الباحث القرآني

قَوْله تَعَالَى: ﴿وأوحينا إِلَى أم مُوسَى﴾ فِي الْقِصَّة: أَن أم مُوسَى لما حبلت بمُوسَى لم يظْهر عَلَيْهَا الْحمل كَمَا يظْهر على النِّسَاء، وَولدت وَلم يعلم بولادتها أحد، وَجعلت ترْضِعه فِي خُفْيَة، ثمَّ إِنَّهَا خشيت أَن يطلع عَلَيْهِ النَّاس ويذبح، فَألْقى الله تَعَالَى فِي قَلبهَا مَا ذكره فِي هَذِه الْآيَة. وَالْوَحي هُوَ الْإِعْلَام فِي خُفْيَة، فَأكْثر الْمُفَسّرين على أَن معنى قَوْله: ﴿وأوحينا إِلَى أم مُوسَى﴾ هُوَ إلهامها، وَألقى هَذَا الْمَعْنى فِي قَلبهَا، وَقَالَ بَعضهم: رَأَتْ ذَلِك رُؤْيا، [وَقَالَ] بَعضهم: هُوَ الْوَحْي حَقِيقَة، وأتاها الْملك بِهَذَا من الله، إِلَّا أَنَّهَا لم تكن نبية. وَقَوله: ﴿أَن أرضعيه﴾ اخْتلف القَوْل فِي مُدَّة الرَّضَاع، مِنْهُم من قَالَ: ثَمَانِيَة أشهر، وَمِنْهُم من قَالَ: أَرْبَعَة أشهر، وَمِنْهُم من قَالَ: ثَلَاثَة أشهر. وَقَوله: ﴿فَإِذا خفت عَلَيْهِ فألقيه فِي اليم﴾ الْخَوْف عَلَيْهِ هُوَ لخوف من الذّبْح. وَقَوله: ﴿فألقيه فِي اليم﴾ اليم: الْبَحْر، وَالْمرَاد مِنْهُ هَاهُنَا على قَول جَمِيع الْمُفَسّرين هُوَ النّيل، قَالَ ابْن عَبَّاس: دعت بنجار واتخذت تابوتا، فَذهب ذَلِك النجار وَأخْبر فِرْعَوْن، وَجَاء بالأعوان، فطمس الله على عينه حَتَّى لم يهتد إِلَى شَيْء، فعاهد مَعَ الله إِن رد عَلَيْهِ بَصَره ليصرفن الأعوان عَنهُ، فَرد الله بَصَره عَلَيْهِ، فصرف الأعوان، ثمَّ إِنَّه آمن بمُوسَى عَلَيْهِ السَّلَام من بعد، وَهُوَ مُؤمن آل فِرْعَوْن، واسْمه حزقيل. وَقَوله: ﴿وَلَا تخافي وَلَا تحزني﴾ أَي: لَا تخافي عَلَيْهِ من الْغَرق، وَقيل: من الضَّيْعَة، وَقَوله: ﴿وَلَا تحزني﴾ أَي: وَلَا تحزني على فِرَاقه. وَقَوله: ﴿إِنَّا رادوه إِلَيْك وجاعلوه من الْمُرْسلين﴾ ظَاهر الْمَعْنى، وَقد اشْتَمَلت الْآيَة على أَمريْن ونهيين وخبرين وبشارتين، أما الْأَمْرَانِ: فَقَوله: ﴿أَن أرضعيه﴾ ، وَقَوله: ﴿فألقيه فِي اليم﴾ ، وَأما النهيان: فَقَوله: ﴿وَلَا تخافي وَلَا تحزني﴾ ، وَأما الخبران: فَقَوله: ﴿وأوحينا إِلَى أم مُوسَى﴾ وَكَذَلِكَ قَوْله: ﴿فَإِذا خفت عَلَيْهِ﴾ وَأما البشارتان: فَقَوله تَعَالَى: ﴿إِنَّا رادوه إِلَيْك وجاعلوه من الْمُرْسلين﴾ ، الْآيَة تعد من فصيح الْقُرْآن.
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب