الباحث القرآني
قَوْله تَعَالَى: ﴿وَإِذ قُلْنَا لَك إِن رَبك أحَاط بِالنَّاسِ﴾ قَالَ مُجَاهِد أَي هم فِي قَبضته. قَالَ الْحسن: حَال بَينهم وَبَين أَن يَقْتُلُوك أَو يكيدوك بِغَيْر الْقَتْل. فَهَذَا معنى الْإِحَاطَة.
وَقَوله: ﴿وَمَا جعلنَا الرُّؤْيَا الَّتِي أريناك إِلَّا فتْنَة للنَّاس﴾ الْأَكْثَرُونَ أَن هَذِه الرُّؤْيَا هِيَ لَيْلَة الْمِعْرَاج، قَالَه ابْن عَبَّاس، وَمُجاهد، وَقَتَادَة، وَالْحسن، وَسَعِيد بن جُبَير، وَالضَّحَّاك، وَغَيرهم.
فَإِن قَالَ قَائِل: لَيْلَة الْمِعْرَاج كَانَت رُؤْيَة عين لَا رُؤْيا نوم؟ وَالْجَوَاب: أَنه قد صَحَّ عَن عبد الله بن عَبَّاس أَنه قَالَ فِي هَذِه الْآيَة: هِيَ رُؤْيا عين، أسرى بِالنَّبِيِّ تِلْكَ اللَّيْلَة.
﴿والشجرة الملعونة﴾ هِيَ شَجَرَة الزقوم.
قَالَ الشَّيْخ الإِمَام الْأَجَل أَبُو المظفر مَنْصُور بن مُحَمَّد السَّمْعَانِيّ: أخبرنَا أَبُو عَليّ الشَّافِعِي بِمَكَّة قَالَ: أَنا أَبُو الْحسن بن فراس، قَالَ: أَنا أَبُو جَعْفَر الديبلي، قَالَ: أَنا سعيد بن عبد الرَّحْمَن المَخْزُومِي عَن سُفْيَان بن عُيَيْنَة عَن عَمْرو بن دِينَار عَن عِكْرِمَة عَن ابْن عَبَّاس، ذكره البُخَارِيّ فِي صَحِيحه.
وَأما ذكر الرُّؤْيَا بِمَعْنى الرُّؤْيَة هَاهُنَا يجوز؛ لِأَنَّهُمَا أخذا من معنى وَاحِد. وَمِنْهُم من قَالَ: كَانَ لَهُ معراجان: مِعْرَاج رُؤْيَة، ومعراج رُؤْيا.
وَأما معنى الْفِتْنَة على هَذَا القَوْل: أَن قوما من الَّذين آمنُوا ارْتَدُّوا حِين سمعُوا عَن النَّبِي هَذَا، وَفِي أصل الْآيَة قَول آخر: (وَهُوَ) أَن الرُّؤْيَا الْمَذْكُورَة فِي الْآيَة هِيَ " أَن النَّبِي رأى فِي النّوم أَنه قد دخل مَكَّة، فاستعجل، وَسَار إِلَى مَكَّة عَام الْحُدَيْبِيَة محرما بِالْعُمْرَةِ، وَذكر الصَّحَابَة أَنه رأى هَذِه الرُّؤْيَا، فَلَمَّا صد عَن مَكَّة حَتَّى احْتَاجَ إِلَى الرُّجُوع افْتتن بذلك قوم.
وَفِي الْخَبَر الْمَشْهُور، أَن عمر قَالَ لأبي بكر: أَلَيْسَ قد رأى أَنه يدْخل مَكَّة؟ فَقَالَ لَهُ أَبُو بكر: هَل قَالَ: إِنَّه يدْخل الْعَام؟ قَالَ: لَا. قَالَ: سيدخلها. . الْخَبَر إِلَى آخِره.
وَالْقَوْل الثَّالِث فِي الْآيَة: مَا حَكَاهُ الدمياطي فِي تَفْسِيره عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: " رأى النَّبِي فِي مَنَامه كَأَن أَوْلَاد الحكم بن أبي الْعَاصِ ينزون على منبره نزو القرود - وَفِي رِوَايَة (يتداولون منبره تداول الكرة) - فساءه ذَلِك، فَدَعَا أَبَا بكر وَعمر وأخبرهما بذلك، ثمَّ سمع أَن الحكم بن أبي الْعَاصِ يَحْكِي الرُّؤْيَا، فَلم يتهم أَبَا بكر، واتهم عمر فَدَعَاهُ، وَقَالَ لَهُ: لم أفشيت سري؟ فَقَالَ: وَالله مَا ذكرته لأحد؟ فَقَالَ رَسُول الله، كَيفَ وَالْحكم يَحْكِي هَذَا للنَّاس؟ ! فَقَالَ عمر: نَجْتَمِع ثَانِيًا حَتَّى أخْبرك من أفشاه. قَالَ: فجَاء هُوَ وَأَبُو بكر، وقعدا مَعَ الرَّسُول فِي ذَلِك الْموضع، وَجعلُوا يذكرُونَ هَذَا، ثمَّ إِن عمر خرج مبادرا، فَإِذا هُوَ بالحكم يستمع، فَذكر ذَلِك للنَّبِي، فطرده رَسُول الله من الْمَدِينَة، وَلم يأوه أَبُو بكر وَلَا عمر، وَمَا زَالَ طريدا إِلَى زمن عُثْمَان " الْقِصَّة إِلَى آخرهَا. هَذَا هُوَ الرُّؤْيَا الَّتِي ذكر فِي الْآيَة.
وَقد رُوِيَ " أَن النَّبِي مَا روى مستجمعا [ضَاحِكا] مُنْذُ رأى هَذِه الرُّؤْيَا إِلَى أَن مَاتَ.
وَأما الشَّجَرَة الملعونة فالأكثرون أَنَّهَا شَجَرَة الزقوم، فَإِن قيل: أَيْن لعنها فِي الْقُرْآن؟ وَالْجَوَاب: أَن المُرَاد من الشَّجَرَة الملعونة، أَي: الملعون آكلها. وَقَالَ الزّجاج: الْعَرَب تَقول لكل طَعَام كريه: طَعَام مَلْعُون. فعلى هَذَا تَقْدِير الْآيَة: ﴿وَمَا جعلنَا الرُّؤْيَا الَّتِي أريناك) ، وَكَذَلِكَ مَا جعلنَا الشَّجَرَة الملعونة {فِي الْقُرْآن﴾ إِلَّا فتْنَة للنَّاس.
وَأما الْفِتْنَة فِي شَجَرَة الزقوم من وَجْهَيْن: أَحدهمَا: أَن أَبَا جهل قَالَ: إِن النَّار تَأْكُل الشّجر، وَأَن مُحَمَّدًا يزْعم أَن النَّار تنْبت الشَّجَرَة. وَالْوَجْه الثَّانِي: أَن عبد الله بن الزبعري قَالَ: يَا قوم، إِن مُحَمَّدًا يخوفنا بالزقوم، وَمَا نَعْرِف الزقوم إِلَّا الزّبد وَالتَّمْر، فَقَالَ أَبُو جهل: يَا جَارِيَة، هَلُمِّي فزقمينا.
وَالْقَوْل الثَّانِي: فِي شَجَرَة الزقوم أَنَّهَا شَجَرَة الكشوثا الَّتِي تلتوي على الشّجر فتجففه. وَالْقَوْل الثَّالِث: أَن الشَّجَرَة الملعونة فِي الْقُرْآن أَوْلَاد الحكم بن أبي الْعَاصِ، وَهُوَ مَرْوَان وَبَنوهُ.
ذكره سعيد بن الْمسيب، وَأنكر جمَاعَة من أهل التَّفْسِير هَذَا القَوْل، وَالله أعلم.
وَقَوله: ﴿ونخوفهم﴾ أَي: نحذرهم ﴿فَمَا يزيدهم﴾ أَي: مَا يزيدهم التخويف ﴿إِلَّا طغيانا كَبِيرا﴾ أَي: تمردا وعتوا عَظِيما.
{"ayah":"وَإِذۡ قُلۡنَا لَكَ إِنَّ رَبَّكَ أَحَاطَ بِٱلنَّاسِۚ وَمَا جَعَلۡنَا ٱلرُّءۡیَا ٱلَّتِیۤ أَرَیۡنَـٰكَ إِلَّا فِتۡنَةࣰ لِّلنَّاسِ وَٱلشَّجَرَةَ ٱلۡمَلۡعُونَةَ فِی ٱلۡقُرۡءَانِۚ وَنُخَوِّفُهُمۡ فَمَا یَزِیدُهُمۡ إِلَّا طُغۡیَـٰنࣰا كَبِیرࣰا"}
- أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.
أمّهات
جامع البيان
تفسير الطبري
نحو ٢٨ مجلدًا
تفسير القرآن العظيم
تفسير ابن كثير
نحو ١٩ مجلدًا
الجامع لأحكام القرآن
تفسير القرطبي
نحو ٢٤ مجلدًا
معالم التنزيل
تفسير البغوي
نحو ١١ مجلدًا
جمع الأقوال
منتقاة
عامّة
عامّة
فتح البيان
فتح البيان للقنوجي
نحو ١٢ مجلدًا
فتح القدير
فتح القدير للشوكاني
نحو ١١ مجلدًا
التسهيل لعلوم التنزيل
تفسير ابن جزي
نحو ٣ مجلدات
موسوعات
أخرى
لغة وبلاغة
معاصرة
الميسر
نحو مجلد
المختصر
المختصر في التفسير
نحو مجلد
تيسير الكريم الرحمن
تفسير السعدي
نحو ٤ مجلدات
أيسر التفاسير
نحو ٣ مجلدات
القرآن – تدبّر وعمل
القرآن – تدبر وعمل
نحو ٣ مجلدات
تفسير القرآن الكريم
تفسير ابن عثيمين
نحو ١٥ مجلدًا
مركَّزة العبارة
تفسير الجلالين
نحو مجلد
جامع البيان
جامع البيان للإيجي
نحو ٣ مجلدات
أنوار التنزيل
تفسير البيضاوي
نحو ٣ مجلدات
مدارك التنزيل
تفسير النسفي
نحو ٣ مجلدات
الوجيز
الوجيز للواحدي
نحو مجلد
تفسير القرآن العزيز
تفسير ابن أبي زمنين
نحو مجلدين
آثار
غريب ومعاني
السراج في بيان غريب القرآن
غريب القرآن للخضيري
نحو مجلد
الميسر في غريب القرآن الكريم
الميسر في الغريب
نحو مجلد
تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن قتيبة
نحو مجلد
التبيان في تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن الهائم
نحو مجلد
معاني القرآن وإعرابه
معاني الزجاج
نحو ٤ مجلدات
معاني القرآن
معاني القرآن للنحاس
نحو مجلدين
معاني القرآن
معاني القرآن للفراء
نحو مجلدين
مجاز القرآن
مجاز القرآن لمعمر بن المثنى
نحو مجلد
معاني القرآن
معاني القرآن للأخفش
نحو مجلد
أسباب النزول
إعراب ولغة
الإعراب الميسر
نحو ٣ مجلدات
إعراب القرآن
إعراب القرآن للدعاس
نحو ٤ مجلدات
الجدول في إعراب القرآن وصرفه وبيانه
الجدول في إعراب القرآن
نحو ٨ مجلدات
الدر المصون
الدر المصون للسمين الحلبي
نحو ١٠ مجلدات
اللباب
اللباب في علوم الكتاب
نحو ٢٤ مجلدًا
إعراب القرآن وبيانه
إعراب القرآن للدرويش
نحو ٩ مجلدات
المجتبى من مشكل إعراب القرآن
مجتبى مشكل إعراب القرآن
نحو مجلد
إعراب القرآن
إعراب القرآن للنحاس
نحو ٣ مجلدات
تحليل كلمات القرآن
نحو ٩ مجلدات
الإعراب المرسوم
نحو ٣ مجلدات
المجمّع
بالرسم الجديد
بالرسم القديم
حفص عن عاصم
شُعْبة عن عاصم
قالون عن نافع
ورش عن نافع
البَزِّي عن ابن كثير
قُنبُل عن ابن كثير
الدُّوري عن أبي عمرو
السُّوسِي عن أبي عمرو
نستعليق