الباحث القرآني

قَوْله تَعَالَى: ﴿قَالَت الْأَعْرَاب آمنا قل لم تؤمنوا وَلَكِن قُولُوا أسلمنَا﴾ أَي: استسلمنا وانقدنا. وَالْآيَة نزلت فِي قوم كَانُوا يظهرون الْإِيمَان بلسانهم وَلَا يصدقون بقلوبهم. وَاخْتلف أهل الْعلم فِي الْإِيمَان وَالْإِسْلَام، قَالَ بَعضهم: هما وَاحِد، وَفرق بَعضهم بَينهمَا. وَفِي بعض الْأَخْبَار عَن النَّبِي قَالَ: " الْإِسْلَام عَلَانيَة، وَالْإِيمَان فِي الْقلب " وَعَن لزهري: الْإِسْلَام هُوَ الْكَلِمَة، وَالْإِيمَان الْعَمَل. وَفِي خبر " جِبْرِيل صلوَات الله عَلَيْهِ حَيْثُ جَاءَ يسْأَل عَن الْإِسْلَام وَالْإِيمَان، وَفرق الرَّسُول بَينهمَا، فَجعل الْإِسْلَام هُوَ الْأَعْمَال الظَّاهِرَة، وَالْإِيمَان هُوَ التَّصْدِيق الْبَاطِن ". . وَهَذَا خبر صَحِيح. وَثَبت أَيْضا أَن النَّبِي أعْطى قوما، وَلم يُعْط رجلا، فَقَالَ سعد بن أبي وَقاص: إِنَّك أَعْطَيْت فلَانا وَفُلَانًا وَلم تعط فلَانا وَهُوَ مُؤمن؟ فَقَالَ: " أَو مُسلم " وَاسْتدلَّ من قَالَ فِي أَنَّهُمَا وَاحِد بقوله تَعَالَى: ﴿فأخرجنا من كَانَ فِيهَا من الْمُؤمنِينَ فَمَا وجدنَا فِيهَا غير بَيت من الْمُسلمين﴾ . وَأكْثر الْأَخْبَار دَالَّة على التَّفْرِيق، فَيجوز أَن نفرق مَا قُلْنَا وعَلى مَا ورد فِي الْأَخْبَار، وَيجوز أَن يُقَال: هما وَاحِد، فَيكون الْإِسْلَام بِمَعْنى الْإِيمَان، وَالْإِيمَان بِمَعْنى الْإِسْلَام، وَهُوَ الْمُتَعَارف بَين الْمُسلمين أَن يفهم من أَحدهمَا مَا يفهم من الآخر، وَالله أعلم. وَقَوله: ﴿وَلما يدْخل الْإِيمَان فِي قُلُوبكُمْ﴾ هُوَ دَلِيل على أَنهم لم يَكُونُوا مُصدقين فِي الْبَاطِن. وَقَوله: ﴿وَإِن تطيعوا الله وَرَسُوله لَا يلتكم من أَعمالكُم﴾ وَقُرِئَ: " لَا يألتكم " أَي: لَا ينقصكم. وَأما من قَرَأَ: " لَا يألتكم من أَعمالكُم شَيْئا " فَهُوَ بِمَعْنى النَّقْص أَيْضا، قَالَ الشَّاعِر: (وَلَيْلَة ذَات سري سريت ... وَلم يلتني عَن سراها لَيْت) قَوْله تَعَالَى: ﴿إِن الله غَفُور رَحِيم﴾ ظَاهر الْمَعْنى.
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب