الباحث القرآني

قَوْله تَعَالَى: ﴿نزل عَلَيْك الْكتاب بِالْحَقِّ﴾ الْكتاب: الْقُرْآن، وسمى كتابا؛ لِأَنَّهُ يجمع الْآي والحروف، وَهُوَ من الْكتب وَهُوَ: الْجمع، وَمِنْه: الكتيبة و [هِيَ] السّريَّة لِاجْتِمَاعِهِمْ. وَمِنْه يُقَال: كتبت البغلة، إِذا جمع بَين شفريها بِحَلقَة. وَقَوله: ﴿بِالْحَقِّ﴾ أَي: بِالصّدقِ فِي الدلالات والإخبارات، والوعد والوعيد. وَقَوله: ﴿مُصدقا لما بَين يَدَيْهِ﴾ يَعْنِي: الْقُرْآن مُصدق لما قبله من التَّوْرَاة وَالْإِنْجِيل. وَإِنَّمَا قَالَ: ﴿لما بَين يَدَيْهِ﴾ ؛ لِأَنَّهُ فِي تَصْدِيق مَا قبله، وَإِظْهَار صدقه، كالشيء الْحَاضِر بَين يَدَيْهِ. ﴿وَأنزل التَّوْرَاة وَالْإِنْجِيل من قبل هدى للنَّاس﴾ فَذكر هَا هُنَا ﴿أنزل﴾ وَذكر فِي الِابْتِدَاء ﴿نزل الْكتاب﴾ ، لِأَنَّهُ أنزل التَّوْرَاة جملَة وَالْإِنْجِيل جملَة، وَنزل الْقُرْآن مفصلا. وَأما التَّوْرَاة أَصْلهَا وورية من الورى، من قَوْلهم ورى الزند إِذا أَضَاء، وَخرجت ناره، وَيُقَال: ورى زندي عِنْد فلَان؛ إِذا أَضَاء أمره عِنْده. فَسمى وورية؛ لضيائها وَكَونهَا نورا، وقلبت الْوَاو تَاء فَصَارَت تورية. وَأما الْإِنْجِيل من " النجل " وَهُوَ الأَصْل فَسمى بِهِ؛ لِأَنَّهُ كَانَ أصلا من الْأُصُول فِي الْعلم. ﴿وَأنزل الْفرْقَان﴾ قيل: هُوَ الْقُرْآن، وَهُوَ المفرق بَين الْحَلَال وَالْحرَام، وَقيل: كل مَا أنزل الله فَهُوَ فرقان؛ لكَونه مفرقا بَين الْحَلَال وَالْحرَام، وَفِي الْآيَة تَقْدِيم وَتَأْخِير، وَتَقْدِيره وَأنزل التَّوْرَاة وَالْإِنْجِيل من قبل، وَأنزل الْفرْقَان هدى للنَّاس. قَوْله تَعَالَى: ﴿إِن الَّذين كفرُوا بآيَات الله لَهُم عَذَاب شَدِيد﴾ " نزلت فِي وَفد نَجْرَان من النَّصَارَى، قدمُوا على رَسُول الله، وَفِيهِمْ السَّيِّد وَالْعَاقِب: كَانَا رجلَيْنِ مِنْهُم، وهم سِتُّونَ رَاكِبًا، وَقيل قَرِيبا من عشْرين رَاكِبًا، فَدَخَلُوا الْمَسْجِد، وَالنَّبِيّ قد صلى الْعَصْر، فوقفوا يصلونَ نَحْو الْمشرق صلَاتهم، فَلَمَّا فرغوا سَأَلَهُمْ رَسُول الله عَن عِيسَى، فَاخْتَلَفُوا فِيهِ، فَقَالَ بَعضهم: الله. وَقَالَ بَعضهم: ابْن الله، وَقَالَ بَعضهم: ثَالِث ثَلَاثَة، فَقَالَ: أَسْلمُوا، فَقَالُوا نَحن مُسلمُونَ، فَقَالَ: كَذبْتُمْ؛ يمنعكم من ذَلِك قَوْلكُم عِيسَى ولد الله. فَأنْزل الله تَعَالَى فيهم بضع وَثَمَانِينَ آيَة، من أول سُورَة آل عمرَان فِي الْحجَّاج، وَالدّلَالَة عَلَيْهِم، ورد قَوْلهم، وَهَذِه الْآيَة من جملها نزلت فيهم ". ﴿وَالله عَزِيز ذُو انتقام﴾ فالعزيز: المنيع الَّذِي لَا يقدر عَلَيْهِ، وَمِنْه: الأَرْض العزاء، وَهِي الصلبة الشاقة المسلك، وَقيل: الْعَزِيز: الْغَالِب الَّذِي لَا يفوتهُ شَيْء، وَمِنْه: يُقَال: من عز بز أَي من غلب سلب، والمنتقم المعاقب على (الْجِنَايَة} ، والنقمة: الْعقُوبَة.
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب