الباحث القرآني

قَوْله تَعَالَى: ﴿وَمَا كَانَ لبشر أَن يكلمهُ الله إِلَّا وَحيا﴾ ذكر النقاش فِي تَفْسِيره: أَن سَبَب نزُول الْآيَة هُوَ ان الْمُشْركين قَالُوا للنَّبِي: هلا كلمك الله وَنظرت إِلَيْهِ كَمَا كَانَ مُوسَى؟ فَأنْزل الله تَعَالَى هَذِه الْآيَة. وَقَوله: ﴿إِلَّا وَحيا﴾ فِيهِ قَولَانِ: أَحدهمَا أَنه الإلهام من الله تَعَالَى بالنفث فِي صَدره، وَالْآخر: أَنه الرُّؤْيَا فِي الْمَنَام. وَفِي بعض الرِّوَايَات عَن ابْن عَبَّاس: لم ير جِبْرِيل من الْأَنْبِيَاء غير أَرْبَعَة هم: مُوسَى، وَعِيسَى، وزَكَرِيا، وَمُحَمّد عَلَيْهِم الصَّلَاة وَالسَّلَام وَأما الْبَاقُونَ فَكَانَ لَهُم وَحي وإلهام، وَهَذِه رِوَايَة غَرِيبَة. وَقَوله: ﴿أَو من وَرَاء حجاب﴾ أَي: كَمَا كلم مُوسَى من وَرَاء حجاب، وَقيل: بالحجاب على مَوضِع الْكَلَام لَا على الله. [وَقيل] : إِن مُوسَى عَلَيْهِ السَّلَام لما سمع كَلَام الله وَلم يره كَانَ بِمَنْزِلَة من يسمع من وَرَاء الْحجاب. وَقَوله: ﴿أَو يُرْسل رَسُولا فَيُوحِي بِإِذْنِهِ مَا يَشَاء﴾ يَعْنِي: يُرْسل جِبْرِيل بِالْوَحْي إِلَى من يَشَاء من الْأَنْبِيَاء، [وَجُمْلَة] الَّذِي وصل إِلَى الْأَنْبِيَاء من الْوَحْي على ثَلَاثَة وُجُوه: وَحي إلهام، ورؤيا فِي الْمَنَام، ووحي بِتَكْلِيم الله تَعَالَى، ووحي بِلِسَان جِبْرِيل عَلَيْهِ لسلام. وَعَن مُجَاهِد أَنه قَالَ: أوحى الله تَعَالَى الزبُور إِلَى دَاوُد فقرأه من قلبه، وَلم يكن على لِسَان جِبْرِيل. وَفِي بعض الْآثَار: أَن الله تَعَالَى وكل بِحِفْظ الْوَحْي جِبْرِيل عَلَيْهِ السَّلَام، وَكَذَلِكَ بإيصاله إِلَى الْأَنْبِيَاء، وَكَذَلِكَ وَكله بنصرة الْأَنْبِيَاء وَعَذَاب الْكفَّار، ووكل مِيكَائِيل بالقطر والنبات، ووكل إسْرَافيل بالصور، وَهُوَ أَيْضا من حَملَة الْعَرْش، ووكل ملك الْمَوْت بِقَبض الْأَرْوَاح؛ فهم موكلون على هَذِه الْأَشْيَاء بِإِذن الله تَعَالَى. وَفِي بعض الْأَخْبَار أَن جِبْرِيل عَلَيْهِ السَّلَام كَانَ يلقى النَّبِي فِي ثِيَاب بَيَاض ملفوفة بالدر والياقوت وَرجلَاهُ مغموستان فِي خضرَة. وَقد ذكرنَا فِي رِوَايَة عَن النَّبِي " أَن الْمُرْسلين من الْأَنْبِيَاء مائَة [وَخَمْسَة] عشر [جما غفيرا] أَوَّلهمْ آدم ﴿مَا كنت تَدْرِي مَا الْكتاب وَلَا الْإِيمَان وَلَكِن جَعَلْنَاهُ نورا نهدي بِهِ من نشَاء من عبادنَا﴾ وَآخرهمْ مُحَمَّد عَلَيْهِمَا السَّلَام ". وَقَوله: ﴿إِنَّه عَليّ حَكِيم﴾ أَي: متعال مِمَّا يصفونه (الْمُشْركُونَ) ، حَكِيم فِي جَمِيع مَا يَفْعَله.
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب