الباحث القرآني

قَوْله تَعَالَى: ﴿وَمَا كَانَ لنَبِيّ أَن يغل﴾ يقْرَأ بقراءتين، فَمن قَرَأَهُ: بِفَتْح الْيَاء وَضم الْغَيْن، فَمَعْنَاه: أَن يخون. قَالَ ابْن عَبَّاس: سَبَب نزُول الْآيَة: أَنه يَوْم بدر فقدت قطيفة حَمْرَاء، فَقَالَ بعض أَصْحَاب رَسُول الله: الرَّسُول أَخذهَا؛ فَنزل قَوْله: ﴿وَمَا كَانَ لنَبِيّ أَن يغل﴾ . وَقَالَ مُحَمَّد بن كَعْب الْقرظِيّ: مَعْنَاهُ: وَمَا كَانَ لنَبِيّ أَن يكتم شَيْئا من الْوَحْي، ويخون فِيهِ. وَفِيه قَول ثَالِث: " أَن النَّبِي كَانَ قد بعث طلائع، فهم ألايعطيهم من الْغَنَائِم ( ﴿١٦١) أَفَمَن اتبع رضوَان الله كمن بَاء بسخط من الله ومأواه جَهَنَّم وَبئسَ الْمصير﴾ شَيْئا؛ فَنزل قَوْله: ﴿وَمَا كَانَ لنَبِيّ أَن يغل﴾ " قَالَ قَتَادَة: أَن يخان مِنْهُ، أَي: لَا تخونوه، وَقيل مَعْنَاهُ: أَن ينْسب إِلَى الْغلُول، وَقيل مَعْنَاهُ: أَن يلقى غلا، وَهَذَا غَرِيب من معنى الْقِرَاءَة الأولى. والغلول: الْخِيَانَة، والغل: الحقد، والغلل: المَاء الَّذِي يجْرِي بَين الشّجر، وَمِنْه قَول الشَّاعِر: (لعب [السُّيُول] بِهِ فَأصْبح مَاؤُهُ ... غللا [يخلل] فِي أصُول الخروع) وَفِي الْخَبَر: أَن النَّبِي قَالَ: " ثَلَاث لَا يغل عَلَيْهِنَّ قلب امْرِئ مُسلم: إخلاص الْعَمَل لله، ونصيحة وُلَاة الْأَمر، وَلُزُوم جمَاعَة الْمُسلمين؛ فَإِن دعوتهم تحيط من ورائهم ". ﴿وَمن يغلل﴾ أَي: وَمن يخن ﴿يَأْتِ بِمَا غل يَوْم الْقِيَامَة﴾ قيل: يَأْتِي مَا غل بِعَيْنِه يَوْم الْقِيَامَة، وَذَلِكَ معنى قَوْله فِيمَا روى عَنهُ: " لألقين أحدكُم يَوْم الْقِيَامَة، وعَلى رقبته فرس لَهُ حَمْحَمَة قد غله، فَيَقُول: يَا مُحَمَّد، يَا مُحَمَّد، فَأَقُول: لَا أُغني عَنْك من الله شَيْئا، أَلا قد بلغت، ولألقين أحدكُم يَأْتِي يَوْم الْقِيَامَة، وعَلى رقبته شَاة لَهَا ثُغَاء، قد غلها، فَيَقُول يَا مُحَمَّد، يَا مُحَمَّد، فَأَقُول: لَا أُغني عَنْك من الله شَيْئا، أَلا قد بلغت، ولألقين أحدكُم يَوْم الْقِيَامَة وعَلى رقبته بعير لَهُ رُغَاء، قد غله، فَيَقُول: يَا مُحَمَّد، يَا مُحَمَّد، فَأَقُول: لَا أُغني عَنْك من الله شَيْئا أَلا قد بلغت ". وَالْقَوْل الثَّانِي: أَنه أَرَادَ بِهِ: يَأْتِي بإثم مَا غل يَوْم الْقِيَامَة، وَفِي الْخَبَر: " أَن رجلا كَانَ على ثقل رَسُول الله، فاستشهد فَقَالَ النَّاس هُوَ فِي الْجنَّة، فَقَالَ النَّبِي هُوَ فِي النَّار؛ فَطلب، فَإِذا هُوَ قد غل عباءة عَن الْمغنم ". ﴿ثمَّ توفى كل نفس مَا كسبت﴾ أَي: جَزَاء مَا كسبت، فالجزاء مُضْمر فِيهِ ﴿وهم لَا يظْلمُونَ﴾ .
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب