الباحث القرآني

قَوْله تَعَالَى: ﴿قَالَ الَّذِي عِنْده علم من الْكتاب﴾ روى أَن هَذَا العفريت لما قَالَ هَكَذَا قَالَ سُلَيْمَان: أُرِيد أسْرع من ذَلِك، فَحِينَئِذٍ قَالَ الَّذِي عِنْده علم من الْكتاب: ﴿أَنا آتِيك بِهِ قبل أَن يرْتَد إِلَيْك طرفك﴾ . وَاخْتلف القَوْل فِي الَّذِي كَانَ عِنْده علم من الْكتاب، فأشهر الْأَقَاوِيل: أَنه آصف ابْن برخيا بن سمعيا، وَكَانَ رجلا صديقا فِي بني إِسْرَائِيل، وَكَانَ يعلم اسْم الله الْأَعْظَم. وَالْقَوْل الثَّانِي: أَنه الْخضر، ذكره ابْن لَهِيعَة، وَالْقَوْل الثَّالِث: أَنه ملك من الْمَلَائِكَة، أوردهُ ابْن بخر، وَالْقَوْل الرَّابِع: أَنه سُلَيْمَان عَلَيْهِ السَّلَام، وَهَذَا قَول مَعْرُوف، وَالأَصَح هُوَ القَوْل الأول. وَاخْتلف القَوْل فِي أَنه بِمَاذَا دَعَا الله؟ فَقَالَ بَعضهم: إِنَّه قَالَ: يَا إلهي وإله الْخلق إِلَهًا وَاحِدًا، لَا إِلَه إِلَّا أَنْت، ائْتِ بِهِ، وروى أَنه قَالَ: يَا حَيّ يَا قيوم، وروى أَنه قَالَ: يَا ذَا الْجلَال وَالْإِكْرَام، وَالله أعلم. وَقَوله: ﴿قبل أَن يرْتَد إِلَيْك طرفك﴾ فِيهِ أَقْوَال: أَحدهَا: أَن يرفع بَصَره إِلَى السَّمَاء، فَقبل أَن يردهُ إِلَى الأَرْض يرى الْعَرْش عِنْده، وَقَالَ بَعضهم: هُوَ أَن يطرف طرفَة، وَقَالَ بَعضهم: هُوَ أَن ينظر إِلَى رجل يَأْتِي، فَقبل أَن يصل إِلَيْهِ ذَلِك الرجل، يكون قد وصل الْعَرْش إِلَيْهِ، وَقَالَ بَعضهم: هُوَ أَن ينظر إِلَى رجل يذهب، فَقبل أَن يرْتَد طرفه من ذَلِك الذَّاهِب، يكون قد وصل إِلَيْهِ. وَفِي الْقِصَّة: أَنه لما دَعَا الله خرق الله الأَرْض عِنْد عرشها، فساخ الْعَرْش فِي الأَرْض، وَظهر عِنْد سَرِير سُلَيْمَان، وَكَانَت الْمسَافَة مِقْدَار شَهْرَيْن، وَقَالَ بَعضهم: إِن الله تَعَالَى أعدم ذَلِك الْعَرْش، وأوجد مثله على هَيئته عِنْد سُلَيْمَان، وَالْقَوْل الأول أولى. وَقَوله: ﴿فَلَمَّا رَآهُ مُسْتَقرًّا عِنْده﴾ قَالَ السّديّ: جزع سُلَيْمَان حِين رأى ذَلِك، وَكَانَ جزعه أَنه كَيفَ قدر ذَلِك الرجل على مَا لم يقدر هُوَ عَلَيْهِ؟ ثمَّ إِنَّه رَجَعَ إِلَى نَفسه، فَقَالَ: ﴿هَذَا من فضل رَبِّي لِيَبْلُوَنِي أَأَشْكُرُ أم أكفر﴾ . وَقَوله: ﴿وَمن شكر فَإِنَّمَا يشْكر لنَفسِهِ وَمن كفر فَإِن رَبِّي غَنِي كريم﴾ أَي: غنى عَن شكره، كريم فِي قبُول شكره وإثابته عَلَيْهِ.
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب