الباحث القرآني

قَوْله عز وَجل: ﴿ذَلِك الْكتاب لَا ريب فِيهِ﴾ ، أما قَوْله: ﴿ذَلِك الْكتاب﴾ أَي: هَذَا الْكتاب، كَمَا قَالَ الْقَائِل: (أَقُول لَهُ وَالرمْح يأطر مَتنه ... تَأمل خفافا إِنَّنِي أَنا ذلكا) [أَي] : أنني أَنا هَذَا. وَقيل: هَذَا مُضْمر فِيهِ، وَمَعْنَاهُ: هَذَا ذَلِك الْكتاب الَّذِي وعدتك يَا مُحَمَّد أَن أنزلهُ عَلَيْك على لِسَان الَّذين قبلك، و " هَذَا " للتقريب و " ذَلِك " للتبعيد. فَأَما ﴿الْكتاب﴾ هُوَ الْقُرْآن، وَالْكتاب بِمَعْنى الْمَكْتُوب كَمَا يُقَال: " ضرب الْأَمِير " أَي: مضروبه. ﴿لَا ريب فِيهِ﴾ أَي: لَا شكّ فِيهِ. فَإِن قَالَ قَائِل: كَيفَ أخبر قَالَ: " لَا ريب فِيهِ " وَقد ارتاب فِيهِ كثير من النَّاس، وَخبر الله تَعَالَى لَا يكون بِخِلَاف مخبره؟ يُقَال: مَعْنَاهُ أَنه الْحق والصدق لَا شكّ فِيهِ. وَقيل: هُوَ خبر بِمَعْنى النهى، أَي: لَا ترتابوا فِيهِ. قَوْله تَعَالَى: ﴿هدى لِلْمُتقين﴾ وَالْهدى بِمَعْنى الرشد وَالْبَيَان. وَأما المتقون مَأْخُوذ من الاتقاء وَالتَّقوى. وَأَصله الحجز بَين شَيْئَيْنِ، وَمِنْه يُقَال: اتَّقى بترسه، أَي: جعله حاجزا بَين نَفسه وَبَين مَا قصد بِهِ من الْمَكْرُوه. وَفِي الْخَبَر " كُنَّا إِذا احمر الْبَأْس اتقينا برَسُول الله ". أَي: " اشتدت الْحَرْب " جَعَلْنَاهُ حاجزا بَيْننَا وَبَين الْعَدو. فَكَأَن المتقى يَجْعَل امْتِثَال أَمر الله والاجتناب عَن نَهْيه حاجزا بَينه وَبَين الْعَذَاب فيتحرز بِطَاعَة الله عَن عُقُوبَة الله. فَإِن قَالَ قَائِل: لم خص الْمُتَّقِينَ بِالذكر وَهُوَ هدى لجَمِيع الْمُؤمنِينَ؟ قيل: إِنَّمَا خصهم بِالذكر تَشْرِيفًا، أَو لأَنهم هم المنتفعون بِالْهدى، حَيْثُ نزلُوا منزل التَّقْوَى دون غَيرهم، فَلهَذَا خصهم بِهِ.
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب