الباحث القرآني

قَوْله - تَعَالَى -: ﴿وَإِذا حييتُمْ بِتَحِيَّة﴾ أَكثر الْمُفَسّرين على أَن المُرَاد بالتحية هَاهُنَا: السَّلَام، وأصل التَّحِيَّة: هُوَ دُعَاء بِالْحَيَاةِ، وَهُوَ فِي الشَّرِيعَة عبارَة عَن السَّلَام، وَالسَّلَام: دُعَاء السَّلامَة، وَقد تكون التَّحِيَّة بِمَعْنى: الْملك والبقاء، وَمِنْه: التَّحِيَّات لله، وَقَالَ الشَّاعِر: (وَلكُل مَا نَالَ الْفَتى ... قد نلته إِلَّا التَّحِيَّة) يَعْنِي: إِلَّا الْملك، وعَلى معنى السَّلَام أنشدوا قَول الشَّاعِر: (إِنَّا محيوك يَا سلمى فحيينا ... وَإِن سقيت كرام النَّاس فاسقينا) ﴿فَحَيوا بِأَحْسَن مِنْهَا أَو ردوهَا﴾ أَرَادَ بِهِ: رد السَّلَام بِأَحْسَن مِمَّا سلم، أَو ترد كَمَا سلم، فَإِذا قَالَ: السَّلَام عَلَيْك، فالمستحب أَن تَقول: وَعَلَيْك السَّلَام وَرَحْمَة الله، وَإِذا قَالَ: السَّلَام عَلَيْك وَرَحْمَة الله، تَقول: وَعَلَيْكُم السَّلَام وَرَحْمَة الله وَبَرَكَاته، وَهُوَ الْأَحْسَن. وَفِي الْخَبَر: " أَن رجلا جَاءَ، فَسلم على النَّبِي، فَقَالَ: وَعَلَيْكُم السَّلَام وَرَحْمَة الله، فَدخل آخر وَقَالَ: السَّلَام عَلَيْك وَرَحْمَة الله، فَقَالَ: وَعَلَيْكُم السَّلَام وَرَحْمَة الله وَبَرَكَاته، فَدخل ثَالِث، وَقَالَ: السَّلَام عَلَيْك وَرَحْمَة الله وَبَرَكَاته، فَقَالَ: وَعَلَيْكُم؛ فَقيل لَهُ فِي ذَلِك، فَقَالَ - عَلَيْهِ السَّلَام - إِن الأول وَالثَّانِي تركا من التَّحِيَّة شَيْئا؛ فأجبت بِأَحْسَن، وَإِن الثَّالِث لم يتْرك من التَّحِيَّة شَيْئا فَرددت عَلَيْهِ ". وَاعْلَم أَن السَّلَام، سنة ورد السَّلَام فَرِيضَة، لكنه فرض على الْكِفَايَة، حَتَّى إِذا سلم على جمَاعَة فَرد أحدهم؛ سقط الْفَرْض عَن البَاقِينَ، وَكَذَلِكَ السَّلَام سنة على الْكِفَايَة، حَتَّى إِذا كَانَت جمَاعَة، فَسلم أحدهم كفى فِي السّنة. وروى الْحسن مُرْسلا عَن النَّبِي أَنه قَالَ: " السَّلَام سنة ورده فَرِيضَة ". وَقَالَ بعض الْمُفَسّرين: أَرَادَ بالتحية: الهبات والهدايا، وَقَوله: ﴿فَحَيوا بِأَحْسَن مِنْهَا﴾ أَرَادَ بِهِ: الثَّوَاب على الْهَدِيَّة، وَهُوَ سنة، " وَكَانَ عَلَيْهِ السَّلَام يقبل الْهَدِيَّة، ويثيب عَلَيْهَا "، وَالأَصَح هُوَ القَوْل الأول. ﴿إِن الله كَانَ على شئ حسيبا﴾ أَي: محاسبا، وَقيل كَافِيا، وَمِنْه قَوْله تَعَالَى: ﴿جَزَاء من رَبك عَطاء حسابا﴾ أَي: كَافِيا.
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب