على جَوَاز الْقيَاس فِي الْأَحْكَام، لِأَن الْقيَاس نوع اعْتِبَار؛ إِذْ هُوَ تَعْبِير شَيْء بِمثلِهِ بِمَعْنى جَامع بَينهمَا ليتفقا فِي حكم الشَّرْع.
{"ayah":"هُوَ ٱلَّذِیۤ أَخۡرَجَ ٱلَّذِینَ كَفَرُوا۟ مِنۡ أَهۡلِ ٱلۡكِتَـٰبِ مِن دِیَـٰرِهِمۡ لِأَوَّلِ ٱلۡحَشۡرِۚ مَا ظَنَنتُمۡ أَن یَخۡرُجُوا۟ۖ وَظَنُّوۤا۟ أَنَّهُم مَّانِعَتُهُمۡ حُصُونُهُم مِّنَ ٱللَّهِ فَأَتَىٰهُمُ ٱللَّهُ مِنۡ حَیۡثُ لَمۡ یَحۡتَسِبُوا۟ۖ وَقَذَفَ فِی قُلُوبِهِمُ ٱلرُّعۡبَۚ یُخۡرِبُونَ بُیُوتَهُم بِأَیۡدِیهِمۡ وَأَیۡدِی ٱلۡمُؤۡمِنِینَ فَٱعۡتَبِرُوا۟ یَـٰۤأُو۟لِی ٱلۡأَبۡصَـٰرِ"}
- أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.
أمّهات
جامع البيان
تفسير الطبري
نحو ٢٨ مجلدًا
تفسير القرآن العظيم
تفسير ابن كثير
نحو ١٩ مجلدًا
الجامع لأحكام القرآن
تفسير القرطبي
نحو ٢٤ مجلدًا
معالم التنزيل
تفسير البغوي
نحو ١١ مجلدًا
جمع الأقوال
منتقاة
عامّة
عامّة
فتح البيان
فتح البيان للقنوجي
نحو ١٢ مجلدًا
فتح القدير
فتح القدير للشوكاني
نحو ١١ مجلدًا
التسهيل لعلوم التنزيل
تفسير ابن جزي
نحو ٣ مجلدات
موسوعات
أخرى
لغة وبلاغة
معاصرة
الميسر
نحو مجلد
المختصر
المختصر في التفسير
نحو مجلد
تيسير الكريم الرحمن
تفسير السعدي
نحو ٤ مجلدات
أيسر التفاسير
نحو ٣ مجلدات
القرآن – تدبّر وعمل
القرآن – تدبر وعمل
نحو ٣ مجلدات
تفسير القرآن الكريم
تفسير ابن عثيمين
نحو ١٥ مجلدًا
مركَّزة العبارة
تفسير الجلالين
نحو مجلد
جامع البيان
جامع البيان للإيجي
نحو ٣ مجلدات
أنوار التنزيل
تفسير البيضاوي
نحو ٣ مجلدات
مدارك التنزيل
تفسير النسفي
نحو ٣ مجلدات
الوجيز
الوجيز للواحدي
نحو مجلد
تفسير القرآن العزيز
تفسير ابن أبي زمنين
نحو مجلدين
آثار
غريب ومعاني
السراج في بيان غريب القرآن
غريب القرآن للخضيري
نحو مجلد
الميسر في غريب القرآن الكريم
الميسر في الغريب
نحو مجلد
تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن قتيبة
نحو مجلد
التبيان في تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن الهائم
نحو مجلد
معاني القرآن وإعرابه
معاني الزجاج
نحو ٤ مجلدات
معاني القرآن
معاني القرآن للنحاس
نحو مجلدين
معاني القرآن
معاني القرآن للفراء
نحو مجلدين
مجاز القرآن
مجاز القرآن لمعمر بن المثنى
نحو مجلد
معاني القرآن
معاني القرآن للأخفش
نحو مجلد
أسباب النزول
إعراب ولغة
الإعراب الميسر
نحو ٣ مجلدات
إعراب القرآن
إعراب القرآن للدعاس
نحو ٤ مجلدات
الجدول في إعراب القرآن وصرفه وبيانه
الجدول في إعراب القرآن
نحو ٨ مجلدات
الدر المصون
الدر المصون للسمين الحلبي
نحو ١٠ مجلدات
اللباب
اللباب في علوم الكتاب
نحو ٢٤ مجلدًا
إعراب القرآن وبيانه
إعراب القرآن للدرويش
نحو ٩ مجلدات
المجتبى من مشكل إعراب القرآن
مجتبى مشكل إعراب القرآن
نحو مجلد
إعراب القرآن
إعراب القرآن للنحاس
نحو ٣ مجلدات
تحليل كلمات القرآن
نحو ٩ مجلدات
الإعراب المرسوم
نحو ٣ مجلدات
المجمّع
بالرسم الجديد
بالرسم القديم
حفص عن عاصم
شُعْبة عن عاصم
قالون عن نافع
ورش عن نافع
البَزِّي عن ابن كثير
قُنبُل عن ابن كثير
الدُّوري عن أبي عمرو
السُّوسِي عن أبي عمرو
نستعليق











