الباحث القرآني

قَوْله تَعَالَى: ﴿قَالَ لقد ظلمك﴾ مَعْنَاهُ: لقد ظلمك بسؤاله نعجتك إِلَى نعاجه، فَإِن قيل: كَيفَ قَالَ: لقد ظلمك بِمُجَرَّد قَوْله، وَلم يكن سمع قولة صَاحبه؟ الْجَواب عَنهُ: أَن يحْتَمل لقد ظلمك بِمُجَرَّد قَوْله، وَلم يكن صَاحبه أقرّ بذلك، وَيحْتَمل أَنه قَالَ: إِن كَانَ الْأَمر على مَا ذكرت فقد ظلمك بسؤاله نعجتك إِلَى نعاجه، وَفِي الْآيَة حذف، والمحذوف بسؤاله أَن تضم نعجتك إِلَى نعاجه، وَقد ثَبت عَن ابْن عَبَّاس أَنه كَانَ سَأَلَ زوج الْمَرْأَة أَن ينزل لَهُ عَن امْرَأَته، رَوَاهُ سعيد بن جُبَير عَنهُ. وَقَوله: ﴿وَإِن كثيرا من الخلطاء﴾ أَي: من الشُّرَكَاء، يُقَال: هَذَا خليطي أَي: شَرِيكي، وَقَوله: ﴿ليبغي بَعضهم على بعض﴾ أَي: يظلم بَعضهم بَعْضًا. وَقَوله: ﴿إِلَّا الَّذين آمنُوا وَعمِلُوا الصَّالِحَات﴾ يَعْنِي: أَنهم لَا يظلم بَعضهم بَعْضًا، وَقَوله: ﴿وَقَلِيل مَا هم﴾ أَي: وَقيل هم، و " مَا " صلَة. وَقَوله: ﴿وَظن دَاوُد أَنما فتناه﴾ أَي: وأيقن دَاوُد أَنما فتناه أَي: ابتليناه، وأوقعناه فِي الْفِتْنَة، وَقُرِئَ: " إِنَّمَا فتناه " بِالتَّخْفِيفِ، يَعْنِي: أَن الْملكَيْنِ فتناه. وَقَوله: ﴿فَاسْتَغْفر ربه﴾ أَي: طلب الْمَغْفِرَة من ربه (وخر رَاكِعا) أَي: سَاجِدا، فَعبر عَن السُّجُود بِالرُّكُوعِ؛ لِأَن كل وَاحِد مِنْهُمَا نوع من الانحناء. وَقَوله: ﴿وأناب﴾ أَي: رَجَعَ وَتَابَ، قَالَ مُجَاهِد: مكث دَاوُد سَاجِدا أَرْبَعِينَ يَوْمًا لَا يرفع رَأسه. وَيُقَال: مكث فِي السُّجُود وَبكى حَتَّى نبت العشب حول رَأسه. وَذكر النقاش فِي تَفْسِيره: أَن الله تَعَالَى بعث إِلَيْهِ ملكا بعد أَرْبَعِينَ يَوْمًا أَن أرفع رَأسك، فَلم يرفع، فَقَالَ لَهُ الْملك: أَيهَا العَبْد، أول أَمرك ذَنْب وَآخره مَعْصِيّة، ارْفَعْ رَأسك حِين أَمرك رَبك. وَذكر وهب بن مُنَبّه: أَن دَاوُد صلوَات الله عَلَيْهِ لم يشرب بعد ذَلِك مَاء، إِلَّا وَقد مزجه بدموعه، وَلم يَأْكُل طَعَاما إِلَّا وَقد بله بدموعه، وَلم ينم على فرَاش إِلَّا وَقد غرقه بدموعه. وَأم حكم السُّجُود فِي هَذِه الْآيَة، فَذكر بَعضهم: أَنَّهَا سَجْدَة شكر، وَذكر بَعضهم: أَنَّهَا سَجْدَة عَزِيمَة، وَقد روى الشَّافِعِي رَحمَه الله بِإِسْنَادِهِ عَن عبد الله بن مَسْعُود رَضِي الله عَنهُ أَنه كَانَ لَا يسْجد فِي " سُورَة ص " وَيَقُول: إِنَّهَا تَوْبَة نَبِي. وَفِي بعض التفاسير: أَن دَاوُد عَلَيْهِ السَّلَام لما قَالَ مَا قَالَ ضحك أحد الْملكَيْنِ إِلَى صَاحبه، ثمَّ ارتفعا إِلَى السَّمَاء، فَعلم دَاوُد أَنَّهُمَا أراداه بذلك القَوْل وأنهما ملكان مبعوثان من قبل الله تَعَالَى فَحِينَئِذٍ وَقع على الأَرْض سَاجِدا.
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب