قَوْله تَعَالَى: ﴿رَبنَا وَابعث فيهم رَسُولا مِنْهُم﴾ يَعْنِي مُحَمَّدًا، وَفِي الْخَبَر، أَن النَّبِي قَالَ: " أَنا دَعْوَة أبي إِبْرَاهِيم وبشرى عِيسَى " وَأَرَادَ بدعوة إِبْرَاهِيم هَذَا؛ فَإِنَّهُ دَعَا أَن يبْعَث فِي بني إِسْمَاعِيل رَسُولا مِنْهُم.
قَالَ ابْن عَبَّاس: كل الْأَنْبِيَاء من بني إِسْرَائِيل إِلَّا عشرَة: نوح، وَهود، وَصَالح، وَشُعَيْب، وَلُوط، وَإِبْرَاهِيم، وَإِسْمَاعِيل، وَإِسْحَاق، وَيَعْقُوب، وَمُحَمّد صلوَات الله عَلَيْهِم أَجْمَعِينَ.
وَفِي الْقَصَص: أَن لكل نَبِي مِمَّن مضى [اسْما وَاحِدًا] فِي الْقُرْآن إِلَّا نبين يَعْقُوب وَعِيسَى. أما يَعْقُوب لَهُ اسمان: يَعْقُوب، وَإِسْرَائِيل، وَأما عِيسَى لَهُ اسمان: عِيسَى، والمسيح.
﴿يَتْلُو عَلَيْهِم آياتك﴾ يَعْنِي من الْقُرْآن ﴿وَيُعلمهُم الْكتاب﴾ الْقُرْآن ﴿وَالْحكمَة﴾ فِيهَا أَقْوَال:
قيل: الْحِكْمَة فهم الْقُرْآن، وَقَالَ أَبُو بكر بن دُرَيْد صَاحب الجمهرة: الْحِكْمَة كل كلمة زجرتك ووعظتك ونهتك عَن قَبِيح، ودعتك إِلَى حسن، وَقيل: الْحِكْمَة الْفِقْه. وَهَذَا قَول حسن.
﴿ويزكيهم﴾ أَي: يطهرهم، ويجعلهم أزكياء طهرة. وَفِيه قَول آخر: أَنه بِمَعْنى التَّزْكِيَة. يشْهد الرُّسُل بِالنُّبُوَّةِ من سَائِر الْأُمَم وَذَلِكَ أَن مؤمني سَائِر الْأُمَم شهدُوا للرسل بِالنُّبُوَّةِ وتبليغ الرسَالَة فَهَذِهِ الْأمة تزكّى أُولَئِكَ الشُّهُود.
﴿إِنَّك أَنْت الْعَزِيز﴾ قيل: هُوَ الْمُمْتَنع، وَالله مُمْتَنع لَا تناله الْأَيْدِي، وَلَا يصل إِلَيْهِ شَيْء. وَقيل: هُوَ الْقوي الْغَالِب. وَمِنْه قَوْله تَعَالَى: ﴿وعزني فِي الْخطاب﴾ أَي: غلبني.
وَيُقَال فِي الْمثل: " من عز بز " أَي: من غلب سلب ﴿الْحَكِيم﴾ مَعْلُوم.
{"ayah":"رَبَّنَا وَٱبۡعَثۡ فِیهِمۡ رَسُولࣰا مِّنۡهُمۡ یَتۡلُوا۟ عَلَیۡهِمۡ ءَایَـٰتِكَ وَیُعَلِّمُهُمُ ٱلۡكِتَـٰبَ وَٱلۡحِكۡمَةَ وَیُزَكِّیهِمۡۖ إِنَّكَ أَنتَ ٱلۡعَزِیزُ ٱلۡحَكِیمُ"}