الباحث القرآني
قَوْله تَعَالَى: ﴿قَلما قضينا عَلَيْهِ الْمَوْت﴾ أَي: على سُلَيْمَان الْمَوْت.
وَقَوله: ﴿مَا دلهم على مَوته إِلَّا دَابَّة الأَرْض﴾ قَالَ بعض الْمُفَسّرين: كَانَت الْجِنّ تعْمل لِسُلَيْمَان عَلَيْهِ السَّلَام فِي بِنَاء مَسْجِد بَيت الْمُقَدّس؛ فَقرب موت سُلَيْمَان وَقد بَقِي من الْعَمَل بَقِيَّة، فَقبض الله روح سُلَيْمَان وَهُوَ متكئ على عَصا، وَكَانُوا يظنون أَنه حَيّ، ويجتهدون فِي الْعَمَل، فَأكلت الأرضة الْعَصَا فَخر سُلَيْمَان عَلَيْهِ السَّلَام مَيتا بعد حول، وَقد فرغوا من الْعَمَل؛ فَلَمَّا عرفُوا مَوته تفَرقُوا بعد أَن بقوا فِي الْعَمَل سنة بعد مَوته. قَالَ ابْن عَبَّاس: فَشَكَرت الْجِنّ ذَلِك للأرضة، فهم يأتونه بالطين وَالْمَاء فِي جَوف الْخشب. وَذكر بَعضهم: أَن سُلَيْمَان عَلَيْهِ السَّلَام كَانَ إِذا رأى شَجَرَة نابتة سَأَلَهَا: مَا اسْمك؟ فتخبره إِن كَانَت للغرس غرست، وَإِن كَانَت للدواء كتب اسْمهَا، فصلى مرّة فَرَأى شَجَرَة نَبتَت فِي مصلاة، فَقَالَ لَهَا: مَا اسْمك؟ قَالَت: الخروب، فَقَالَ: لم نبت؟ قَالَت: لخراب هَذِه الأَرْض، فَعلم أَن مَوته قد قرب، فَسَأَلَ الله تَعَالَى أَن يعمي على الْجِنّ مَوته. فَقَالَ أهل التَّفْسِير: وَكَانَت الْجِنّ تزْعم أَنهم يعلمُونَ الْغَيْب، فَأمر الله تَعَالَى سُلَيْمَان أَن يتَّخذ عَصا ويتوكأ عَلَيْهَا. وَقيل: اتخذها من تِلْكَ الشَّجَرَة فَقبض الله تَعَالَى روحه وَهُوَ قَائِم متوكئ على الْعَصَا، فَكَانَت الْجِنّ ينظرُونَ إِلَيْهِ ويظنون أَنه حَيّ، ويعملون إِلَى أَن سقط بعد حول. وَأَرَادَ الله تَعَالَى بذلك أَن يعلم الْجِنّ أَنهم لَا يعلمُونَ الْغَيْب، وَقيل: ليعلم الْإِنْس أَن الْجِنّ لَا يعلمُونَ الْغَيْب وَكَانُوا قد شبهوا على الْإِنْس ذَلِك، فَإِن قيل على التَّأْوِيل الأول: كَيفَ يشْتَبه على أحد أَنه يعلم الْغَيْب أَو لَا يعلم الْغَيْب؟ وَإِن خَفِي عَلَيْهِ أَمر غَيره لَا يخفى عَلَيْهِ أَمر نَفسه؟ وَالْجَوَاب: أَن مَرَدَة الْجِنّ كَانُوا صوروا لِضُعَفَاء الْجِنّ أَنهم يعلمُونَ الْغَيْب، وَكَانَ يَقع بعض الاتفاقات، فَكَانُوا يظنون أَنهم يعلمُونَ الْغَيْب لغَلَبَة الْجَهْل، وَعند بَعضهم: أَن عَمَلهم لم يكن فِي بِنَاء مَسْجِد بَيت الْمُقَدّس، فَإِنَّهُ قد كَانَ وَقع الْفَرَاغ عَن فعل ذَلِك بسنين، وَإِنَّمَا كَانُوا يعْملُونَ غير ذَلِك من الْأَعْمَال.
وَقَوله: ﴿تَأْكُل منسأته﴾ أَي: عصاته، والمنسأة: الْعَصَا بلغَة الْحَبَشَة، وَقُرِئَ: " منسأته " بِسُكُون الْهمزَة، وَهِي مَا بَينا.
قَالَ الشَّاعِر:
(إِذا ادببت على المنساة من كبر ... فقد تبَاعد عَنْك اللَّهْو والغزل)
وَيُقَال كِلَاهُمَا بِالْعَرَبِيَّةِ. وَيُقَال: نسأت الْغنم إِذا زجرتها وسقتها وَيُقَال: نسأ الله فِي أَجلك أَي: أَخّرهُ.
وَقَوله: ﴿فَلَمَّا خر تبينت الْجِنّ﴾ أَي: تبينت الْجِنّ للإنس أَن لَو كَانُوا يعلمُونَ الْغَيْب مَا لَبِثُوا فِي الْعَذَاب المهين أَي: التَّعَب والشقاء الطَّوِيل، ذكره الْأَزْهَرِي على هَذَا التَّقْرِير. وَأما المتقدمون قَالُوا مَعْنَاهُ: تبينت الْإِنْس أَن الْجِنّ لَو كَانُوا يعلمُونَ الْغَيْب مَا لَبِثُوا فِي الْعَذَاب المهين، وَالْقِرَاءَة هَكَذَا فِي مصحف ابْن مَسْعُود، وَهَكَذَا قَرَأَ ابْن عَبَّاس أَيْضا. والتأويل الثَّالِث: أَن، معنى الْآيَة: ﴿تبينت الْجِنّ﴾ أَي: عرفت الْجِنّ أَن لَو كَانُوا يعلمُونَ الْغَيْب مَا لَبِثُوا فِي الْعَذَاب المهين. وروى الضَّحَّاك عَن ابْن عَبَّاس فِي رِوَايَة أُخْرَى: أَن سُلَيْمَان لم يكن متوكئا على الْعَصَا، وَإِنَّمَا كَانَ فِي بَيت مغلق وتوفاه الله تَعَالَى، وأكلت الأرضة عتبَة الْبَاب، فَسقط الْبَاب بعد حول، وَظهر للجن مَوته.
وَأشهر الْقَوْلَيْنِ هُوَ الأول، وَفِي الْقِصَّة: أَن سُلَيْمَان عَلَيْهِ السَّلَام لما فرغ من بِنَاء الْمَسْجِد ذبح [اثْنَتَيْ عشرَة] ألف بقرة وَمِائَة وَعشْرين ألف شَاة تقربا إِلَى الله تَعَالَى وأطعمها النَّاس، وَكَانَ بناه بالصخر والقار، وزخرف الْحِيطَان، وزين الْمِحْرَاب بالجواهر واليواقيت، وَعمِلُوا شَيْئا عجيبا، ثمَّ إِنَّه قَامَ على الصَّخْرَة وَقَالَ: اللَّهُمَّ، أَنْت أَعْطَيْتنِي هَذَا السُّلْطَان الْعَظِيم، وسخرت لي مَا سخرت، فأوزعني أَن أشكر نِعْمَتك الَّتِي أَنْعَمت عَليّ، وَلَا تزغ قلبِي بعد إِذْ هديتني وتوفني مُسلما، وألحقني بالصالحين، اللَّهُمَّ إِنِّي أَسأَلك لمن دخل هَذَا الْمَسْجِد ليُصَلِّي فِيهِ خمس خِصَال: إِن كَانَ مذنبا تغْفر لَهُ ذَنبه، وَإِن كَانَ فَقِيرا أغنيته، وَإِن كَانَ سقيما شفيته، وَإِن كَانَ خَائفًا أمنته، وَأَسْأَلك أَلا تصرف بَصرك عَمَّن دخله حَتَّى يخرج مِنْهُ، إِلَّا من دخله بإلحاد أَو ظلم.
