الباحث القرآني

قَوْله تَعَالَى: ﴿قَالُوا طيرنا بك وبمن مَعَك﴾ أَي: تشاءمنا بك وبمن مَعَك، وَفِي سَبَب قَوْلهم هَذَا قَولَانِ: أَحدهمَا: أَنهم قَالُوا ذَلِك؛ لتفرق كلمتهم، وَالْقَوْل الثَّانِي: أَنهم قَالُوا ذَلِك؛ لأَنهم أَصَابَهُم الجدب والقحط، فَقَالُوا فَقَالُوا لصالح: هَذَا من شؤمك. وَاعْلَم أَن الطَّيرَة مَنْهِيّ عَنْهَا، وَفِي بعض الْأَخْبَار عَن النَّبِي: " لَا عدوى وَلَا طيرة ". وَعنهُ: " أَنه كَانَ يحب الفأل وَيكرهُ الطَّيرَة ". ووفي بعض المسانيد عَن النَّبِي قَالَ: " لَا ينج ابْن آدم من ثَلَاث: من الظَّن، والحسد، والطيرة، فَإِذا ظَنَنْت فَلَا تحقق، وَإِذا حسدت فَلَا تَبْغِ، وَإِذا تطيرت فامضه ". وَفِي بعض الْأَخْبَار: {لَا ينجو من الطَّيرَة أحد، ويذهبها التَّوَكُّل على الله ". وَقد كَانَ أهل الْجَاهِلِيَّة، يَتَطَيَّرُونَ، وَكَانَ الرجل مِنْهُم إِذا خرج لحَاجَة فطار طَائِر، أَو لَقِي شَيْئا، أَو سمع كلَاما يتطير بِذَاكَ، إِمَّا فِي الِامْتِنَاع من ذَلِك الْفِعْل، أَو فِي الدُّخُول فِي ذَلِك الْفِعْل، وَقد قَالَ بعض الشُّعَرَاء شعرًا: (لعمرك مَا تدرى الطوارق بالحصى ... وَلَا زاجرات الطير مَا الله صانع} وَقَالَ الْخَلِيل بن أَحْمد فِي النُّجُوم: (أبلغوا عني المنجم أَنِّي ... كَافِر بِالَّذِي قضته الْكَوَاكِب) (عَالم أَن مَا يكون وَمَا كَانَ ... حتم من الْمُهَيْمِن وَاجِب) وَقَوله: ﴿قَالَ طائركم عِنْد الله﴾ أَي: مَا يُصِيبكُم من الْخَيْر وَالشَّر من الله، وَيُسمى ذَلِك طائرا؛ لسرعة نُزُوله بالإنسان، فَإِنَّهُ لَا شَيْء أسْرع نزولا من قَضَاء محتوم، وَقيل: ﴿طائركم عِنْد الله﴾ أَي: عَمَلكُمْ عِنْد الله، وَسمي ذَلِك طائرا، لسرعة صُعُوده إِلَى السَّمَاء. وَقَوله: ﴿بل أَنْتُم قوم تفتنون﴾ أَي: تبتلون وتختبرون، وَقيل: تعذبون.
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب