الباحث القرآني

قَوْله تَعَالَى: ﴿مثل الْجنَّة الَّتِي وعد المتقون﴾ فِي قِرَاءَة عَليّ رَضِي الله عَنهُ: " أَمْثَال الْجنَّة الَّتِي وعد المتقون " وَالْمعْنَى: صفة الْجنَّة الَّتِي وعد المتقون أَي: صِفَات الْجنَّة الَّتِي وعد المتقون، وَمَعْنَاهُ: وعد المتقون من (الشّرك) . وَقَوله: ﴿فِيهَا أَنهَار من مَاء غير الْخَيْر آسن﴾ أَي: غير متغير. يُقَال: أسن المَاء يأسن إِذا تغير، وأجن يأجن إِذا تغير أَيْضا، وَإِنَّمَا قَالَ ذَلِك لِأَن المَاء يتَغَيَّر بطول الْمكْث، وَمَاء الْجنَّة لَا يتَغَيَّر بطول الْمكْث. وَقَوله: ﴿وأنهار من لبن لم يتَغَيَّر طعمه﴾ أَي: يحمض. وَإِنَّمَا قَالَ ذَلِك لِأَن اللَّبن إِذا مر عَلَيْهِ الزَّمَان يتَغَيَّر ويحمض، وَقد ثَبت أَن النَّبِي قَالَ: " أُوتيت بإناءين لَيْلَة الْمِعْرَاج فِي أَحدهمَا خمر، وَفِي الآخر لبن، فَأخذت اللَّبن وشربته، فَقَالَ جِبْرِيل عَلَيْهِ السَّلَام: أصبت الْفطْرَة ". وَمن الْمَعْرُوف أَيْضا " أَن النَّبِي كَانَ إِذا أكل طَعَاما شكر الله تَعَالَى، وَسَأَلَ [الله] أَن يرزقه خيرا مِنْهُ إِلَّا اللَّبن، فَإِنَّهُ كَانَ إِذا شرب اللَّبن شكر الله تَعَالَى وَلم يقل وارزقنا خيرا مِنْهُ ". وَقَوله: ﴿وأنهار من خمر لَذَّة للشاربين﴾ واللذة: طيبَة النَّفس فِي الشّرْب، وَقد بَينا وصف خمر الْجنَّة قبل هَذَا. وَقَوله: ﴿وأنهار من عسل مصفى﴾ أَي: منقى من الكدر والعكر. وَيُقَال: مصفى من الشمع أَلا يكون فِيهِ شمع. وَقَوله: ﴿وَلَهُم فِيهَا من كل الثمرات﴾ أَي: الْفَوَاكِه. وَقَوله: ﴿ومغفرة من رَبهم﴾ أَي: الْعَفو من رَبهم. وَقَوله: ﴿كمن هُوَ خَالِد فِي النَّار﴾ أَي: من يُعْطي مثل هَذِه النعم يكون حَاله كَحال من هُوَ خَالِد فِي النَّار. وَقَوله: ﴿وَسقوا مَاء حميما﴾ الْحَمِيم: هُوَ المَاء الَّذِي تناهى فِي الْحر، وَفِي التَّفْسِير: أَنه مَاء سعرت عَلَيْهِ نيران جَهَنَّم مُنْذُ خلقت، فَإِذا قربه الْكَافِر إِلَى وَجهه للشُّرْب شوى وَجهه، وَسَقَطت جلدَة وَجهه وفروة رَأسه. ﴿قَالُوا للَّذين أُوتُوا الْعلم مَاذَا قَالَ آنِفا أُولَئِكَ الَّذين طبع الله على قُلُوبهم وأهواءهم﴾ وَفِي بعض المسانيد بِرِوَايَة أبي أُمَامَة الْبَاهِلِيّ أَن النَّبِي قَالَ: " إِذا شرب الْكَافِر الْحَمِيم؛ قطع أمعاءه فَخرجت من دبره، ثمَّ تَلا قَوْله تَعَالَى: ﴿وَسقوا مَاء حميما فَقطع أمعاءهم﴾ . وَفِي بعض الحكايات عَن مُحَمَّد بن عبيد الله الْكَاتِب قَالَ: رجعت من مَكَّة فمررت بطيزناباد وَهُوَ مَوضِع بَين الْكُوفَة وبغداد فَرَأَيْت كرما فِيهِ عِنَب كثير، فَذكرت قَول أبي نواس: (بطيزناباد كرم مَا مَرَرْت بِهِ ... إِلَّا تعجبت (مِمَّن) يشرب المَاء) فَسمِعت قَائِلا يَقُول أسمع صَوته وَلَا أرَاهُ: (وَفِي الْجَحِيم حميم مَا تجرعه ... خلق فأبقى لَهُ فِي الْبَطن أمعاء)
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب