الباحث القرآني

قَوْله تَعَالَى: ﴿قد نرى تقلب وَجهك فِي السَّمَاء﴾ هَذِه الْآيَة وَإِن كَانَت مُتَأَخِّرَة فِي التِّلَاوَة لَكِنَّهَا مُتَقَدّمَة فِي الْمَعْنى؛ فَإِنَّهَا رَأس الْقِصَّة. وَسبب نزُول الْآيَة مَا روى جَابر: " أَن النَّبِي بعد مَا قدم الْمَدِينَة صلى إِلَى بَيت الْمُقَدّس سِتَّة عشر شهرا أَو سَبْعَة عشر شهرا وَكَانَ يود أَن يحوله الله إِلَى الْكَعْبَة فَكَانَ يَقُول لجبريل: وددت لَو حولني الله إِلَى الْكَعْبَة؛ فَإِنَّهَا قبْلَة أبي إِبْرَاهِيم، وَكَانَ يَقُول لجبريل: سل رَبك فَقَالَ لَهُ جِبْرِيل: سل أَنْت فَإنَّك عِنْد الله بمَكَان، وَكَانَ كلما نزل جِبْرِيل تردد وَجهه فِي السَّمَاء؛ رَجَاء أَن ينزل بالنسخ ". قَالَ السدى: إِنَّه كلما افْتتح صَلَاة، كَانَ يردد وَجهه فِي السَّمَاء رَجَاء أَن يحوله الله إِلَى الْكَعْبَة، فأقامه الله عَلَيْهِ سِتَّة عشر شهرا، ثمَّ نزل قَوْله تَعَالَى: ﴿قد نرى تقلب وَجهك فِي السَّمَاء فلنولينك قبْلَة ترضاها﴾ أَي: تودها وتهواها؛ لِأَن الْقبْلَة الأولى كَانَت [ترضيه] أَيْضا. ﴿فول وَجهك شطر الْمَسْجِد الْحَرَام﴾ أَي نَحْو الْبَيْت. ﴿وَحَيْثُ مَا كُنْتُم فَوَلوا وُجُوهكُم شطره﴾ أَي: نَحوه. وَفِي الْخَبَر أَن النَّبِي قَالَ: " هَذِه الْقبْلَة وَأَشَارَ إِلَى الْبَيْت ". ﴿وَإِن الَّذين أُوتُوا الْكتاب ليعلمون أَنه الْحق من رَبهم﴾ يَعْنِي التَّحْوِيل إِلَى الْكَعْبَة ﴿وَمَا الله بغافل عَمَّا تَعْمَلُونَ﴾ قَالَ ابْن عَبَّاس: أول مَا نسخ بَعْدَمَا قدم الْمَدِينَة هُوَ الْقبْلَة. وَقيل: أول صَلَاة صليت إِلَى الْكَعْبَة كَانَت صَلَاة الْعَصْر. وروى " أَنَّهَا حولت إِلَى الْكَعْبَة وَكَانُوا فِي الصَّلَاة. وَالصَّحِيح: أَن التَّحْوِيل كَانَ خَارج الصَّلَاة. وَإِنَّمَا كَانَ ذَلِك فِي حق أهل قبَاء؛ فَإِنَّهُم شرعوا فِي صَلَاة الْعَصْر، وَكَانَت صَلَاة الْعَصْر نَحْو بَيت الْمُقَدّس، فَأَتَاهُم آتٍ وَقَالَ: " أشهد أَنِّي صليت هَذِه الصَّلَاة مَعَ رَسُول الله إِلَى الْكَعْبَة؛ فاستداروا إِلَى الْكَعْبَة وبنوا على صلَاتهم ".
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب