الباحث القرآني

قَوْله تَعَالَى: ﴿وَمَا أرسلنَا قبلك من الْمُرْسلين إِلَّا إِنَّهُم ليأكلون الطَّعَام ويمشون فِي الْأَسْوَاق﴾ . فِي الْآيَة جَوَاب عَن قَوْلهم: مَا لهَذَا الرَّسُول يَأْكُل الطَّعَام ويمشى فِي . الْأَسْوَاق؟ وَهَذَا فِي معنى قَوْله تَعَالَى: ﴿قل مَا كنت بدعا من الرُّسُل﴾ إِن أَنا [إِلَّا] رَسُول مثل سَائِر الرُّسُل، فَإِذا جَازَ أَن يكون سَائِر الرُّسُل آدميين، فَيجوز أَن أكون آدَمِيًّا رَسُولا. وَقَوله: ﴿وَجَعَلنَا بَعْضكُم لبَعض فتْنَة﴾ . فِيهِ قَولَانِ: أَحدهمَا: أَن معنى ﴿فتْنَة﴾ للْفَقِير، فَيَقُول الْفَقِير: مَالِي لم أكن غَنِيا مثله؟ وَالصَّحِيح فتْنَة للْمَرِيض، فَيَقُول: مَالِي لم أكن صَحِيحا؟ وَمثل الشريف فتْنَة للوضيع، فَيَقُول: مَالِي لم أكن شريفا مثله؟ . وَالْقَوْل الثَّانِي: أَن الْآيَة نزلت فِي رُءُوس الْمُشْركين مَعَ فُقَرَاء الْمُؤمنِينَ، وفقراء الْمُؤمنِينَ مثل: عمار، وَابْن مَسْعُود، وبلال، وصهيب، وخباب، وسلمان وَغَيرهم، وَكَانَ الْمُشرك إِذا أَرَادَ أَن يسلم، فكر فِي نَفسه، فَيَقُول: هَذَا دين سبقني إِلَيْهِ هَؤُلَاءِ الأرذال، فَلَا أكون تبعا لَهُم، فَيمْتَنع من الْإِسْلَام. وَقَوله: ﴿أَتَصْبِرُونَ﴾ أَي: فَاصْبِرُوا. وَفِي الْخَبَر أَن النَّبِي قَالَ: " فَإِن فِي الصَّبْر على مَا تكره خيرا كثيرا "، وَهُوَ خبر طَوِيل. وَيُقَال إِن معنى الْآيَة: أَتَصْبِرُونَ أَو لَا تصبرون؟ وَعَن بَعضهم أَنه رأى بعض الْأَغْنِيَاء وَقد مر عَلَيْهِ فِي موكبه، فَوقف وَقَرَأَ قَوْله تَعَالَى: ﴿وَجَعَلنَا بَعْضكُم لبَعض فتْنَة أَتَصْبِرُونَ﴾ ثمَّ قَالَ: بلَى نصبر رَبنَا، بلَى نصبر رَبنَا، بلَى نصبر رَبنَا، ثَلَاث مَرَّات. وَأورد بَعضهم هَذِه الْحِكَايَة للمزني مَعَ الرّبيع بن سُلَيْمَان الْمرَادِي، وَعَن دَاوُد الطَّائِي أَنه ﴿بَصيرًا وَقَالَ الَّذين لَا يرجون لقاءنا لَوْلَا أنزل علينا الْمَلَائِكَة أَو نرى رَبنَا لقد استكبروا فِي أنفسهم وعتوا عتوا كَبِيرا﴾ مر عَلَيْهِ حميد الطوسي فِي موكبه، وَدَاوُد فِي أطمار لَهُ، فَقَالَ لنَفسِهِ: أتطلبين دنيا سَبَقَك بهَا حميد؟ . وروى أَن رجلا مر على الْحسن الْبَصْرِيّ، وَهُوَ فِي هَيْئَة حَسَنَة، وسيادة عَظِيمَة من الدُّنْيَا، فَسَأَلَ من هَذَا؟ فَقيل: هَذَا صِرَاط الْحجَّاج، فَقَالَ: هَذَا الَّذِي أَخذ الدُّنْيَا بِحَقِّهَا. وَقَوله: ﴿وَكَانَ رَبك بَصيرًا﴾ أَي: بَصيرًا بأعمالكم.
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب