الباحث القرآني

قَوْله تَعَالَى: ﴿وَلَو جَعَلْنَاهُ قُرْآنًا أعجميا﴾ أَي: بِلِسَان الْعَجم. وَيُقَال: أعجميا أَي: غير مُبين، قَالَه الْمفضل، وَالْأول هُوَ الْمَشْهُور. وَقَوله: ﴿لقالوا لَوْلَا فصلت آيَاته﴾ أَي: بيّنت آيَاته ﴿أأعجمي وعربي﴾ مَعْنَاهُ: أقرآن أعجمي، وَرَسُول عَرَبِيّ؟ . وَقَرَأَ ابْن عَبَّاس وَالْحسن: " لَوْلَا فصلت آيَاته عجمي وعربي " لَا على وَجه الِاسْتِفْهَام أَي: هلا جعل بعض آيَاته عجميا، وَبَعض آيَاته عَرَبيا، وَالْمُخْتَار هِيَ الْقِرَاءَة الأولى على الْمَعْنى الأول. والأعجمي كل من فِي لِسَانه عجمة، وَإِن كَانَ عَرَبيا، وَمِنْه زِيَادَة الأعجمي الشَّاعِر. والعجمي هُوَ الْوَاحِد من الْعَجم، والأعرابي كل من يسكن البدو، والعربي الْوَاحِد من الْعَرَب، قَالَ الشَّاعِر: (وَلم أر مثلي هاجه صَوت مثلهَا ... وَلَا عَرَبيا هاجه صَوت أعجما.) وَيُقَال: إِن الْآيَة نزلت فِي يسَار بن فكيهة غُلَام ابْن الْحَضْرَمِيّ، وَكَانَ يدْخل على رَسُول الله، وَكَانَ يَهُودِيّا قد قَرَأَ الْكتب، فَقَالُوا: علم مُحَمَّدًا يسَار أَبُو فكيهة، فَقَالَ أَبُو فكيهة: لَا، بل أَنا أتعلم مِنْهُ، وَهُوَ يعلمني. وَقَوله: ﴿قل هُوَ للَّذين آمنُوا﴾ أَي: الْقُرْآن ﴿هدى وشفاء﴾ أَي: هدى للأبصار، وشفاء للقلوب. وَقَوله: ﴿وَالَّذين لَا يُؤمنُونَ فِي آذانهم وقر﴾ أَي: ثقل وصمم، كَأَنَّهُ جعلهم بِمَنْزِلَة الصم حِين لم يسمعوا سَماع قَابل. وَقَوله: ﴿وَهُوَ عَلَيْهِم عمى﴾ قَالَ الْفراء: عموا وصموا على الْقُرْآن حَيْثُ لم ينتفعوا بِهِ. وَقيل: عميت أَبْصَارهم عَن الْقُرْآن، فالقرآن عَلَيْهِم بِمَنْزِلَة الْعَمى. وَقَوله: ﴿أُولَئِكَ ينادون من مَكَان بعيد﴾ أَي: بعيد من قُلُوبهم، حكى هَذَا عَن عَليّ بن أبي طَالب رَضِي الله عَنهُ، وَيُقَال: ينادون من مَكَان بعيد أَي: السَّمَاء، قَالَ الْفراء: تَقول الْعَرَب لمن لَا يفهم القَوْل: إِنَّه يَأْخُذهُ من مَكَان بعيد، وَإِذا كَانَ يفهم يَقُولُونَ: إِنَّه يَأْخُذهُ من مَكَان قريب. وَذكر بعض النَّحْوِيين أَن قَوْله: ﴿أُولَئِكَ ينادون من مَكَان بعيد﴾ جَوَاب لقَوْله تَعَالَى: ﴿إِن الَّذين كفرُوا بِالذكر لما جَاءَهُم﴾ وَالَّذِي ذكرنَا أَن الْجَواب مَحْذُوف هُوَ الأولى، وَقد بَينا. أوردهُ النّحاس.
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب