الباحث القرآني

قَوْله تَعَالَى: ﴿فأعرضوا﴾ أَي: فأعرضوا عَن شكر النعم. وَقَوله: ﴿فَأَرْسَلنَا عَلَيْهِم سيل العرم﴾ اخْتلفُوا فِي العرم على أَرْبَعَة أقاويل: أَولهَا: أَنه اسْم الْوَادي، وَالْآخر: أَنه اسْم المسنأة، وَقد كَانُوا بنوا المسناة بالصخر والقار بَينه وَبَين المَاء، وَجعلُوا على المسناة أبوابا تفتح وتسد، فَإِذا احتاجوا إِلَى المَاء فتحُوا، وَإِذا استغنوا سدوا. وَذكر النقاش: أَنه كَانَ ذَلِك من عمل بلقيس، وَكَانَت جعلت على المسناة اثْنَي عشرَة مخرجا، يخرج مِنْهَا اثْنَا عشر نَهرا، وَكَانَت المسناة سدا بَين جبلين، والمياه وَرَاء السد تَجْتَمِع من السُّيُول. وَالْقَوْل الثَّالِث: أَن العرم هُوَ السَّيْل الشَّديد أَي: أرسلنَا عَلَيْهِم السَّيْل الشَّديد. وَالْقَوْل الرَّابِع: أَن العرم هُوَ اسْم الجرذ، وَهُوَ الْفَأْرَة، وَقيل: كَانَ اسْم الْخلد، وسلطه الله تَعَالَى على المسناة حَتَّى نقبها، وَدخل المَاء وغرق الْبَلَد والبساتين. قَالَ ابْن الْأَعرَابِي: العرم وَالْبر من أَسمَاء الْفَأْرَة، وَمِنْه قَوْلهم: فلَان لَا يعرف هرا من برا أَي: السنور من الْفَأْرَة، وَذكر أَبُو (الْحُسَيْن) بن فَارس فِي تَفْسِيره: أَن الْقَوْم كَانُوا قد سمعُوا أَن هَلَاك بلدهم بالفأر من كهانهم، فَجَاءُوا بالسنانير وربطوها عِنْد كل جرف (فِي المسناة) ، فَجَاءَت فَأْرَة حَمْرَاء كَبِيرَة وساورت السنور وهزمته وَدخلت فِي الجرف، وتغلغلت المسناة حَتَّى نقبتها وخرقتها. وَقَوله: ﴿وبدلناهم بجنتيهم جنتين ذواتي﴾ أَي: بَدَّلْنَاهُمْ بجنتيهم اللَّتَيْنِ كَانَتَا ذواتي فَاكِهَة بجنتين ذواتي ﴿أكل خمط﴾ بتنوين اللَّام، وَقُرِئَ: " أكل خمط " بِغَيْر التَّنْوِين على الْإِضَافَة، وَالْقِرَاءَة على الْإِضَافَة أظهر القرائتين فِي الْمَعْنى لِأَن الخمط اسْم لشجر لَهُ شوك. قَالَ أَبُو عُبَيْدَة: كل شجر لَهُ شوك فَهُوَ خمط إِذا لم يكن لَهُ ثَمَر. وَعَن بَعضهم: أَن الخمط شجر لَهُ ثَمَر يُسمى فسوة الضبع، لَا ينْتَفع بِهِ ويتفرك إِذا أدْرك من غير أَن ينفع أحدا، وَالْمَعْرُوف فِي التَّفْسِير أَن ثَمَر الخمط هُوَ البربر، والبربر ثَمَر الْأَرَاك، فالخمط هُوَ الْأَرَاك، فَهُوَ معنى قَوْله: ﴿أكل خمط﴾ . وَالْأكل هُوَ الثَّمر. وَأما قِرَاءَة التَّنْوِين: قَالَ الْفراء والزجاج: كل نبت لَهُ مرَارَة وعصوفة فَهُوَ خمط، فعلى هَذَا قَوْله: ﴿خمط﴾ صفة الْأكل، وَمَعْنَاهُ: ذواتي ثَمَر على هَذَا الْوَصْف، وَهُوَ المرارة والعفوصة. وَقَوله: ﴿ [وأثل] وَشَيْء من سدر قَلِيل﴾ السدر: شجر مَعْرُوف، وَهُوَ شجر النبق. وَقيل: إِن هَذَا السدر كَانَ بريا لَا ينْتَفع بِهِ، وَأما السدر الَّذِي ينْتَفع بِهِ لغسل الْيَد وَغَيره، فَهُوَ الَّذِي كُنَّا نَعْرِف فِي الْبَسَاتِين، وَلم يكن لَهُم ذَلِك.
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب