الباحث القرآني

قَوْله تَعَالَى: ﴿وَقَالُوا مَا هِيَ إِلَّا حياتنا الدُّنْيَا نموت ونحيا﴾ فِيهِ أَقْوَال: أَحدهمَا: أَنه على التَّقْدِيم وَالتَّأْخِير، وَمَعْنَاهُ: نحيا وَنَمُوت، وَهَكَذَا قَرَأَ ابْن مَسْعُود. وَالْقَوْل الثَّانِي: نموت ونحيا: أَي: يَمُوت الْبَعْض منا، ويحيا الْبَعْض منا. وَفِيه قَولَانِ آخرَانِ: أَحدهمَا: وَهُوَ القَوْل الثَّالِث: نموت ونحيا أَي: نموت نَحن ويحيا أَوْلَادنَا، وَالْقَوْل الرَّابِع: هُوَ أَنه خلقنَا أَمْوَاتًا ثمَّ أَحْيَانًا. وَقَوله: ﴿وَمَا يُهْلِكنَا إِلَّا الدَّهْر﴾ قَالَ قَتَادَة: من الْأَيَّام والليالي. وَيُقَال: مَا يُهْلِكنَا إِلَّا الدَّهْر أَي: إِلَّا الْمَوْت، قَالَ الشَّاعِر. (أَمن الْمنون وريبها يتوجع ... والدهر لَيْسَ بمعتب من يجزع) أَي: الْمَوْت. وَيُقَال: وَمَا يُهْلِكنَا إِلَّا الدَّهْر أَي: طول الْعُمر، وَقد ثَبت عَن النَّبِي أَنه قَالَ: " لَا تسبوا الدَّهْر فَإِن الله هُوَ الدَّهْر ". قَالَ الشَّيْخ الإِمَام رَضِي الله عَنهُ: أخبرنَا بذلك أَبُو الْحُسَيْن النقور، أخبرنَا أَبُو الْقَاسِم بن حبابة، أخبرنَا الْبَغَوِيّ هُوَ ابْن بنت منيع واسْمه عبد الله بن مُحَمَّد أَبُو الْقَاسِم، أخبرنَا هدبة بن خَالِد، أخبرنَا حَمَّاد بن سَلمَة، عَن أَيُّوب، عَن مُحَمَّد بن سِيرِين، عَن أبي هُرَيْرَة الْخَبَر. وروى الْعَلَاء بن عبد الرَّحْمَن، عَن أَبِيه، عَن أبي هُرَيْرَة أَن النَّبِي قَالَ: " يَقُول الله تَعَالَى: استقرضت من ابْن آدم فَلم يقرضني، ويسبني وَهُوَ لَا يعلم، وَيَقُول: يادهراه يادهراه " وَفِي رِوَايَة " يَا خيبة الدَّهْر وَأَنا الدَّهْر ". وَفِي رِوَايَة ثَالِثَة عَن النَّبِي أَنه قَالَ: " يَقُول الله تَعَالَى: يُؤْذِينِي ابْن آدم يسب الدَّهْر وَأَنا الدَّهْر، أدبر الْأَمر أقلب اللَّيْل وَالنَّهَار ". وَفِي معنى الْخَبَر ثَلَاثَة أوجه: أَحدهَا: أَن مَعْنَاهُ: لَا تسبوا الدَّهْر؛ فَإِن الله هُوَ الدَّهْر أَي: خَالق الدَّهْر. وَالْوَجْه الثَّانِي: لَا تسبوا الدَّهْر فَإِنِّي فَاعل الْأَشْيَاء. وَكَانُوا يضيفون الْفِعْل إِلَى الدَّهْر ويسبونه، فَإِن الله هُوَ الدَّهْر يَعْنِي: أَن الله فَاعل الْأَشْيَاء لَا الدَّهْر، وَهَذَا قَول مُعْتَمد. وَالْوَجْه الثَّالِث: وَهُوَ أَنهم كَانُوا يَعْتَقِدُونَ بَقَاء الدَّهْر، وَأَنه لَا يبْقى شَيْء مَعَ بَقَاء الدَّهْر فَقَالَ: لَا تسبوا الدَّهْر يَعْنِي: لَا تسبوا الَّذين يَعْتَقِدُونَ أَنه الْبَاقِي؛ فَإِن الله هُوَ الدَّهْر يَعْنِي: فَإِن الله هُوَ الْبَاقِي بَقَاء الْأَبَد على مَا يَعْتَقِدُونَ فِي الدَّهْر. وَقَوله: ﴿ومالهم بذلك من علم إِن هم إِلَّا يظنون﴾ أَي: قَالُوا مَا قَالُوهُ على ظن وَشك لَا عَن علم ويقين.
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب