الباحث القرآني
قَوْله تَعَالَى: ﴿يُوصِيكُم الله فِي أَوْلَادكُم﴾ مَعْنَاهُ: يفْرض الله عَلَيْكُم فِي أَوْلَادكُم، وَذَلِكَ مثل قَوْله - تَعَالَى -: ﴿وَلَا تقتلُوا النَّفس الَّتِي حرم الله إِلَّا بِالْحَقِّ ذَلِكُم وَصَّاكُم بِهِ﴾ أَي: فرض عَلَيْكُم ﴿للذّكر مثل حَظّ الْأُنْثَيَيْنِ﴾ .
سَبَب نزُول الْآيَة: " أَن سعد بن الرّبيع لما اسْتشْهد يَوْم أحد خلف ابْنَتَيْن وَامْرَأَة وأخا، فجَاء الْأَخ وَأخذ جَمِيع المَال، فَجَاءَت الْمَرْأَة تَشكوا إِلَى رَسُول الله؛ فَنزلت الْآيَة ". فَدَعَا رَسُول الله الْأَخ، وَقَالَ: اعط الابنتين الثُّلثَيْنِ وَالْمَرْأَة الثّمن، وَخذ الْبَاقِي ".
وَقَوله: ﴿للذّكر مثل حَظّ الْأُنْثَيَيْنِ﴾ يَعْنِي: إِذا خلف ابْنا وَابْنه، فَالْمَال من ثَلَاثَة أسْهم: سَهْمَان للإبن، وَسَهْم للْبِنْت ﴿فَإِن كن نسَاء فَوق اثْنَتَيْنِ فَلَهُنَّ ثلثا مَا ترك﴾ أَكثر الصَّحَابَة وَالْعُلَمَاء على أَن للابنتين، وَالثَّلَاث: الثُّلثَيْنِ.
وَقَالَ ابْن عَبَّاس: للابنتين النّصْف، وَإِنَّمَا الثُّلُثَانِ للثلاث وَمَا زَاد؛ تمسكا بِظَاهِر الْآيَة. وَالْأول أصح.
وَمعنى قَوْله: ﴿فَإِن كن نسَاء فَوق اثْنَتَيْنِ﴾ يَعْنِي: كن نسَاء اثْنَتَيْنِ فَمَا فَوْقهمَا، وَهَذَا كَقَوْلِه: ﴿فاضربوا فَوق الْأَعْنَاق﴾ أَي: فاضربوا الْأَعْنَاق فَمَا فَوْقهَا، وَقيل: " فَوق " فِيهِ صلَة، وَتَقْدِيره: فَإِن كن نسَاء اثْنَتَيْنِ، وَاسم الْجمع ينْطَلق على الِاثْنَيْنِ؛ لِأَن الْجمع عبارَة عَن جمع الشَّيْء، وَيَسْتَوِي فِيهِ الِاثْنَان وَالثَّلَاث، ولأنا أجمعنا على أَن الْأُخْتَيْنِ ترثان الثُّلثَيْنِ، وهما ابنتا أَب الْمَيِّت، فالابنتان لِأَن يرثا الثُّلثَيْنِ أولى، وهما ابنتاه للصلب.
﴿وَإِن كَانَت وَاحِدَة فلهَا النّصْف﴾ وَفِيه إِجْمَاع ﴿ولأبويه لكل وَاحِد مِنْهُمَا السُّدس مِمَّا ترك وَإِن كَانَ لَهُ ولد﴾ يَعْنِي: للْمَيت، ﴿فَإِن لم يكن لَهُ ولد وَورثه أَبَوَاهُ فلأمه الثُّلُث﴾ وَهَذَا لَا خلاف فِيهِ.
﴿فَإِن كَانَ لَهُ إخوه فلأمه السُّدس﴾ أَكثر الصَّحَابَة وَالْعُلَمَاء على أَن الْأَخَوَيْنِ وَالثَّلَاثَة يردون الْأُم من الثُّلُث إِلَى السُّدس.
وَقَالَ ابْن عَبَّاس: الثَّلَاثَة يردون، فَأَما الأخوان فَلَا يردان، لِأَنَّهُ ذكر بِلَفْظ الْجمع وَأقله ثَلَاثَة.
وَقد بَينا أَن اسْم الْجمع ينْطَلق على اثْنَيْنِ وَالثَّلَاثَة.