{"ayah":"فَلَمَّا قَضَیۡنَا عَلَیۡهِ ٱلۡمَوۡتَ مَا دَلَّهُمۡ عَلَىٰ مَوۡتِهِۦۤ إِلَّا دَاۤبَّةُ ٱلۡأَرۡضِ تَأۡكُلُ مِنسَأَتَهُۥۖ فَلَمَّا خَرَّ تَبَیَّنَتِ ٱلۡجِنُّ أَن لَّوۡ كَانُوا۟ یَعۡلَمُونَ ٱلۡغَیۡبَ مَا لَبِثُوا۟ فِی ٱلۡعَذَابِ ٱلۡمُهِینِ"}
- أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.
أمّهات
جامع البيان
تفسير الطبري
نحو ٢٨ مجلدًا
تفسير القرآن العظيم
تفسير ابن كثير
نحو ١٩ مجلدًا
الجامع لأحكام القرآن
تفسير القرطبي
نحو ٢٤ مجلدًا
معالم التنزيل
تفسير البغوي
نحو ١١ مجلدًا
جمع الأقوال
منتقاة
عامّة
عامّة
فتح البيان
فتح البيان للقنوجي
نحو ١٢ مجلدًا
فتح القدير
فتح القدير للشوكاني
نحو ١١ مجلدًا
التسهيل لعلوم التنزيل
تفسير ابن جزي
نحو ٣ مجلدات
موسوعات
أخرى
لغة وبلاغة
معاصرة
الميسر
نحو مجلد
المختصر
المختصر في التفسير
نحو مجلد
تيسير الكريم الرحمن
تفسير السعدي
نحو ٤ مجلدات
أيسر التفاسير
نحو ٣ مجلدات
القرآن – تدبّر وعمل
القرآن – تدبر وعمل
نحو ٣ مجلدات
تفسير القرآن الكريم
تفسير ابن عثيمين
نحو ١٥ مجلدًا
مركَّزة العبارة
تفسير الجلالين
نحو مجلد
جامع البيان
جامع البيان للإيجي
نحو ٣ مجلدات
أنوار التنزيل
تفسير البيضاوي
نحو ٣ مجلدات
مدارك التنزيل
تفسير النسفي
نحو ٣ مجلدات
الوجيز
الوجيز للواحدي
نحو مجلد
تفسير القرآن العزيز
تفسير ابن أبي زمنين
نحو مجلدين
آثار
غريب ومعاني
السراج في بيان غريب القرآن
غريب القرآن للخضيري
نحو مجلد
الميسر في غريب القرآن الكريم
الميسر في الغريب
نحو مجلد
تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن قتيبة
نحو مجلد
التبيان في تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن الهائم
نحو مجلد
معاني القرآن وإعرابه
معاني الزجاج
نحو ٤ مجلدات
معاني القرآن
معاني القرآن للنحاس
نحو مجلدين
معاني القرآن
معاني القرآن للفراء
نحو مجلدين
مجاز القرآن
مجاز القرآن لمعمر بن المثنى
نحو مجلد
معاني القرآن
معاني القرآن للأخفش
نحو مجلد
أسباب النزول
إعراب ولغة
الإعراب الميسر
نحو ٣ مجلدات
إعراب القرآن
إعراب القرآن للدعاس
نحو ٤ مجلدات
الجدول في إعراب القرآن وصرفه وبيانه
الجدول في إعراب القرآن
نحو ٨ مجلدات
الدر المصون
الدر المصون للسمين الحلبي
نحو ١٠ مجلدات
اللباب
اللباب في علوم الكتاب
نحو ٢٤ مجلدًا
إعراب القرآن وبيانه
إعراب القرآن للدرويش
نحو ٩ مجلدات
المجتبى من مشكل إعراب القرآن
مجتبى مشكل إعراب القرآن
نحو مجلد
إعراب القرآن
إعراب القرآن للنحاس
نحو ٣ مجلدات
تحليل كلمات القرآن
نحو ٩ مجلدات
الإعراب المرسوم
نحو ٣ مجلدات
المجمّع
بالرسم الجديد
بالرسم القديم
حفص عن عاصم
شُعْبة عن عاصم
قالون عن نافع
ورش عن نافع
البَزِّي عن ابن كثير
قُنبُل عن ابن كثير
الدُّوري عن أبي عمرو
السُّوسِي عن أبي عمرو
نستعليق