الباحث القرآني

﴿فِيهِ آيَات بَيِّنَات مقَام إِبْرَاهِيم﴾ قرىء: " فِيهِ آيَة بَيِّنَة " على الوحدان، وَهِي مقَام إِبْرَاهِيم، وَالْمَعْرُوف: ﴿فِيهِ آيَات بَيِّنَات مقَام إِبْرَاهِيم﴾ . من تِلْكَ الْآيَات: مقَام إِبْرَاهِيم: وَهُوَ الْحجر الَّذِي فِيهِ أثر أَصَابِع قدم إِبْرَاهِيم، وَكَانَ قد بَقِي أَثَره فِيهِ، فاندرس من كَثْرَة الْمسْح بِالْأَيْدِي، وَقيل مقَام إِبْرَاهِيم: جَمِيع الْحرم. وَمن الْآيَات فِي الْبَيْت أَيْضا: أَن الطير يطير فَلَا يَعْلُو فَوْقه، كَذَا قيل، وَمِنْهَا: أَن الْجَارِحَة إِذا قصدت صيدا، فَإِذا دخل الصَّيْد الْحرم كفت عَنهُ، وَمِنْهَا: أَنه مَا قَصده جَبَّار إِلَّا قصمه الله - تَعَالَى -، وَمِنْهَا: أَن الْمَطَر إِذا أصَاب الرُّكْن الْيَمَانِيّ؛ (كَانَ الخصب بِالْيمن، وَإِن أصَاب جَانب الشَّام) ؛ كَانَ الخصب بِالشَّام، وَإِن أصَاب جَمِيع الجوانب كَانَ الخصب جَمِيع الجوانب. وَسبب هَذَا أَن الْيَهُود قَالُوا: قبلتنا أولى من قبلتكم؛ فَبين الله تَعَالَى للْمُسلمين شرف قبلتهم؛ فَإِنَّهَا خصت بأَشْيَاء لَيست تِلْكَ لقبلتهم، وَأَن بَيت الْمُقَدّس قد حرق وَهدم، وَأما الْكَعْبَة فَمَا قَصدهَا جَبَّار إِلَّا قصمه الله تَعَالَى. ﴿وَمن دخله كَانَ آمنا﴾ قَالَ ابْن عَبَّاس: هُوَ (الْجَانِي) يدْخلهُ، فَيصير آمنا عَن الْقَتْل فِيهِ، وَلكنه لَا يؤاكل وَلَا يشارب، وَلَا يُبَاع وَلَا يشاري حَتَّى يخرج فَيقْتل. وَقَالَ الْحسن وَقَتَادَة وَعَامة الْمُفَسّرين - وَهُوَ الْأَصَح -: إِنَّه أَرَادَ الْأَمْن عَن تخطف الْكفَّار بِالْقَتْلِ والغارة. وَقيل: أَرَادَ بِهِ: وَمن دخله كَانَ آمنا فِي الْقِيَامَة من الْعَذَاب. قَوْله - تَعَالَى -: ﴿وَللَّه على النَّاس حج الْبَيْت﴾ قد ذكرنَا معنى الْحَج. ﴿من اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلا﴾ روى الْحسن مُرْسلا عَن النَّبِي " أَنه سُئِلَ عَن الِاسْتِطَاعَة، فَقَالَ: الزَّاد وَالرَّاحِلَة "، وروى ابْن عمر " أَنه سُئِلَ أَي الْحَاج أفضل؟ فَقَالَ: الشعث، التفل. فَقيل: أَي الْحَج أفضل؟ العج، والثج. قيل: مَا السَّبِيل؟ قَالَ: الزَّاد وَالرَّاحِلَة ". وَقَالَ مَالك: الِاسْتِطَاعَة بِقُوَّة الْبدن، فَمَتَى وجد الزَّاد، وقوى على الْمَشْي لزمَه الْحَج، وَالأَصَح أَن الِاسْتِطَاعَة: هِيَ الْقُدْرَة على مَا يوصله إِلَى الْحَج، فَمِنْهَا: الزَّاد، وَالرَّاحِلَة، وَمِنْهَا: أَمن الطَّرِيق، وَنَفَقَة الْأَهْل، وَنَحْو ذَلِك. ﴿وَمن كفر فَإِن الله غَنِي عَن الْعَالمين﴾ الْأَصَح: أَنه أَرَادَ بالْكفْر: إِنْكَار وجوب الْحَج، وَقيل: " إِنَّه لما نزل (قَوْله: ﴿وَللَّه﴾ على النَّاس حج الْبَيْت) جمع رَسُول الله من جمع الْأَدْيَان، وَقَالَ: إِن الله كتب عَلَيْكُم الْحَج أَيهَا النَّاس فحجوا، فَصدقهُ الْمُؤْمِنُونَ، وَكذبه الْكَافِرُونَ؛ فَنزل قَوْله: ﴿وَمن كفر فَإِن الله غَنِي عَن الْعَالمين﴾ ".
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب