الباحث القرآني

قَوْله تَعَالَى: ﴿مَا كَانَ مُحَمَّد أَبَا أحد من رجالكم﴾ أَكثر الْمُفَسّرين أَن المُرَاد مِنْهُ زيد بن حَارِثَة، وَمَعْنَاهُ: أَنه لَيْسَ بِأبي زيد بن حَارِثَة، فَإِن قيل: أَلَيْسَ انه قد كَانَ لَهُ أَوْلَاد ذُكُور وإناث، وَكَذَلِكَ الْحسن وَالْحُسَيْن كَانَا ولديه. وَقد ثَبت عَن النَّبِي أَنه قَالَ لِلْحسنِ بن عَليّ: " إِن ابْني هَذَا سيد يصلح الله بِهِ بَين فئتين عظيمتين من الْمُسلمين ". وَفِيه إِشَارَة إِلَى الصُّلْح الَّذِي وَقع بَين أهل الْعرَاق وَأهل الشَّام حِين بَايع الْحسن مُعَاوِيَة وَسلم إِلَيْهِ الْأَمر، والقصة مَعْرُوفَة. وَالْجَوَاب عَنهُ من وَجْهَيْن: أَحدهمَا: أَن معنى قَوْله: ﴿مَا كَانَ مُحَمَّد أَبَا أحد من رجالكم﴾ أَي: أَبَا رجل لم يلده، وَلم يكن ولد زيد بن حَارِثَة؛ فَلم يكن أَبَاهُ، وَقد كَانَ لَهُ أَوْلَاد ذُكُور ولدهم وهم: الْقَاسِم، وَالطّيب، والطاهر، وَإِبْرَاهِيم رَضِي الله عَنْهُم وَجعل بَعضهم بدل الطَّاهِر المطهر. وَالْجَوَاب الثَّانِي: أَنه قَالَ: ﴿من رجالكم﴾ وَهَؤُلَاء كَانُوا صغَارًا، وَالرِّجَال اسْم يتَنَاوَل الْبَالِغين. وروى عَطاء عَن ابْن عَبَّاس أَن الله تَعَالَى لما حكم أَنه لَا نَبِي بعده لم يُعْطه ولدا ذكرا يصير رجلا، وَلَو أعطَاهُ ولدا ذكرا يصير رجلا لجعله نَبيا. وَقد قَالَ بعض الْعلمَاء: لَيْسَ هَذَا بمستنكر، وَيجوز أَن يكون لَهُ ولد رجل وَلَا يكون نَبيا، وَمَا ذَكرْنَاهُ محكى عَن ابْن عَبَّاس، وَالله أعلم. وَقَوله: ﴿وَلَكِن رَسُول الله وَخَاتم النَّبِيين﴾ وَقُرِئَ: " خَاتم " بِنصب التَّاء، فَأَما قَوْله: ﴿وَخَاتم النَّبِيين﴾ بِالْفَتْح أَي: آخر النَّبِيين، وَأما بِالْكَسْرِ أَي: ختم بِهِ النَّبِيين. وَقَوله: ﴿وَكَانَ الله بِكُل شَيْء عليما﴾ أَي: عَالما، وَقد ثَبت بِرِوَايَة جَابر بن عبد الله أَن النَّبِي قَالَ: " مثلي وَمثل الْأَنْبِيَاء قبلي كَمثل رجل بنى دَارا فأكملها وأحسنها إِلَّا مَوضِع لبنة مِنْهَا، فَجعل كل من يدْخل الدَّار يَقُول: مَا أحْسنهَا وأكملها لَوْلَا مَوضِع اللبنة، فَأَنا اللبنة، وَلَا نَبِي بعدِي ". وَفِي بعض الغرائب من الْأَخْبَار: أَن النَّبِي قَالَ: " لَا تقوم السَّاعَة حَتَّى يبْعَث دجالون كذابون قَرِيبا من ثَلَاثِينَ، كلهم يزْعم أَنه نَبِي، وَلَا نَبِي بعدِي ".
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب