الباحث القرآني
قَوْله تَعَالَى: ﴿وَقرن فِي بيوتكن﴾ وَقُرِئَ بِكَسْر الْقَاف؛ فَقَوله بِالْكَسْرِ من السّكُون والهدوء وَترك الْخُرُوج. وَالْقِرَاءَة بِالنّصب تحْتَمل هَذَا، وتحتمل الْأَمر بالوقار. وَعَن ابْن مَسْعُود رَضِي الله عَنهُ أَنه قَالَ: مَا تعبدت الله امْرَأَة بِمثل تقوى الله وجلوسها فِي بَيتهَا. وَفِي بعض الْآثَار، أَنه قيل لسودة: أَلا تخرجين كَمَا تخرج أخواتك؟ قَالَت: قد حججْت واعتمرت، وَقد أَمرنِي الله تَعَالَى أَن أقرّ فِي بَيْتِي، فَلَا أُرِيد أَن أعصي الله تَعَالَى، فَلم تخرج من بَيتهَا حَتَّى أخرجت على جنازتها.
وَقَوله: ﴿وَلَا تبرجن تبرج الْجَاهِلِيَّة الأولى﴾ قَالَ الْمبرد: التبرج هُوَ أَن تظهر من نَفسهَا مَا أمرت بستره. وَعَن ابْن أبي نجيح قَالَ: هُوَ التَّبَخْتُر. وَعَن قَتَادَة قَالَ: الْمَشْي بالتغنج والتكسر. وَعَن مُجَاهِد قَالَ: هُوَ الْمَشْي بَين يَدي الرِّجَال.
وَأما الْجَاهِلِيَّة الأولى فَقيل: هِيَ زمَان نمروذ، وَقد كَانَت الْمَرْأَة تخرج وَعَلَيْهَا قَمِيص من لُؤْلُؤ ثمَّ تخيط جانباه، وَعَن بَعضهم: مَا بَين نوح وَإِدْرِيس، وَعَن الشّعبِيّ: مل بَين عِيسَى وَمُحَمّد عَلَيْهِمَا الصَّلَاة وَالسَّلَام وَيُقَال: إِن أول مَا ظهر من الْفَاحِشَة فِي بني آدم أَنه كَانَ بطْنَان من بني آدم أَحدهمَا يسكنون الْجَبَل، وَالْآخر يسكنون السهل، وَكَانَ رجال الْجَبَل صباحا، وَفِي النِّسَاء دمامة، وَنسَاء السهل صبيحات، وَفِي الرِّجَال دمامة، فاحتال إِبْلِيس حِيلَة حَتَّى أَتَّخِذ عيدا، وَجمع بَينهم فارتكب بَعضهم من بعض الْفَاحِشَة. وَذكر بَعضهم أَن فِي الْجَاهِلِيَّة الأولى [كَانَت الْمَرْأَة تكون] بَين رجلَيْنِ، فنصفها الْأَسْفَل لأَحَدهمَا والأعلى للْآخر، فيجتمع على الْمَرْأَة زَوجهَا وحبها، وَقَالَ فِي ذَلِك بَعضهم شعرًا:
(أترغب فِي البدال أَبَا جُبَير ... وأرضى بالكواعب والعجوز)
وَأما الْجَاهِلِيَّة الْأُخْرَى فقوم يَفْعَلُونَ مثل فعلهن وَذَلِكَ فِي آخر الزَّمَان، وَقَالَ بَعضهم: يجوز أَن يذكر الأولى وَإِن لم يكن لَهَا أُخْرَى، أَلا ترى أَن الله تَعَالَى قَالَ: ﴿وَأَنه أهلك عادا الأولى﴾ وَلم يكن لَهَا أُخْرَى.
وَقَوله: ﴿وأقمن الصَّلَاة وآتين الزَّكَاة وأطعن الله وَرَسُوله﴾ ظَاهر الْمَعْنى.
وَقَوله: ﴿إِنَّمَا يُرِيد الله ليذْهب عَنْكُم الرجس أهل الْبَيْت﴾ فِي الْآيَة أَقْوَال: روى سعيد بن جُبَير عَن أبن عَبَّاس: أَنَّهَا نزلت فِي نسَاء النَّبِي، وَقد [قَالَه] عِكْرِمَة وَجَمَاعَة.
وَذهب أَبُو سعيد الْخُدْرِيّ وَأم سَلمَة وَجَمَاعَة كَثِيرَة من التَّابِعين مِنْهُم مُجَاهِد وَقَتَادَة وَغَيرهمَا أَن الْآيَة فِي أهل بَيت النَّبِي، وهم عَليّ وَفَاطِمَة وَالْحسن وَالْحُسَيْن.
وروت أم سَلمَة " أَن النَّبِي كَانَ فِي بَيتهَا وَعِنْده عَليّ وَفَاطِمَة وَالْحسن وَالْحُسَيْن، فَأنْزل الله تَعَالَى هَذِه الْآيَة فجللهم بكساء وَقَالَ: اللَّهُمَّ؛ هَؤُلَاءِ أهل بَيْتِي. قَالَت أم سَلمَة: فَقلت: يَا رَسُول الله، وَأَنا من أهل بَيْتك، فَقَالَ: إِنَّك إِلَى خير ". ذكره أَبُو عِيسَى فِي جَامعه.
وروى أَيْضا بطرِيق أنس " أَن النَّبِي كَانَ يمر بعد نزُول هَذِه الْآيَة على بَيت فَاطِمَة بِسِتَّة أشهر، وَيَقُول: إِنَّمَا يُرِيد الله ليذْهب عَنْكُم الرجس أهل الْبَيْت وَيُطَهِّركُمْ تَطْهِيرا ".
وَاسْتدلَّ من قَالَ بِهَذَا القَوْل أَن الله تَعَالَى قَالَ: ﴿إِنَّمَا يُرِيد الله ليذْهب عَنْكُم الرجس﴾ وَلم يقل: " عنكن "، وَلَو كَانَ المُرَاد بِهِ نسَاء النَّبِي لقَالَ: " عنكن " أَلا ترى أَنه فِي الإبتداء والإنتهاء لما كَانَ الْخطاب مَعَ نسَاء النَّبِي خاطبهن بخطاب الْإِنَاث.
وَالْقَوْل الثَّالِث: أَن الْآيَة عَامَّة فِي الْكل، وَهَذَا أحسن الْأَقَاوِيل، فآله قد دخلُوا فِي الْآيَة، ونساؤه قد دخلن فِي الْآيَة. وَاسْتدلَّ من قَالَ: إِن نِسَاءَهُ قد دخلن فِي الْآيَة؛ أَنه قَالَ: ﴿إِنَّمَا يُرِيد الله ليذْهب عَنْكُم الرجس أهل الْبَيْت﴾ وَأهل بَيت الرَّسُول هن نِسَاءَهُ؛ (وَلِأَنَّهُ تقدم ذكر نِسَائِهِ) ، وَالْأَحْسَن مَا بَينا من التَّعْمِيم.
وَقد روى أَن زيد بن أَرقم سُئِلَ: من آل النَّبِي. فَقَالَ: هم الَّذين حرم عَلَيْهِم الصَّدَقَة. وَأما الرجس فَمَعْنَاه: مَا يَدْعُو إِلَى الْمعْصِيَة. وَقَالَ بَعضهم: عمل الشَّيْطَان. والرجس فِي اللُّغَة هُوَ كل مستقذر مستخبث.
وَقَوله: ﴿وَيُطَهِّركُمْ تَطْهِيرا﴾ أَي: من الْمعاصِي بتقوى الله تَعَالَى، وَذهب بعض (أَصْحَاب) الخواطر إِلَى أَن معنى قَوْله: ﴿وَيذْهب عَنْكُم الرجس﴾ أَي: الْأَهْوَاء والبدع ﴿وَيُطَهِّركُمْ تَطْهِيرا﴾ بِالسنةِ، وَقَالَ بَعضهم: يذهب عَنْكُم الرجس أَي: الغل والحسد (وَيُطَهِّركُمْ تَطْهِيرا) بالتوفيق وَالْهِدَايَة، وَقَالَ بَعضهم: يذهب عَنْكُم الرجس: الْبُخْل والطمع ﴿وَيُطَهِّركُمْ تَطْهِيرا﴾ بالقناعة والإيثار، وَالتَّفْسِير مَا بَينا من قبل.
{"ayah":"وَقَرۡنَ فِی بُیُوتِكُنَّ وَلَا تَبَرَّجۡنَ تَبَرُّجَ ٱلۡجَـٰهِلِیَّةِ ٱلۡأُولَىٰۖ وَأَقِمۡنَ ٱلصَّلَوٰةَ وَءَاتِینَ ٱلزَّكَوٰةَ وَأَطِعۡنَ ٱللَّهَ وَرَسُولَهُۥۤۚ إِنَّمَا یُرِیدُ ٱللَّهُ لِیُذۡهِبَ عَنكُمُ ٱلرِّجۡسَ أَهۡلَ ٱلۡبَیۡتِ وَیُطَهِّرَكُمۡ تَطۡهِیرࣰا"}
- أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.
أمّهات
جامع البيان
تفسير الطبري
نحو ٢٨ مجلدًا
تفسير القرآن العظيم
تفسير ابن كثير
نحو ١٩ مجلدًا
الجامع لأحكام القرآن
تفسير القرطبي
نحو ٢٤ مجلدًا
معالم التنزيل
تفسير البغوي
نحو ١١ مجلدًا
جمع الأقوال
منتقاة
عامّة
عامّة
فتح البيان
فتح البيان للقنوجي
نحو ١٢ مجلدًا
فتح القدير
فتح القدير للشوكاني
نحو ١١ مجلدًا
التسهيل لعلوم التنزيل
تفسير ابن جزي
نحو ٣ مجلدات
موسوعات
أخرى
لغة وبلاغة
معاصرة
الميسر
نحو مجلد
المختصر
المختصر في التفسير
نحو مجلد
تيسير الكريم الرحمن
تفسير السعدي
نحو ٤ مجلدات
أيسر التفاسير
نحو ٣ مجلدات
القرآن – تدبّر وعمل
القرآن – تدبر وعمل
نحو ٣ مجلدات
تفسير القرآن الكريم
تفسير ابن عثيمين
نحو ١٥ مجلدًا
مركَّزة العبارة
تفسير الجلالين
نحو مجلد
جامع البيان
جامع البيان للإيجي
نحو ٣ مجلدات
أنوار التنزيل
تفسير البيضاوي
نحو ٣ مجلدات
مدارك التنزيل
تفسير النسفي
نحو ٣ مجلدات
الوجيز
الوجيز للواحدي
نحو مجلد
تفسير القرآن العزيز
تفسير ابن أبي زمنين
نحو مجلدين
آثار
غريب ومعاني
السراج في بيان غريب القرآن
غريب القرآن للخضيري
نحو مجلد
الميسر في غريب القرآن الكريم
الميسر في الغريب
نحو مجلد
تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن قتيبة
نحو مجلد
التبيان في تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن الهائم
نحو مجلد
معاني القرآن وإعرابه
معاني الزجاج
نحو ٤ مجلدات
معاني القرآن
معاني القرآن للنحاس
نحو مجلدين
معاني القرآن
معاني القرآن للفراء
نحو مجلدين
مجاز القرآن
مجاز القرآن لمعمر بن المثنى
نحو مجلد
معاني القرآن
معاني القرآن للأخفش
نحو مجلد
أسباب النزول
إعراب ولغة
الإعراب الميسر
نحو ٣ مجلدات
إعراب القرآن
إعراب القرآن للدعاس
نحو ٤ مجلدات
الجدول في إعراب القرآن وصرفه وبيانه
الجدول في إعراب القرآن
نحو ٨ مجلدات
الدر المصون
الدر المصون للسمين الحلبي
نحو ١٠ مجلدات
اللباب
اللباب في علوم الكتاب
نحو ٢٤ مجلدًا
إعراب القرآن وبيانه
إعراب القرآن للدرويش
نحو ٩ مجلدات
المجتبى من مشكل إعراب القرآن
مجتبى مشكل إعراب القرآن
نحو مجلد
إعراب القرآن
إعراب القرآن للنحاس
نحو ٣ مجلدات
تحليل كلمات القرآن
نحو ٩ مجلدات
الإعراب المرسوم
نحو ٣ مجلدات
المجمّع
بالرسم الجديد
بالرسم القديم
حفص عن عاصم
شُعْبة عن عاصم
قالون عن نافع
ورش عن نافع
البَزِّي عن ابن كثير
قُنبُل عن ابن كثير
الدُّوري عن أبي عمرو
السُّوسِي عن أبي عمرو
نستعليق