وَقَرَأَ حَمْزَة وَالْكسَائِيّ: " فلأمه السُّدس " بِكَسْر الْهمزَة، وَهُوَ لُغَة فِي الْأُم، وَالْمَعْرُوف بِالضَّمِّ ﴿من بعد وَصِيَّة يوصى بهَا أَو دين﴾ يقْرَأ بقرآتين " يوصى " بِكَسْر الصَّاد على معنى: يوصيها الْمُوصى، وَيقْرَأ: " يوصى " بِفَتْح الصَّاد، على مَا لم يسم فَاعله.
﴿نصف مَا ترك أزواجكم إِن لم يكن لَهُنَّ ولد فَإِن كَانَ لَهَا ولد فلكم الرّبع مِمَّا تركن من بعد وَصِيَّة يوصين بهَا أَو دين ولهن الرّبع مِمَّا تركْتُم إِن لم يكن لكم ولد فَإِن كَانَ لكم ولد فَلَهُنَّ الثّمن مِمَّا﴾
وَعَن عَليّ رضى الله عَنهُ أَنه قَالَ: إِنَّكُم تقرءون الْوَصِيَّة قبل الدّين، وَالدّين قبل الْوَصِيَّة، يَعْنِي: فِي الْقَضَاء، ثمَّ اخْتلفُوا، مِنْهُم من قَالَ: " أَو " بِمَعْنى " الْوَاو " وَالْمرَاد الْجمع بَينهمَا، وَبَيَان أَن الْإِرْث مُؤَخرا عَنْهُمَا جَمِيعًا، وَمِنْهُم من قَالَ " أَو " على حَقِيقَته، وَمَعْنَاهُ: من بعد وَصِيَّة، إِن كَانَت وَصِيَّة، أَو دين إِن كَانَ دين، فالإرث مُؤخر عَن كل وَاحِد مِنْهُمَا؛ من ذَلِك عرف تَأْخِيره عَنْهُمَا إِذا اجْتَمَعنَا بطرِيق الأولى.
وَقَوله: ﴿آباؤكم وأبناؤكم﴾ يَعْنِي: الَّذين يرثونكم آباؤكم وأبناؤكم ﴿لَا تَدْرُونَ أَيهمْ أقرب لكم نفعا﴾ أَي: لَا تعلمُونَ أَيهمْ أَنْفَع لكم فِي الدّين وَالدُّنْيَا.
فَمنهمْ من يظنّ أَن الْآبَاء تَنْفَع فَتكون الْأَبْنَاء أَنْفَع، وَمِنْهُم من يظنّ أَن الْأَبْنَاء أَنْفَع، فَتكون الأباء أَنْفَع، وَأَنْتُم لَا تعلمُونَ، وَأَنا أعلم بِمن هُوَ أَنْفَع لكم؛ وَقد دبرت أَمركُم على مَا فِيهِ الْحِكْمَة والمصلحة، فَخُذُوهُ، واتبعوه. وَفِي الْأَخْبَار " أَن فِي الْجنَّة يكون الْأَب على الدرجَة الْعَالِيَة، وَالِابْن فِي الدرجَة السافلة، فَيسْأَل الابْن الله تَعَالَى فيرفعه إِلَى دَرَجَة أَبِيه. وَيكون الابْن على الدرجَة الْعَالِيَة، وَالْأَب فِي الدرجَة السافلة، فَيسْأَل الْأَب الله تَعَالَى فيرفعه إِلَى دَرَجَة الابْن " فَهَذَا معنى الْآيَة لَا تَدْرُونَ أَيهمْ أَنْفَع لكم فِي الْآخِرَة، وَأَرْفَع دَرَجَة، فتصلون إِلَى دَرَجَته.
﴿فَرِيضَة من الله﴾ يَعْنِي: مَا قدر من الْمَوَارِيث ﴿إِن الله كَانَ عليما﴾ بِأَمْر الْعباد ﴿حكيما﴾ بِنصب الْأَحْكَام.
{"ayah":"یُوصِیكُمُ ٱللَّهُ فِیۤ أَوۡلَـٰدِكُمۡۖ لِلذَّكَرِ مِثۡلُ حَظِّ ٱلۡأُنثَیَیۡنِۚ فَإِن كُنَّ نِسَاۤءࣰ فَوۡقَ ٱثۡنَتَیۡنِ فَلَهُنَّ ثُلُثَا مَا تَرَكَۖ وَإِن كَانَتۡ وَ ٰحِدَةࣰ فَلَهَا ٱلنِّصۡفُۚ وَلِأَبَوَیۡهِ لِكُلِّ وَ ٰحِدࣲ مِّنۡهُمَا ٱلسُّدُسُ مِمَّا تَرَكَ إِن كَانَ لَهُۥ وَلَدࣱۚ فَإِن لَّمۡ یَكُن لَّهُۥ وَلَدࣱ وَوَرِثَهُۥۤ أَبَوَاهُ فَلِأُمِّهِ ٱلثُّلُثُۚ فَإِن كَانَ لَهُۥۤ إِخۡوَةࣱ فَلِأُمِّهِ ٱلسُّدُسُۚ مِنۢ بَعۡدِ وَصِیَّةࣲ یُوصِی بِهَاۤ أَوۡ دَیۡنٍۗ ءَابَاۤؤُكُمۡ وَأَبۡنَاۤؤُكُمۡ لَا تَدۡرُونَ أَیُّهُمۡ أَقۡرَبُ لَكُمۡ نَفۡعࣰاۚ فَرِیضَةࣰ مِّنَ ٱللَّهِۗ إِنَّ ٱللَّهَ كَانَ عَلِیمًا حَكِیمࣰا"}
- أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.
أمّهات
جامع البيان
تفسير الطبري
نحو ٢٨ مجلدًا
تفسير القرآن العظيم
تفسير ابن كثير
نحو ١٩ مجلدًا
الجامع لأحكام القرآن
تفسير القرطبي
نحو ٢٤ مجلدًا
معالم التنزيل
تفسير البغوي
نحو ١١ مجلدًا
جمع الأقوال
منتقاة
عامّة
عامّة
فتح البيان
فتح البيان للقنوجي
نحو ١٢ مجلدًا
فتح القدير
فتح القدير للشوكاني
نحو ١١ مجلدًا
التسهيل لعلوم التنزيل
تفسير ابن جزي
نحو ٣ مجلدات
موسوعات
أخرى
لغة وبلاغة
معاصرة
الميسر
نحو مجلد
المختصر
المختصر في التفسير
نحو مجلد
تيسير الكريم الرحمن
تفسير السعدي
نحو ٤ مجلدات
أيسر التفاسير
نحو ٣ مجلدات
القرآن – تدبّر وعمل
القرآن – تدبر وعمل
نحو ٣ مجلدات
تفسير القرآن الكريم
تفسير ابن عثيمين
نحو ١٥ مجلدًا
مركَّزة العبارة
تفسير الجلالين
نحو مجلد
جامع البيان
جامع البيان للإيجي
نحو ٣ مجلدات
أنوار التنزيل
تفسير البيضاوي
نحو ٣ مجلدات
مدارك التنزيل
تفسير النسفي
نحو ٣ مجلدات
الوجيز
الوجيز للواحدي
نحو مجلد
تفسير القرآن العزيز
تفسير ابن أبي زمنين
نحو مجلدين
آثار
غريب ومعاني
السراج في بيان غريب القرآن
غريب القرآن للخضيري
نحو مجلد
الميسر في غريب القرآن الكريم
الميسر في الغريب
نحو مجلد
تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن قتيبة
نحو مجلد
التبيان في تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن الهائم
نحو مجلد
معاني القرآن وإعرابه
معاني الزجاج
نحو ٤ مجلدات
معاني القرآن
معاني القرآن للنحاس
نحو مجلدين
معاني القرآن
معاني القرآن للفراء
نحو مجلدين
مجاز القرآن
مجاز القرآن لمعمر بن المثنى
نحو مجلد
معاني القرآن
معاني القرآن للأخفش
نحو مجلد
أسباب النزول
إعراب ولغة
الإعراب الميسر
نحو ٣ مجلدات
إعراب القرآن
إعراب القرآن للدعاس
نحو ٤ مجلدات
الجدول في إعراب القرآن وصرفه وبيانه
الجدول في إعراب القرآن
نحو ٨ مجلدات
الدر المصون
الدر المصون للسمين الحلبي
نحو ١٠ مجلدات
اللباب
اللباب في علوم الكتاب
نحو ٢٤ مجلدًا
إعراب القرآن وبيانه
إعراب القرآن للدرويش
نحو ٩ مجلدات
المجتبى من مشكل إعراب القرآن
مجتبى مشكل إعراب القرآن
نحو مجلد
إعراب القرآن
إعراب القرآن للنحاس
نحو ٣ مجلدات
تحليل كلمات القرآن
نحو ٩ مجلدات
الإعراب المرسوم
نحو ٣ مجلدات
المجمّع
بالرسم الجديد
بالرسم القديم
حفص عن عاصم
شُعْبة عن عاصم
قالون عن نافع
ورش عن نافع
البَزِّي عن ابن كثير
قُنبُل عن ابن كثير
الدُّوري عن أبي عمرو
السُّوسِي عن أبي عمرو
نستعليق